تحليلات أسبوعية

بين السطور | سقف الأرباح و”سقف” السمعة

بقلم: الطيب العلوي

    يُقال أن السمعة أسوأ من الظل، كونها ترافق الواحد طيلة حياته، وتلتصق بالإنسان إما بصورة حسنة أو سيئة(…)، وقد قام عليها المجتمع كواحدة من أبرز الأسس وأشد القوانين(…)، وإذا كانت السمعة لدى الأشخاص تُؤخذ بعين الاعتبار في الوظيفة والزواج والحفلات والدعوات(…)، ففي مجال السياسة، كانت وستبقى الركيزة الأولى لتنظيم العلاقات بين المجتمعات والدول، وإذا ربطنا مفهوم السمعة بالسياسة، فسينتج عن هذا تسلسل طويل لاستنتاجات عباقرة الزمن، بين حكمة هنري كيسنجر المُقرّة بأن “تسعين في المائة من السياسيين يعطون للعشرة الباقية منهم السمعة السيئة”، ومقولة شارل ديجول: “لقد توصلت إلى نتيجة أن السياسة موضوع أخطر بكثير من أن نتركه للسياسيين”، خصوصا لما تكتمل الأمور بفكرة الكاتب البريطاني جورج أوريول، المؤكدة على أنه “في عصرنا، لا يوجد شيء اسمه بعيدا عن السياسة، كل القضايا هي قضايا سياسية”. إلا أن سمعة السياسيين لدينا(…)، كانت دائماً تُنشر وتُذاع في إطار التراشق بالحجارة، إما في البرلمان بين النواب، وبين الأحزاب قبل الدخول للبرلمان نفسه(…)، أو عبر تعاليق على مواقع التواصل الاجتماعي المفعمة بالغيرة على الوطن(…)، وكيفما كان نوعها، تقتصر على المفهوم الغربي:Le linge sale

se lave en famille، بمعنى أن الملابس المتّسخة يتم غسلها داخل البيت، بصيغة حميمية(…) بعيدا عن أنظار الآخرين..

أما الآن، فقد أصبحنا نلاحظ أن ملابسنا المتّسخة بدأت تُعرض منذ أيام أمام مَرأَى الآخرين، بعد أن كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية في مقال مطوّل(…) لها، عما يُوجَّه للسيد عزيز أخنوش من اتهامات بتضارب المصالح بين السياسة والأعمال(…)، ونشرت غسيله(…) بالموازاة مع لهيب أسعار المحروقات في المغرب، باعتباره صاحب “قطب النفط” وفي نفس الوقت رئيساً لحكومة البلاد، ما يضعه مرة أخرى في ورطة بسبب ازدواجية القبعات، خصوصا لما تُحيط النقابة الوطنية للبترول والغاز الجميع علما بأنه منذ تحرير قطاع المحروقات من دعم الدولة، فاقت أرباح الموزعين خمسا وأربعين مليار درهم في العام الماضي كما جاء على لسان كاتبها العام، الحسين اليماني، الذي لم يتردّد في نشر ما اتسخ(…)،  والإعلان عن أنه: “مهما كان سبب ارتفاع سعر البرميل، سواء حربا أو نقصا أو وباء، فإن الموزعين يأخذون أرباحهم كما لو أن شيئا لم يحدث”.

فبغض النظر عن انتقادات الحكومة بشأن العجز عن إعادة تشغيل مصفاة “لاسامير”، التي لا حول لها ولا قوة(…)، والتي – في حالة إعادة تشغيلها – كانت ستخفض سعر الوقود لفائدة المواطن بأكثر من درهم واحد في اللتر، لكون النفط الخام المستورد أرخص من السعة التخزينية التي هي أعلى من قدرات شركات النفط، وبغض النظر عن كل شيء(…)، نود فقط تنبيه الوزير العزيز(…)، إلى أن السمعة لم تعد تقتصر على تعليقات المواطنين، بل إنها اخترقت جدران الأحياء، للوصول حتى أسلاك الحدود(…)، التي يُنشر عليها ما اتسخ من أثواب(…)، ونذكره مرّة أخرى، إذا ما طال الحديث حول مراكمة الشركات المتحكمة في السوق لأرباح كما وصفتها الفرنسية “لوموند” بـ”الخيالية”.. بأن من سقطت سمعته سقط من أعين الناس(…)، وأن السمعة تسبق الأشخاص ولا تشترى بمال..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى