هل تتراجع إسبانيا عن دفع المعاشات للبوليساريو ؟
عبد الله جداد. العيون
كشفت بيانات وزارة الدفاع الإسبانية قبل أيام، أن إسبانيا تنفق ما مجموعه 6 ملايين أورو كل سنة على معاشات تقاعدية لقدماء المحاربين المنحدرين من الصحراء، والذين خدموا في القوات البرية وحراسة الحدود والشرطة الإسبانية قبل إنهاء الاستعمار بالمنطقة، وتم تسجيلهم كمتقاعدين في صفوف قواتها المسلحة.
بعد المسيرة الخضراء، التحق بعضهم بجبهة البوليساريو، وسجنت غالبيتهم آنذاك خوفا منهم وتشكيكا في ولائهم، باعتبارهم كانوا مدربين وحاملي سلاح تخشى معارضتهم كما فعل الكثيرون ممن بقوا أو عادوا للمغرب، ومعروف أن البوليساريو استغلت ملفاتهم سياسيا، وتاجرت بوثائقهم، حيث كانت تبيعها تمثيلياتها بإسبانيا للأجانب بمبالغ طائلة ليقدموها للسلطات الإسبانية، كأبناء هؤلاء المتقاعدين للحصول على الجنسية.
والأكيد أن المعاشات الخاصة بهؤلاء ستبقى تحت إدارة وزارة الدفاع إلى حين التخلص من تبعاتها، وستستمر بسدادها كما دأبت على ذلك منذ سنة 1977، لكن الغريب، يكمن في أن إسبانيا وهي تدفع معاشات المتقاعدين، تجد من أوائل المستفيدين، قياديين بجبهة البوليساريو وعلى رأسهم إبراهيم غالي، ممن يدعون قيام دولة وهمية، بينما يقتاتون على معاشات وصدقات الدول، وموائد اللئام من المحرضين على مصالح المملكة المغربية، استفاد كبار قياديي جبهة البوليساريو كما استفاد أتباعهم من تلك المعاشات، ومن وثائقها التي سهلت حصولهم على الوثائق الثبوتية الإسبانية والتطبيب داخل إسبانيا، والتنقل بعموم تراب أوروبا.
وفي سنة 2020، قررت إسبانيا تجميع جميع المعاشات بمختلف أنواعها، تحت لواء وزارة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة، لكن هذا القرار لم يشمل المعاش المتعلق بالمنحدرين من الصحراء، الذي بقي تحت إمرة وزارة الدفاع، وهو ما اعتبره المتتبعون قرارا سياديا يخص الإبقاء على تلك المنح كريع سياسي، لإسكات بعض الأبواق المدافعة عن البوليساريو من الداخل، لكنه يفهم منه أيضا بشكل واضح، أن إسبانيا ماضية بشكل رسمي في التخلي عن ملف الصحراء عموما، وأن عزل ملف التقاعد عن باقي الملفات هو إشارة إلى الانكباب على التخلص من تلك التركة الثقيلة والمكلفة لقضية الصحراء، والتي جرت عليها أزمات سياسية هي في غنى عنها.
وقد ظهرت بوادر ما سبق، بالإعلان الإسباني عن عدم وجود علاقة لها بمنطقة الصحراء رسميا، وبأنها لم تعد مرتبطة بها منذ سنة 1975، وأنها لا تديرها من قريب ولا من بعيد، لأن الصحراء في مغربها وستبقى كذلك، قبل أن تزكي توجهها بالاعتراف الرسمي بمبادرة الحكم الذاتي كحل نهائي لملف الصحراء قبل أيام، وتلغي كل مظاهر الابتزاز السياسي المعهودة سابقا، بما فيها تصحيح الخرائط الرسمية لدى الحكومة الإسبانية.
وحسب لوائح وزارة الدفاع الإسبانية، ووفقا للبيانات الرسمية، ففي سنة 2021، كان هناك 1102 شخصا تلقوا من الخزينة الإسبانية ما مجموعه 5 ملايين و800 ألف أورو، وفي سنة 2016 مثلا، كان هناك 1338 شخصا استفادوا من 6 ملايين و635 ألف أورو، وسنة 2017 دفعت إسبانيا لـ 1315 شخصا، وسنة 2018 لـ 1295 شخصا، وسنة 2019 دفعت لـ 1298 شخصا.