المنبر الحر

المنبر الحر | قطر 2022.. حضارة الإسلام لم تأت من عدم

بقلم: ذ. الحسن العبد

    يعتبر كأس العالم لكرة القدم أهم مسابقة لهذه الرياضة الشعبية العالمية التي تقام عادة كل أربع سنوات منذ سنة 1930، تحت إشراف الاتحاد الدولي لكرة القدم، وبالطبع يتم اختيار البلد المستضيف المؤهل لاحتضان هذا النوع الكبير من التظاهرات، وتحترم بذلك سيادته وثقافته وحضارته من طرف الضيوف، وهو بالمقابل يوفر كل الشروط المادية والمعنوية للفرجة الممتعة والآمنة والمرضية، وهذه الدورة المميزة أنت في ضيافة دولة قطر العربية التي تدين بدين الإسلام، حللت أهلا ووطئت سهلا في أرض العروبة والإسلام، فافعل ما يفعله القطريون..

إذا كانت قطر كدولة مستقلة في الخليج العربي هي من تنظم تظاهرة كبيرة عالمية، فذلك لكونها ذات سيادة على شعبها وإقليمها، ولها سلطة، بمعنى لها الكلمة العليا واليد الطولى على إقليمها وعلى ما يوجد فوقه أو فيه، في كل حال وعند كل الأحوال، والسيادة لغة: من سود، يقال: فلان سَيِّد قومه إذا أُريد به الحال، وسائِدُ إذا أُريد به الاستقبال، والجمع سَادَةٌ (مختار الصحاح)، وفي الحديث قال محمد صلى الله عليه وسلم: “السيد الله تبارك وتعالى” (أخرجه أبوداود)، وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: “أَنَا سَيِّدُ الناس يَوْمَ الْقِيَامَةِ” (أخرجه البخاري)، واليوم قطر سيدة عصرها، تقرر وتختار وتدير الأمور التي تجري بداخل بلادها خلال كل مراحل هذه التظاهرة، بثقافتها وثوابتها بطبيعة الحال ضد كل قذارة(..)، ولا يجب انتهاك هذه السيادة من أي كان، سواء لاعبا أو متفرجا أو غيرهما من المتواجدين بداخل التراب القطري باليد أو باللسان، أو بالشارة والإشارة، ولا معنى ولا حق لأي مظاهرة أو احتجاج ضد كلمة قطر وإرادتها المشروعة التي تضمنها لها كل القوانين الدولية.. أليس المثل الإنجليزي الغربي هو من قال: “أنت في روما افعل ما يفعله أهل روما”، بلى والله، فالرجل هو الكلمة.

تتمة المقال بعد الإعلان

لذلك، لا يجب الاحتجاج بتاتا على خصوصية ثقافة الشعوب، أعني بذلك بعض الوقفات بدول غربية مناهضة لحكمة قطر وحلمها، فهم بوقفاتهم هذه ينادون بثقافة معولمة تحتوي ثقافات الأمم وتقولبها بمفهوم غربي يمكن للمجتمعات الغربية أن تستوعبها شريطة أن تتماهى مع أذواق ورؤية تلك المجتمعات، وهذا هو الاكتساح الثقافي كما يراه البعض من مفكرينا.

إن الاعتراف بثقافة الآخر‏ واحترام سيادة الدول، من نبل الأخلاق، وهو بمثابة الخطوة الأولى نحو تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات‏، بل تمهيدا لإقامة جسور التواصل فيما بينها‏، وهذا هو الهدف النبيل الذي تعمل من أجله الأمم المتحدة‏، وتسعى في سبيله المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك بقضايا الحوار بين الحضارات والثقافات، ولنا في تظاهرة فاس الخالدة خير مثال على ذلك، فالقرآن يعتبر الاختلاف حقيقة إنسانية وحاجة طبيعية لا يمكن قمعها، وعلى هذا الأساس خلق الله البشر في ألسن وثقافات وجنسيات مختلفة، ومن هنا كان لا بد من الحوار، فالحوار هو عملية تواصلية متكافئة بين اثنين أو أكثر بهدف الوصول إلى الحقيقة بعيدا عن الخصومة والتعصب، وهنا يؤكد أحمد الطيب، شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين، أن “الحوار بين أتباع الأديان السماوية في الأمور الفكرية والثقافية، وفيما يخص الأمور الحياتية، هو من الواجبات التي لا يجوز التخلي عنها من جانب أي طرف”.

إن ما يثلج صدر كل عبد مسلم حر، هو كل هذه المجهودات الدعوية الجبارة، التي نتابعها عبر مختلف وسائل التواصل والإعلام، والتي ترافق تظاهرة كأس العالم بداخل الملاعب الرياضية وبخارجها بقطر العربية المسلمة، وتخص التعريف بعقيدة وحضارة وقضايا المسلمين، مستغلة بذلك هذه الجمهرة العالمية لهداية البشرية، بفضل الله إلى سعة هذا الدين ورحمته، فحضارتنا تقوم على الإسلام، حيث “إن الفكر الإسلامي هو الذي بناها وشيدها، وهي حضارة إنسانية تشمل مختلف جوانب الحياة، كما أنها حضارة ربانية تعود إلى العلم الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد استفادت الحضارة الإسلامية من مختلف الحضارات السابقة في قيامها وقد تفوقت عليها، فرفعت من شأن الشورى، والعدالة، والمساواة، والحرية، ومختلف الحقوق الإنسانية، ويمكن القول إن الحضارة الإسلامية هي حضارة نتجت عن تفاعل مجموعة الثقافات الخاصة بالشعوب التي دخلت في دين الإسلام، كما أنها خلاصة تفاعل الحضارات الموجودة في المناطق التي وصل إليها الإسلام، فتحية لقطر القوية بمنازلتها العلمية بكل أدب وبأخلاق إسلامية عاملة بمثلها الشعبي “البيض ما يلاطم حجر”.

تتمة المقال بعد الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى