بين السطور | الاتحاد الأوروبي والمغرب وعقدة الاستقرار..


عقد الاتحاد الأوروبي والمغرب، في يوم من أيام شهر يونيو الدافئة(…) من عام 2019، أول اجتماع لمجلس الشراكة بينهما منذ أزيد من 4 سنوات، صُوّرت له فكرة / مسعى من أجل “إعادة إنعاش العلاقات” بين الرباط وبروكسيل، بعد أزيد من أربع سنوات من التشنجات الدبلوماسية بين الطرفين بسبب حكمين صادرين عن محكمة العدل الأوروبية، ورد فيهما أن الاتفاقات التجارية حول الزراعة والصيد البحري لا تنطبق على الصحراء.. وبعد عامين من أزمة “كوفيد”، فترة “كُلّا دّاها فراسو”، تبين أن مجلس الشراكة اليتيم لسنة 2019 لم ينفع في شيء، حيث عاد زمن الأزمات(…) بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في صيغة جديدة، هذه المرة على شكل انفرادي، بمعنى أن كل دولة أوروبية جاءت بأزمتها على حِدة.
فبدءً بعمليات الشد والجذب بين المغرب وفرنسا لمدة ليست بالقصيرة(…)، من أزمة التأشيرات، إلى التقارب الخفي(…) بين فرنسا والجزائر، حيث تواصل توافد المبعوثين الأمنيين من الجزائر نحو فرنسا بشكل متكرر في الفترة الأخيرة لما وجدت مجموعة من الملفات طريقها مباشرة من قصر المرادية نحو الإليزيه(…)، ليبقى السؤال حول ما إذا كانت هذه الإرساليات السرية التي شوهدت حقائبها في كل من مطار الجزائر العاصمة ومطار “أورلي” الباريسي رغم حجبها عن المخابرات(…)، تخص مواضيعها – مرة أخرى – المغرب، أم أنها تُنقل في سياق الجدل السياسي والقانوني الأخير القائم في فرنسا عقب استعداد وزارة الداخلية لطرد أئمة مغاربة بسبب تفعيل باريس لقانون “الانفصالية الإسلاموية” كخطوة أولى من نوعها في تاريخ الجمهورية الفرنسية، تشدد فيها “بلاد الأنوار” قبضتها على العمل الديني والإرشادي في البلاد؟ والفاهم يفهم، أن الجواب ربما يكمن في خبر سبق أن ورد في جريدة “الأسبوع” (انظر ركن “سري” عدد 20 يناير 2023)، والذي تم نشره أياما قبل الإعلان عن زيارة سعيد شنقريحة إلى باريس(…).
وما دامت فرنسا ليست الوحيدة في مقصورة الاتحاد الأوروبي، فلا ننسى أن الأزمات مع المغرب شملت خلال العامين الماضين حتى إسبانيا، التي قبل موسم التراشق بالورود(…)، كانت قد وصلت سنة 2021 إلى برود حاد، فترة اتخذ فيها البلدان باستمرار خطوات تبعدهما، الواحدة تلو الأخرى، عن التفاهم، ولا داعي لذكرها ما دامت سياسة “بارد وسخون” قائمة، كما يُستحسن تجنب طرح ما جرى أيضا مع ألمانيا من قبل، لأن ما يهمنا الآن هو الحاضر والمستقبل، هذا المستقبل المُبهم الذي نرى ملاحمه عبر ابتسامة رئيسة الوزراء الإيطالية بعد خروجها من مكتب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون هذا الأسبوع، كما قد نقرأ مجموعة من التساؤلات في تكثيف الزيارات الرسمية الأخيرة بين الجزائر ومختلف الدول الأوروبية، والتي تزامنت – سبحان الله – مع خروج البرلمان الأوروبي عن سكة الحياد، بالهجمات الواضحة لنوابه في حق المغرب، نوايا شغلها الشاغل محاولة تأزيم الوضع في الصحراء المغربية، ما جعل بحر التساؤلات يمتد إلى دهاليز المسؤولين المغاربة فيما بينهم، حول سبب تجنب المجلس الوطني لحقوق الإنسان الرد على قرار البرلمان الأوروبي، المدين لوضعية حقوق الإنسان وحرية التعبير في المغرب، وسكوت يشير إلى ما إذا كانت بلادنا قد قررت أسلوبا جديدا في فرض الصمت أمام هذا النوع من الملفات(…)، للتعبير عن التحرر النهائي من عقدة الاستعمار، بتوشيح المغرب لنفسه أمام أعين العالم، بوسام الاستقرار(…).