تحليلات أسبوعية

بين السطور | المغرب أمام المجهول

بقلم: الطيب العلوي

    المجهول عالم لا يُعرَف عنه سوى أنه يحترم الإنسان ولا يذله(…) ما دام الواحد منا يستيقظ كل صباح لتبدأ رحلة أخرى من العذاب والشقاء، ومن بقي غارقا في أحلامه وتأملاته، سرعان ما ينبهه إما الاصطدام بصخرة تزلزل قاربه بأكمله، وإما بالجثث التي تطفو على السطح..

وكما هو حال البشر مع المجهول، زيادة على تطورات “بارد وسخون” فيما يخص السياسة الخارجية(…)، كذلك الأمم، فالمغرب لم يفلت هو الآخر من قانون الاستفهام هذه الأيام، من خلال التساؤلات المطروحة بصفة منتظمة بين ما أفرزته استحقاقات 2021 من انسداد سياسي، وبين مستقبل حكومة تطفئ شمعتها الأولى أمام خيبة أمل شعب وقوى سياسية مجتمعة تحت مظلة إطار تنسيقي مدروس(…)، حتى تبادرت إلى أذهان جميع المغاربة، بعد سنة بالتمام والكمال من توزيع وعود سميت بالوردية، أسئلة مبنية على ما هو أعمق من الحصيلة(…)، عن مستقبل يلفُّه الاستفهام.. أمور تزيد الأخرى تعقيدا، واستنتاجات بغض النظر عن الظروف العالمية الحالية، تبين من خلالها نوع من النقص في جرأة اتخاذ بعض القرارات الصعبة، كالضرب المباشر لجيوب الانتهازيين والمصلحيين وتضارب المصالح، جرأة ربما كانت ستجنبنا قرارات من نوع آخر، تلك التي تقصف جيوب المواطنين.

الاستفهام والتساؤل والتعجب، لم يعد يخص المجتمع المدني فحسب، فحتى كبار المسؤولين باتوا في حيرة من أمرهم، إذ بدأوا يلمحون في كل خطاباتهم إلى أن الظرفية متسمة بعدم اليقين وليست مواتية لأي شيء، كما سمعنا هذا الأسبوع من خلال خطاب السيد عبد اللطيف الجواهري أمام مسؤولي غرف التداول بالبنوك، فيما يخص تأجيل الانتقال إلى المرحلة المقبلة من تعويم الدرهم، بعد أن كان التعويم محفّزا للجميع، لكن على الأقل، تبقى لحالة والي بنك المغرب مبررات معقولة، حيث عرف الدرهم انخفاضاً في قيمته بسبب الحركية الكبيرة جدا للواردات، لتبقى حتى العملة الوطنية -في هذه الحالة -تتساءل عن نفسها(…)، كيف لها أن تنخفض رغم الزيادة الكبيرة هذا العام في مداخيل السياحة والمغاربة المقيمين بالخارج.

والتساؤلات لم تسكن نفوس البشر فحسب، بل لم يخلُ منها أي قطاع، وها هي تستمر فيما يخص موضوع المحروقات، بعد أن كشف مجلس المنافسة عن وجود مزيد من الاختلالات في سوق “المازوط”، بعد أن اتضح وضوح الشمس تحكم شركات التوزيع في السوق الوطنية في شبه غياب للمنافسة(…)، مستفيدة من ارتفاع ثمن المحروقات على الصعيد الدولي، لتبرير ما عليها تبريره كي تصل لمبتغاها الحالي، وهو استحواذ هذه الشركات، التي لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة(…)، على ما يقارب 70%؜ من الواردات.

بعض الأفكار والتصورات الحالية حول المستقبل، والتي تقطن عقول الأكثر تشاؤما منّا، من شأنها أن تحول حياتهم إلى جحيم لا مبرر له.. لكن ما يستدعي القلق من أمر قد يحدث أو لا يحدث، هو الداعي إلى جعل الحاضر قاتماً(…)، بسبب القلق المستمر حول مستقبل لا نعرف هل سيكون مضيئا أم لا.. قلق بات وليد التعايش الطويل مع المشاعر السلبية، لا يكُف عن صبغ الحاضر بلون داكن تستحيل معه رؤية أي بصيص من ضوء المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى