تحليلات أسبوعية

بين السطور | الغياب شكل من أشكال الحضور

بقلم: الطيب العلوي

    يُقال أن “في بعض الغياب حضور كثيف”، كما يُقال “تفرط أنت في الغياب، وتبدع ذاكرتهم في اختراع الأسباب”، وأيضا “في حضرة الغياب سيدري العابرون إلى قلوبنا كيف هو الجفاء، وكيف يفقد اللقاء رونقه بعد كل انتظار”..

كثيرة وعديدة هي الأقوال والحكم في موضوع الغياب(…)، منها ما قد ينطبق ومنها ما لا ينطبق على حال القمة العربية الأخيرة، والتي لم يعد يخفى على أحد الآن أنه قد غلب عليها طابع الغياب أكثر مما هو “لم للشمل”، إلى درجة أن بدأنا نتساءل ما إذا كانت الأمور في طور تأسيس جامعة عربية جديدة تحت عنوان “جامعة الدول الغائبة”، وبما أن حكمة أخرى(…) تقر بأن الغياب يعد شكلا من أشكال الحضور، فقد تصطف الجامعة الجديدة وراء أفكار ومشاريع مخالفة(…) للجامعة الأصلية، تنعقد قمتها بصفة مستقلة، ربما يكون المغرب حاضنها يوما ما(…).

سيناريو يبدو كاريكاتوريا أكثر مما هو واقعي، لكن لما نستمع للتصريحات التي جاءت من هنا وهناك حتى بعد انتهاء القمة، وللأعذار المتناقضة والقادمة من نفس المصادر، كإدلاء اتحاد المغرب العربي بأن غياب أمينه العام، الطيب البكوش، عن القمة العربية بالجزائر، راجع إلى تلقيه دعوة من الأمين لجامعة الدول العربية دون تلقيه للدعوة من الدولة المنظمة، لاستبدال العذر فيما بعد بأن سبب الغياب يعود إلى تزامن تاريخ القمة مع ندوة أممية إفريقية نظمتها اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة لإفريقيا بشراكة مع اتحاد المغرب العربي، والتي تجمع دول غرب إفريقيا في مراكش! كلها أمور تجعل العديد يخمنون إذا ما كان عدد من الغائبين لا يصطفون فقط وراء مشاريع مغايرة، وإنما وراء المغرب..

تتمة المقال بعد الإعلان

الخلاصة، أن القمة العربية، رغم بيانها الختامي الداعم لمساعي التوصل إلى حلول سياسية لمختلف الأزمات وفق المرجعيات الأساسية وتجديد الهدنة الأممية، تبقى قد أسدلت ستارها كما رفعته(…)، في ظل ظروف إقليمية وعربية تطبعها نزاعات واضطرابات سياسية ومجتمعية كبيرة، بين التوترات المسلحة في سوريا والعراق، والحرب الأهلية في ليبيا بين المنظمات المسلحة المتناحرة فيما بينها، والتدخل السعودي الإماراتي في اليمن في مواجهة الحوثيين، وهي قضايا لا يُقبل في شأنها عذر لأي غياب(…)، ليبقى التساؤل الأبرز، هو ما إذا كان تبادل الاتهامات والهجمات الإعلامية المعادية بين دول المغرب العربي بسبب التطبيع مع إسرائيل، وقضية الصحراء المغربية، وخصوصا القطيعة الدبلوماسية بين المغرب والجزائر، هي المحفز لكل هذا الغياب ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى