المنبر الحر

المنبر الحر | قراءة أولية للقانون المتعلق بالتنظيم القضائي (8)

بقلم: ذ. عبد الواحد بنمسعود   

من هيئة المحامين بالرباط

    من مستجدات القانون المتعلق بالتنظيم القضائي، إحداث لجنة على صعيد كل محكمة لبحث صعوبات سير العمل بها وإيجاد الحلول المناسبة للتغلب على تلك الصعوبات، ويوجد نقيب هيئة المحامين أو من ينوب عنه من ضمن أعضاء تلك اللجنة، وتكون النقابة في دائرة نفوذ تلك المحكمة.

ومشاركة نقيب المحامين في تلك اللجنة لها ما يبررها، باعتبار هيئة المحامين من أسرة القضاء ومن المساعدين للقضاء وللعدالة، وبفعل الممارسة يكون ممثل نقابة المحامين قادرا على عرض الكثير من الصعوبات التي تعتري سير الشؤون الإدارية، والتغلب عليها مما يحقق إنجاز الإجراءات بسرعة ودون معاناة.

بالنسبة للممارسين والمساعدين للقضاء، لا يمكن لهم التدخل في الشؤون الداخلية والمتعلقة بسير المحاكم من الناحية الإدارية، لذلك فكل ما يتعلق بمكتب المحكمة، والجمعية العامة للمحكمة، أي من المادة 19 إلى المادة 34، يبقى شأنا داخليا يرجع أمره إلى رؤساء المحاكم، ويبقى حق الاطلاع، إذ كان مسموحا به، وفعلا فإن الفقرة الأخيرة من المادة 34 تسمح بنشر برنامج تنظيم العمل بالمحكمة على موقعها الإلكتروني.

وصلب الموضوع – في نظرنا – يتجلى فيما حمله القانون الجديد بالنسبة لحقوق المتقاضين وبالاعتماد على الفصل 117 من الدستور، هذا الفصل الذي ينص على أن ((القاضي يتولى حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون))، كما أن المادة 35 من القانون الجديد للتنظيم القضائي تؤكد أن ((القضاة يمارسون مهامهم باستقلال وتجرد ونزاهة واستقامة ضمانا لمساواة الجميع أمام القضاء، ويتولون حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون طبقا لأحكام الفصل 117 من الدستور)).

ولاحظنا من خلال الممارسة، أن بعض السادة القضاة يرفضون مثلا الطلب المتعلق بحضور المطالب بالحق المدني في القضايا الزجرية ومواجهته مع خصمه المشتكى به، والمتابع من طرف النيابة العامة، ويكتفون بحضور دفاعه، مع أن الدفاع ليس بخصم وإنما هو مؤازر للمطالب بالحق المدني، وتضيع حقوق الظنين بسبب عدم مواجهته بخصمه ويحرم من توجيه أسئلة قد تساعد المحكمة على كشف الحقيقة.

لقد شعر المشرع بأن بعض المسؤولين في بعض المحاكم، لا يحسنون مقابلة الوافدين على المحكمة، ويعاملونهم معاملة غير لائقة، ويتذمرون من إعطاء المعلومات عن سير قضاياهم، فأراد أن يعالج هذا الجانب الذي له مساس  بمشاعر المرتفقين وكرامتهم، وحق المتقاضي في الاطلاع على سير قضيته،  فنص بصيغة الأمر أن ((على المسؤولين في المحاكم أن يسهروا على تحسين استقبال الوافدين على المحكمة، والتواصل مع المتقاضين بلغة يفهمونها، وتسهيل الوصول إلى المعلومة القانونية والقضائية طبقا للقانون الجاري به العمل، وتمكين الوافدين على المحكمة من تتبع مسار إجراءات قضاياهم عن بعد في احترام تام للمعطيات الشخصية للأفراد وحمايتها، وإحداث ممرات خاصة ببنايات المحكمة تستجيب للاحتياجات الخاصة للأشخاص في وضعية إعاقة لتيسير ولوجهم، وأن يسهر المسؤولون على إصلاح أعطاب الأجهزة مثل المصاعد، لا سيما وبعض المحاكم تتكون من عدة طبقات يصعب ارتقاؤها، كما أن تلك المصاعد تستخدم في نقل أكوام من الملفات من كتابة الضبط إلى قاعة الجلسات، وهكذا يقوم المصعد بدور حيوي ومهم في سير عمل المحكمة)).

ولاحظنا أيضا خلال الممارسة، أن بعض كتابات الضبط ترفض إعطاء أي معلومات للوافد على المحكمة إذا كان قد نصب محاميا للدفاع عنه في قضيته، وفي نظرنا أن ما يجوز للوكيل يجوز للموكل، خصوصا إذا قدم ذلك الوافد موافقة دفاعه.

إن المشرع في هذا القانون، حرص على مبدأ الحوار والتواصل، لا سيما مع وسائل الإعلام، من أجل تنوير الرأي العام، لا بالنسبة للقضية التي يمكن أن يطلع عليها الرأي العام ولا تمس سرية التحقيق فحسب، وإنما لدحض بعض الإشاعات المغرضة التي تحوم حول وقوع بعض الأحداث وتفسيرها تفسيرا يرمي إلى إحداث الاضطراب والبلبلة.

وبما أن التقاضي على درجتين، فإن قانون التنظيم القضائي نص على حق الطعن في المقررات القضائية وفقا للشروط المقررة قانونا، وبذلك لا يسلم أي مقرر قضائي من المراقبة على حسن تطبيقه للقانون، وكل خطأ في التطبيق ترتب عليه ضرر، يحق للمتضرر أن يرفع دعوى للحصول على تعويض عن الضرر تحمله الدولة.

يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى