تحليلات أسبوعية

بين السطور | اللهيب قائم.. فهل تتبدل الوجوه ؟

بقلم: الطيب العلوي

    يُحكى أنه في زمن سيدنا عمر بن الخطاب، جاءه قوم يستنكرون ارتفاع الأسعار(…)، فقالوا له: “نشتكي إليك غلاء اللحم فسعّره لنا”، فردّ عليهم: “أرخصوه أنتم”، فقالوا: “نحن نشتكي غلاء سعر اللحم عند الجزارين ونحن أصحاب الحاجة، فتقول أرخصوه أنتم؟ وهل نملكه حتى نرخصه؟ وكيف نرخصه وهو ليس في أيدينا؟”، فأجابهم: “اتركوه لهم !”

بعد وفاة عمر رضي الله عنه، وبعد سنوات حكم عثمان بن عفان، تم تنصيب سيدنا علي بن أبي طالب، كخليفة رابع على المسلمين، وعاد مشكل غلاء مستوى العيش من جديد(…)، وقال رزين بن الأعرج في الموضوع: “غلا علينا الزبيب بمكة، فكتبنا إلى علي بن أبي طالب بالكوفة أن الزبيب غلا علينا”، فأجابنا كِتابياً: “أرخصوه بالتمر”، ويعني هنا استبداله بشراء التمر الذي كان متوفراً بكثرة آنذاك وأسعاره معقولة(…)، وبذلك سيقلّ الطلب على الزبيب وسينخفض ثمنه، وحتى لو لم يهبط، فسيبقى التمر خير بديل.. ليكون الخليفتان، رضي الله عنهما، قد أعطيا لقوم يفقهون(…)، نظريتين مختلفتين، وكلاهما صائبتان للتعامل مع ارتفاع الأسعار: الأولى تقر بترك السلعة، والثانية بإرخاصها عبر استبدالها بأخرى.

وبعد مرور قرون على حكم الخلفاء الراشدين على المسلمين، جاء وقت سيران حكومة “الأحرار” على المغاربة، الذين يعانون بدورهم من لهيب الأسعار، في وقت قل فيه الطلب على التمر والزبيب لصالح المازوط والمحروقات، مواد يصعب تركها في هذا الزمن، ولا يمكن استبدالها(…)، ما دمنا حتى ولو راودتنا فكرة الحماقة المضحكة لاستبدال الوقود بالماء، فقد بدأت الدولة في التلميح للمواطنين، عبر تكثيف اجتماعاتها بتنسيق مع الداخلية في إطار تتبع تداعيات شح التساقطات المطرية، بوضع خطة مستعجلة لتقليص الإفراط في استعمال المياه، والتفكير في حل “الماء في الصنابير بالوقت”.

وحتى من لا يحتاج إلى مازوط ولا إيصانص، ويكتفي في تنقلاته بالمشي على الأقدام، فلن يفلت من الارتفاع الصاروخي لأثمنة ما يحتاج، حيث عرفت العديد من السلع والمواد الأساسية، زيادات خرافية، همّت قنينة الزيت 5 لترات بـ 90 درهما وكذلك الزبدة، ومادة السميدة 13 درهما، والأرز 20 درهما، والفاصوليا بـ 14 درهما، والحمص 13 درهما، دون الحديث عن القمح، الذي لولا المشكل القائم بين روسيا وأوكرانيا، لما عرف المغربي أنه “يمضغ” يومياً القمح الأوكراني، بعد أن هددت الحرب الوشيكة بين الجارتين، باضطراب محتمل في تصدير القمح من روسيا وأوكرانيا إلى المغرب، الذي عرف مواطنه “حتا لدابا” أنه يستورد منهما حوالي مليون طن من القمح سنوياً، وفق موقع أوكراني(…) يُعْنَى بإحصاء الصادرات.

في عز هذا اللّهيب.. الآن وبعد مضي أزيد من 4 أشهر على تولي رجال الأعمال الحكومة، “ما كرهناش” الاستماع هذه الأيام لرأي السيد فوزي لقجع في الموضوع، والذي سبق أن رفض خلال شهر أكتوبر الماضي، تحميل حكومة أخنوش مسؤولية ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، لمّا صرّح: “من حقي أن أتساءل هل من الموضوعي أن ننسب إلى حكومة لم تكمل شهرها الأول الزيادات المسجلة في الأسعار؟”، و”دابا..” ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى