تحليلات أسبوعية

بين السطور | العيد الذهبي

بقلم: الطيب العلوي

    عجلة التغيير لا تقف..فما كان يقلقنا بالأمس ويؤثر فينا، لم يعد كذلك اليوم، وكثير من الأفكار كانت تقيدنا معتقدين أن حدوثها قد ينقص من قيمتنا أو يجعلنا في دوامة الغضب، حتى وجدنا أنفسنا أكثر نضجا وقابلية لها، وأكثر حنكة في التصرف معها.

الحالة نفسها تنطبق على تاريخنا مع العيد الكبير، فبين الزمن الذي أصبح يعيشه المغاربة، والذي الله وحده يعلم كيف ستتعامل فيه الأسر مع ما بعد الأضحية من متطلبات(…)، التي جاءت لتكرس أزمتهم المالية في هذه الظرفية الصعبة، وبين الزمن الذي ما فتئ يعيد إلى الأذهان ذكرى الأمس القريب، لما تدخل الراحل الحسن الثاني عام 1963 لإلغاء عيد الأضحى قصد التفرغ لحرب “الرمال” مع الجزائر(…)، ليعيد الكرّة سنة 1981، بهدف تجنب ما سمي بـ”الكارثة الوطنية”، ومرة أخرى عام 1995 بفسخ هذه السُنّة المؤكدة بسبب الجفاف، بين ذلك الزمن وبين زمننا هذا، يمكن القول بأن الأمور، وخصوصا المنطق(…)، فعلاً تغيّر منذ ذلك الوقت.

تغيّر هذه المرّة بالتأكيد، بعد اجتياز المغاربة لامتحان “كورونا”، حيث نجحوا في التمرين الأول قبل عامين، عندما فتحت الحكومة السابقة أسواق الماشية وأمرت بترقيم الأضاحي رغم أن تلك الفترة عرف إبانها أعداد المصابين بفيروس “كوفيد-19” ارتفاعاً صاروخيا سمّي فيما بعد بالذروة أو “الموجة”، أسفر آنذاك عن ليلة صاخبة سميت بليلة الهروب الكبير، وبعد إنجازهم للتمرين الثاني قبل عام – هذا الذي لا نعرف بعد إذا ما نجحنا فيه – عندما اختلطت أوراق عيد الأضحى بالأوراق السياسية(…) قبيل الانتخابات، ما أدّى دون شك إلى ما نعيشه اليوم.

تمارين خلفت بصمتها في نفوس الجميع، ولم يعد العيد “يخلع” أحداً كيفما كانت الظروف، وأصبحت الأسواق حتى الحضارية منها تخصص “باركينگات” تعرض فيها ماشيتها، وامتلأت المدن بالأكباش(…) حتى أصبحنا نتساءل ما إذا كان عدد الأكباش يتعدى عدد البشر(…)، وخاضالكسّابة مسابقات أسمن وأكبر كبش في كل منطقة، وعادت أسواق الأضاحي بالمغرب تعج بالمواطنين الساعين إلى إحياء سنّة النحر، في الوقت الذي تخلو فيه من الزبائن في العديد من الدول الإسلامية الأخرى.

لم تعد الأسباب المادّية ولا حتى السياسية تؤثر فينا أمام العيد الكبير وكأن كل شيء على ما يرام في هذا العيد الذي يستحق تسميته بالذهبي.. ذهبي كدفاتر التوقيع(…)التي لم تتردد الأمم المتحدة في الإشهاد بها في حق المغرب وفي هذه المناسبة(…)، بعد أن نفت وجود أي قيود على تحركات مبعوثها للصحراء، ستيفان دي ميستورا، مؤكدة أن قراره عدم التوجه إلى الأقاليم الجنوبية خلال زيارته للمغرب أمر يعود إليه(…)، وأنه يتطلع للقيام بذلك في زياراته القادمة، مشيدة بهدف تحريك المسار السياسي في المنطقة، مزيلة كل ما راج على خلفية هذه الزيارة، بعد أن وجهت الجارة اتهامات جديدة من نوعها(…) للمغرب.

نكهة العيد الكبير “الذهبي” لهذه السنة، تميزها أيضاً النتائج الكروية الإيجابية، في انتظار مشاركة المغرب في نهاية كأس العالم(…)، إذ لا يمكن تجاهل فوز فريق الوداد بلقب عصبة الأبطال الإفريقية، وفوز نهضة بركان بكأس الاتحاد الإفريقي، وأيضا فوز المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة بكأس العرب، فضلا عن تألق المنتخب النسوي لكرة القدم في نهائيات كأس أمم إفريقيا، رغم أننا نعرف جيداً أن إنجازاتكهاته لن يتم تكريسها في عيون “الأشقاء” إلا بعد تحقيق نتائج أفضل في كأس العالم(…).

ومع ذلك، يصر أغلب المغاربة على المشاركة شخصياً في طقوس العيد، حيث يتحوّل النجار والخضّار والمحامي والأستاذ وغيرهم، إلى جزارين مؤقتين(…)، حتى يُخيل للمتتبع أن كل مغربي يريد أن يذبح كبشا لوحده مهما كان الثمن أو القرض(…)، رغم أن السُنة يكفي فيها كبش واحد، يذبحه أمير المؤمنين نيابة عن الشعب..

عيد مبارك سعيد، سواء تعلق الأمر بسؤال المصداقية أو سؤال الجدية..

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى