المنبر الحر

المنبر الحر | ما هكذا تورد الإبل يا فاطمة !

بقلم: أحمد الجابري

    شاءت الأقدار أن يتعاقب على وزارة السياحة، منذ آخر وزير مشهود له بكفاءته العالية، محمد الدويري، الذي شغل منصب وزير السياحة بين 2002 و2007، وزراء لم يرقوا قط إلى تطلعات وانتظارات المهنيين وأخفقوا في تدبير شؤون قطاع حيوي ساهم حسب معطيات المكتب الوطني المغربي للسياحة لسنة 2019 بحوالي 7 في المائة في الناتج الداخلي الإجمالي و20 في المائة في صادرات السلع والخدمات، كما تقدر مساهمته في التشغيل بـ 550.000 منصب شغل مباشر، أي ما يمثل 5 في المائة من الساكنة النشيطة، وما إعفاء لحسن حداد من منصبه كوزير للسياحة بأمر مولوي في سنة 2017 وفضح المجلس الأعلى للحسابات لـ”رؤية 2020″ للسياحة في سنة 2018، إلا خير دليل على ذلك الفشل الذريع الذي يعزى بالأساس إلى التوزيع العشوائي وغير العادل للحقائب الوزارية وعلى رأسها وزارة السياحة، وبالتالي، إسناد هذه الأخيرة إلى أناس لا يتوفرون لا على الكفاءة المطلوبة ولا الدراية الكافية بخبايا هذا القطاع، ويفتقرون كذلك إلى نظرة استباقية واقعية ورؤية استراتيجية مستقبلية كفيلة بوضع السياحة المغربية في خانة الدول السياحية الرائدة، وذلك بالرغم من المؤهلات السياحية الهائلة التي يتوفر عليها المغرب.

نكبات وكبوات وزارة السياحة لم تقف عند ذلك الحد، بل شيء لها أن تستمر مع تولي العنصر النسوي لحقيبتها.. سيدتان استبشر مهنيو القطاع خيرا في البداية باستوزارهما وعقدوا الآمال عليهما لإدارة معقلنة وواقعية وشفافة لشؤونه، لكن سرعان ما تبخرت الآمال ليتضح جليا أن النهوض والإقلاع بالقطاع السياحي يستلزم إرادة سياسية كبيرة تضع على رأس أولوياتها التحديد الدقيق لتوصيف منصب وزير السياحة وإسناد هذه المهمة إلى الشخص الأكثر كفاءة وجدارة واستحقاقا، فبالأمس القريب، وفي خضم أزمة جائحة “كوفيد 19″، التي أتت على الأخضر واليابس، أبت فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة الحالية، التي لطالما روجت داخل البرلمان لضرورة تشجيع ودعم السياحة الداخلية، إلا أنها تطل على المغاربة بصورة تروج لجزر زنجبار التانزانية حيث قضت إجازتها الصيفية رفقة أسرتها في شهر غشت من السنة المنصرمة، مما جلب عليها وابلا من الانتقادات كان من المفروض أن تقدم على إثرها استقالتها، وذات الوزيرة تعاود الكرة، لكن هذه المرة بفيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعي تظهر فيه وهي ترد عن تساؤلات متتبعيها بخصوص مهنة الإرشاد السياحي التي ينظمها القانون، لتربطها – في محاولة فاشلة لتعريف هذه المهنة وشروط ولوجها – بالممارسة غير القانونية لها من لدن من وصفتهم بالمتوفرين على كفاءات ميدانية لكن لا يتوفرون على شرط التكوين الأكاديمي، أي بمعنى آخر، منتحلو مهنة المرشد السياحي أو ما يصطلح على تسميتهم بـ”الفوكيد”.. فعلى حد تعبير الوزيرة، الإرشاد السياحي هو “مهنة ينظمها القانون يمكن لمن يتوفرون على كفاءات ميدانية لكن لا يتوفرون على أي تكوين، أن يزاولونها في إطار مهيكل”، وهو ما أثار موجة من السخط والاستياء داخل أوساط المرشدين السياحيين المعتمدين وأدانته بشدة نقابتهم الوطنية الحرة واصفة هذا التعريف بـ”المتناقض، القدحي والمسيء إلى المرشدين السياحيين المعتمدين خصوصا منهم خريجو الجامعات والمعاهد العليا”، مستنكرة “هفوة” الوزيرة، وداعية إياها إلى “الاطلاع على المواد 1 و2 و6 من القانون 12-05 المنظم لمهنة الإرشاد السياحي، ثم حذف الفيديو الذي قامت بنشره أو تحيينه بتصحيح ما ورد فيه من معلومات تتعلق حصريا بمنتحلي مهنة الإرشاد السياحي”.

وأضافت النقابة الوطنية الحرة للمرشدين السياحيين المعتمدين بالمغرب – في بلاغ استنكاري أصدرته في هذا الشأن- أن “القانون المذكور أعلاه وضع على رأس أهدافه وأولوياته “جعل مهنة الإرشاد السياحي أكثر مهنية، بواسطة تقوية شروط الولوج للمهنة، ووضع تكوين مطابق للمعايير العالمية للجودة”، وهو ما يبرر بالتالي موقفنا الرافض للسياسة المتباينة التي تنهجها في الواقع الوزارة الوصية ومعها الحكومة إزاء مهنة الإرشاد السياحي، والتي تروم على العكس تبخيسها وإغراقها بمن لا يتوفرون على شواهد ودبلومات تخول لهم إمكانية اجتياز الاختبارين الكتابي والشفوي، ثم تلقي تكوين ميداني لممارسة تلك المهنة التي أصبحت تتطلب أكثر مما مضى، إلماما كبيرا بميادين ومواضيع متعددة وفقا لمتطلبات السياح على اختلاف جنسياتهم وتباين اهتماماتهم.. فما هكذا تورد الإبل يا فاطمة الزهراء عمور !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى