تحليلات أسبوعية

بين السطور | تقلبات “بارد وسخون” مستمرّة..

بقلم: الطيب العلوي

    وصْف صادق وصَف به أحد السفراء الذين عمّروا طويلا خارج بلدهم، الدبلوماسية بـ”الكرسي الأول في مسرح الحياة”، ما دام الدبلوماسي يبقى المشاهد الأقرب من ساحة الأحداث التي تتعاقب، ومن التاريخ وما يصنع، حيث إذا ما وقعت واقعة بين بلدين(…)، سرعان ما يتم إخراج السفير الكتوم من سكون دهاليز سفارته، كي تُسلَّط عليه الأضواء وتَشْخَص فيه الأبصار(…)، وتشاء له الأقدار أن يخرج من صفوف المتفرجين(…) ليعتلي الخشبة ويمثل الدور الذي سبق أن تم اختياره للعبه منذ البداية، لذلك، وعموما، إذا كان كل شيء على ما يرام، يتم تعيين سفير جديد ببلد ما قبل إعفاء سابقه، كي لا يعرف هذا الدور الحساس انقطاعاً..

غير أن الحال لم يكن كذلك بالنسبة للسي بنشعبون، الذي قضى بالضبط عاما واحدا ويومين بين ممرات سفارة المغرب بباريس، يعدّ الأيام والأشهر، يخمّم ويخمن(…)، عمّا جرى وقد يجري(…)، إلى أن تم إعفاؤه، عفواً، تعيينه مديراً عامّا لصندوق محمد السادس للاستثمار، تعيين رأى فيه المهتمون، وربما الجميع، سحبا ذكيا للسفير المغربي بفرنسا، ما يؤكد أن الأزمة الباردة والصامتة التي اندلعت منذ أزيد من سنة بين البلدين، قد دخلت هذا الأسبوع منعطفا شائكا جديدا.

إيقاعات “بارد وسخون” لم تقتصر هذا الأسبوع على الصراعات الخفية بين الرباط وباريس فحسب، وإنما شملت أيضا الجارة مدريد: فبعد أن توصلت الأمم المتحدة قبل شهر، بتنبيه من المغرب يؤكد فيه عدم امتلاكه لحدود برّية مع إسبانيا(…)، سرعان ما عادت المواجهة مجددا، لكن الانفراد هذه المرة يتجلى في أول مجابهة بين البلدين حول ملف ذي طابع ترابي منذ أيام “السمن والعْسْل” التي شهدناها خلال النصف الأول من هذه السنة بين الرباط ومدريد، حيث توصلت الأمم المتحدة قبل أيام برسالة جديدة من المغرب، وأخرى من إسبانيا، يؤكد فيها كل طرف أن سبتة ومليلية المحتلتان ضمن أراضيه.

كل شيء قد يبدو لنا عاديا لحد الآن(…)، خصوصا بعد اكتسابنا لمناعة الحذر  الذي بدأنا نعتاد عليه فيما يخص العلاقات المغربية الإسبانية، إلى أن ظهرت بعض الإشارات الغامضة(…)، أبرزها مصادقة مجلس الوزراء الإسباني على تقديم منحة للمغرب، رغم أنه سبق أن رفضها(…)، لمساعدته على مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير النظامية، زيادة على المشروع الذي سمعنا عنه لأول مرة عام 2020، وها هو يعود إلى الطاولة، حول إمكانية زيارة العاهل الإسباني للثغرين المحتلين، قد يجر بلا شك بلاد فيليبي السادس إلى لائحة المغضوب عليهم لدى المغرب، بعد فرنسا، التي رغم أننا في أواخر الشهر العاشر من سنة 2022، ولم نسمع بعد ببرمجة أي زيارة لماكرون التي وعدنا بها(…)، وما خفي أعظم في انتظار الجواب عن السؤال المفتوح(…)، ما إذا كان السيد بنشعبون “آخر سفير” مغربي في باريس على مر العصور ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى