تحليلات أسبوعية

بين السطور | ماذا عن نوايا فرنسا الآن ؟

بقلم: الطيب العلوي

    يُحكى أن شابا كان يعيش مع أمه التي كانت دوماً توصيه منذ صباه، بأن لا يصاحب أبدًا أي شخص “ذا نيتين”، وكلما أوصته بهذا سألها: “كيف لي أن أعرف أن له نيتين؟”، فتجيبه الأم كل مرّة: “هو من سيخبرك بنفسه ولسانه بأن له نيتين”، وبعد وقت، ماتت الأم فحزن عليها كثيرا واعتزل وحيداً يعاني مرارة الفراق، قبل أن يبيع البيت ويشتري بعيراً وسلاحاً استعداداً للسفر والرحيل.

وفي طريقه، التقى برجل مصاب بكسر في الساق، يكاد يموت من العطش، فتوقف عنده وسقاه ماء، وفك عمامته لربط ساق الرجل المصابة، وحمله على ظهر بعيره، وبينما هما يتجاذبان أطراف الحديث في الطريق، سأل الشاب الرجل: “ما الذي أصابك؟ وكيف أتيت إلى هنا؟”، فأجاب: “كنّا في غزوة وانهزمنا، ولمّا أصبت في ساقي هرب عنّي الآخرون”، فأخذ الرجل يسأل الشاب بدوره عن حاله، ليخبره أنه مهاجر كانت لديه أم توصيه دائما بأن لا يصاحب من له نيتان، فقال له الرجل: “أنا ذو النيتين!”، فضحك الشاب غير آبه وسارا معا حتى وصلا إلى بئر، ليقترح الرجل المصاب على الشاب أن ينزل لجلب الماء، فقال له الشاب: “لا يا رجل، أنت مكسور الساق، أنا من سأنزل، فقط اربط الحبل وأنزلني لأملأ فترتوي أنت والبعير أولاً، فلما نزل الشاب إلى أسفل البئر، قطع “ذو النيتين” الحبل فسقط الشاب في قعر البئر، ولمّا صاح الشاب من الأسفل: “الحبل يا فلان!”، رد عليه الرجل من الفوق: “أخبرتك من البداية أن لي نيتان”، فأخذ الرجل البعير والسلاح والمال، وانصرف تاركاً الشاب في قاع البئر وهو يتذكر مقولة أمه..

وإذا كانت الحكاية قادمة من إحدى دول المشرق، فقد تكون حكمتها صالحة بلا شك حتى لدى دول المغرب(…)، حيث ازدواج النوايا ساريا وجارٍ به العمل..

تتمة المقال بعد الإعلان

فبغض النظر عن باقي نوايا فرنسا تُجاه المغرب مثلا، من تقليص تأشيرات الدخول التي تبقى فقط تفصيلا بسيطا في أزمة أعمق(…)، فإن زيارة الرئيس ماكرون للجزائر خلال شهر غشت الماضي، وما عرفته من تبادل في التصريحات الإيجابية(…)، والتي انتهت به إلى زيارة متجر شركة إنتاج موسيقى الرّاي “ديسكو مغرب”، واقتنائه شريطا للشاب حسني، قد رأى في دلالاتها الجزائريون احتفالا لماكرون بإنهاء الجفاء بين الدولتين(…)، أما نحن المغاربة، أو على الأقل المطلعين منّا(…)، فقد أبانت لنا عن النية الأولى لفرنسا تُجاهنا..

أما النية الثانية، فقد تأكدت مؤخرا مع زيارة فرنسية رسمية ثانية في ظرف شهر للجزائر(…)، وهذه المرّة باسم رئيسة الوزراء إليزابيت بورن، كأول زيارة دولية لها منذ توليها المنصب(…)، تعهدت خلالها بدعم الشراكة بين بلدها والجزائر، قائدة فيها لوفد وزاري خلص إلى توقيع ما يزيد عن 12 نصا هادفا إلى تكثيف الشراكة الفرنسية-الجزائرية التي أعادتها “النية الأولى” لزيارة ماكرون للجزائر، دون الحديث عن الوعود التي تم تبادلها بعيداً عن الميكروفونات بشأن الاعتراف أو عدم الاعتراف(…) فيما يخص قضية الصحراء المغربية.

فإذا اتضح لنا هنا من صاحبنا ذي النيتين، على غرار وصية الأم لابنها، أن هذا الصاحب أشار إلينا الآن بنيتيه(…)، فما يبقى علينا بعد “طلوعنا من البئر”، إلا توخي الحذر من كل صاحب نلقاه في طريقنا ونحن على دراية بنواياه الأولى..

تتمة المقال بعد الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى