تحليلات أسبوعية

بين السطور | عيد المرأة بين الشد والجذب

بقلم: الطيب العلوي

    خلّد العالم ومعه المغرب هذا الأسبوع، اليوم العالمي للمرأة، ومن الحكاية والحكمة أن رجلا خرج ذات يوم يبحث عن معنى “كيد النساء”، وهو في طريقه، وجد امرأة واقفة بجانب بئر قديم في مكان مهجور، فاقترب منها بحذر وهي خائفة وسألها: “هل تعرفين ما هو كيد النساء؟”، فنظرت إليه المرأة بخبث وأخذت فجأة في البكاء والصراخ حتى يسمعها أهل القرية المجاورة، فاندهش الرجل وسألها عن سبب صياحها، فأجابته حتى يأتي أهل القرية ويقتلونه(…)، فحافظ الرجل – رغم كل شيء – على هدوئه وقال: “لكني لم آت إلى هنا لكي أؤذيك، بل توسمت فيك الذكاء والبديهة، فجئت أسألك عن معنى كيد النساء ولم تكن لي أي نية سيئة كونك امرأة جميلة”، ثم قامت المرأة وأمسكت بدلو البئر وتسلقت حبله وسكبت ماءه على نفسها، فتعجب الرجل مرة أخرى، وبينما هو يسألها عن سبب فعلها لذلك، أتى أهل القرية يسألونها عما يحدث، فأجابتهم المرأة: “كنت على وشك الغرق في البئر حتى جاء هذا الرجل الطيب وأنقذني”، ففرح الناس وشكروه وقدموا له الضيافة وكافئوه على شجاعته، بعدها سألته المرأة: “هل عرفت الآن ما هو كيد النساء؟”.

فبعيدا عن ذلك الزمن(…)، وحتى عن الزمن الذي كنا نخلد فيه اليوم العالمي للمرأة فقط بتكريم الوجوه النسائية تقديرا لجهودهن في الرقي بمختلف المجالات، أو بالتذكير بالشخصيات الوطنية والعربية وحتى العالمية، اللواتي صنعن التاريخ، وحصدن الإنجازات التي عجز الرجال عن الوصول إليها، فقد أصبح اليوم العالمي للمرأة يعرّي هو الآخر عن تناقضات التصريحات الرسمية: بين رئيس الحكومة الذي أكد أن جهاز الدولة يولي مكانة كبيرة لتعيين النساء في المناصب العليا، مذكرا بأن الحكومة تواصل العمل على دعم الحقوق الأساسية للنساء في المؤسسات وتمكينهن من الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. تصريح جاء في نفس اليوم الذي أفادتنا فيه المندوبية السامية للتخطيط، بأن الفجوة بين النساء والرجال لا تزال كبيرة على مستوى الاستبناك، حيث أن 71 في المائة من الأشخاص المتوفرين على حساب بنكي هم من الذكور مقابل 29 في المائة فقط من الإناث.

وإذا كان السي عزيز يلمح من خلال خطابه في الموضوع، إلى أن الدولة تنوي وضع آليات لتعزيز وجود المرأة في مختلف المؤسسات، سواء البرلمان أو الجماعات الترابية والعمالات، وأن الأحزاب السياسية مدعوة لأن تقوي وتدعم هذه الآليات بمزيد من تعزيز وجود المرأة في مراكز القرار، فإن جواب مندوبية الحليمي(…)، كان ربما فقط لتذكير السيد رئيس الحكومة، بأن النساء المغربيات لسن بالضرورة كلّهن كاللواتي يحمن حوله(…)، أو كاللائي على هامش الموضة التي انتشرت هذه الأيام، حيث تتناوب بعض السياسيات على إعطاء الدروس في الفقر و”الحكرة” لابسات أطقما يفوق ثمنها 100 مليون سنتيم.

وبما أن الحكمة برهنت لنا أن النساء فعلا كيدهن عظيم، فالبلبلة التي أقيمت في نفس اليوم تحت قبة البرلمان، حيث دعا نواب إلى القطع مع الاحتفال بالورود، ومداخلة نائبة رئيس مجلس النواب، خديجة الزومي، خلال نفس الجلسة بالتساؤل: “عن أي شيء تتحدثون؟”، خير دليل على ذلك..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى