تحليلات أسبوعية

بين السطور | الصحراء رهينة “العالم الافتراضي”

بقلم: الطيب العلوي

    حديث اليوم كله يدور حول ما يسمّى بالعالم الافتراضي، وهو تكاثف لأحدث التقنيات التي تنقلنا من عالمنا الواقعي الذي نعيشه إلى عالم جديد(…)، حيث سيمكننا التنقل وبنقرة زر واحدة، عبر الزمان والمكان، للعيش والتفاعل والممارسة كحال الحياة الواقعية، لكن في أشكال خيالية من خلال شخصيات افتراضية يصنعها الناس لأنفسهم.

إن العالم الافتراضي أو “الميتافيرس”، يستمد أسسه من كل معطيات الأنترنيت، وتوجهاته تشير في نفس الوقت إلى تحوّل قادم خلال السنوات الخمس المقبلة في كيفية استخدامنا له، ليبقى الاختلاف الأبرز بينهما هو “التواجد”، أي الشعور بالتفاعل الجسدي مع الأماكن والأشخاص بدلا من الاكتفاء بمشاهدتها عبر شاشة الهاتف المحمول أو الحاسوب.

وما دمنا في الوقت الفعلي وفي مكان لعل صبيب الأنترنيت يتحمّل فيه نقل المعطيات الحالية(…) قبل نقل صوت وصورة وأحاسيس عالم ثلاثي الأبعاد، فعلينا التساؤل أولا حول الخلفيات السياسية التي يمكن للعالم الافتراضي المقبل أن يأتي بها(…)، ما دمنا من بين ضحايا الأنترنيت العادي، من تلاعبات في الخرائط والتغيرات اليومية في الآراء والأقوال والبيانات والتوضيحات(…) التي نخضع لها من لدن الجهات الخارجية.

المشكل الحالي مع الويب والتقنيات الحديثة، هو أن كل شيء أصبح قابلا للتعديل وللمسح(…)، من تركيب وإعادة تركيب للصور والأصوات والفيديوهات، ومؤخرا.. حتى بعض القرارات الرسمية والبلاغات الموقعة من طرف الجهات الرسمية، إذ لم نعد نميز بين الصواب والخطأ، وآخر ما يمكن ذكره في الموضوع، الموقف المرتبك لرئيس كينيا الجديد، ويليام روتو، من قضية الوحدة الترابية للمغرب، بعدما أعلن في تغريدة أعقبت تنصيبه، عن سحب اعتراف بلاده بالبوليساريو، إلى حد أن خصصت الصحافة الأوروبية حيزا هاما من موادها للموضوع، واعتبرت أن الموقف الكيني يشكل “نقطة تحول هامة” في تطور ملف الصحراء المغربية بإفريقيا، وأن “الرئيس الكيني يعزز أكثر الموقف الإيجابي ومصداقية مبادرة الحكم الذاتي المقترحة من طرف المملكة لتسوية النزاع حول الصحراء المغربية”، مشيرة إلى أن كينيا من أهم الفاعلين والأكثر تأثيرا في القارة.

إلا أن تراجع وحذف المنشور الرئاسي بعد ساعات قليلة من نشره (التردد الذي تسمح به وسيلة الأنترنيت) دون الحديث عن خباياه ولا خلفياته(…)، وما تبعه من منشور دبلوماسي منسوب إلى ماشاريا كاماو، السكرتير الرئيسي لوزارة الخارجية الكينية، والداعي إلى الأخذ بإطار الأمم المتحدة وقرارات الاتحاد الإفريقي فقط كمرجع في ملف الصحراء.. كلها أمور وأحداث تجعلنا نستنتج أن الخيار الأكيد، هو التوقف هنا والتضحية بالتقدم التكنولوجي – ما دام أنه أصبح أسلوبا من بين أساليب التلاعب الجديدة(..)- بمعنى الاكتفاء بما لدينا من تقنيات ما دمنا أصبحنا من ضحاياها رغم بطء الصبيب، لأنه لو كنا في عالم “الميتافيرس” بالفعل، لما كنا ضحايا الصوت الصورة والأحاسيس أكثر مما هو عليه الأمر اليوم، ولما كانت خيبة الأمل كل مرة أشد مما هي عليه..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى