تحليلات أسبوعية

بين السطور | “خلّي داك الجمل راݣد”

بقلم: الطيب العلوي

    تنوعت وتكاثرت الحِكم والأمثال عبر الزمن، بتسجيل الكلام الدقيق والملخِّص لتجارب كل من عارك الحياة أو عاركته، أو عاشر أصنافا مختلفة من البشر أو عايش أحداثا معينة، لتحمل معاني وقيم ليست بالضرورة لمفكرين أو علماء ولا ذوي ذكاء خارق(…)، لكنها تبقى صالحة لكل زمان ومكان رغم قِصر نطقها، نظرا لغِنى دلالاتها.. إلا أن بعضها يبدو، حسب ما يروج من ظروف(…)، أنها ما زالت تُطبّق أكثر فأكثر، خصوصا تلك التي تعكس نوعا من الرغبة في التستر والتكتم(…)، والمثل “خلّي داك الجمل راݣد” خير دليل على ذلك، حيث أصبحت معظم الأساليب الحديثة للسياسيين في التفاعل مع الأحداث، تجعلنا نفهم أن جَملا أو ذاك إذا ما نهض، فالمصيبة قد تكون أعظم، خصوصا وأن الجمل لما يغضب ويتغير سلوكه الهادئ، لا يميز بين صاحبه وعدوّه(…).

ربما تكون هذه العبرة نفسها التي اعتمدها مؤخرا المكتب السياسي لحزب “الاتحاد الاشتراكي”، مع اقتراب انعقاد مؤتمرهم الحادي عشر، حيث أكد أعضاءه أنهم سيتقدمون إلى هذه المحطة التنظيمية للدفاع عن حصيلة المرحلة، رغم رقود جِمالِها(…)، ودعمهم لإدريس لشكر مرشحا لولاية ثالثة، داعين إياه إلى العدول عن قرار عدم الترشح الذي سبق أن أعلن عنه، لتبقى في نفس السياق حسناء أبو زيد، الوحيدة التي حاولت إيقاظ الجَمل(…)، بعد أن انسحب عبد الكريم بنعتيق، أمام انتقادات مؤيدي لشكر، الذين وصل بهم الأمر إلى وصف كل من لم يستجب لنداء المصالحة، بأنه يعاني من “قصور أخلاقي”!

أصوات مزعجة ومخيفة قد تصدر من الجَمل المُستيقَظ، لا يُفهَم منها شيء آخر غير الانتقام(…)، و”كشكوشة” بيضاء ممزوجة باللعاب قد تتساقط أيضا من فمه، ربما كلها مشاهد تدور في مخيلات الكثيرين(…)، وتجعلهم يفضلون ترك الجمل راقداً، ما يفسر صمت وتجاهل عدد من صانعي القرار أمام مختلف المواضيع الشائكة، كحال السيدة نادية فتاح، الموجودة على رأس وزارة الاقتصاد والمالية، أهم وزارة في الحكومة، ما يجعل منها الكل في الكل(…)، والتي تلقت مؤخرا انتقادات كثيرة من لدن بعض المنابر الإعلامية، كونها لا تتواصل كما يجب، ولا هي خرجت لتقول للناس إن الاقتصاد بخير(…)، مضيفين أن آخر مرّة سمعناها فيها، كان إخفاقاً، عند الجدل الذي أثير حول الإعلانات القانونية التي أصدرت قراراً بخصوصها يسمح لعدد معيّن من وسائل الإعلام بنشرها، ما جلب غضب عدد من المنابر بسبب الإقصاء.

سياسة ترك الجَمل راقدا غير معمول بها داخل الوطن فحسب، بل قد نلاحظها حتى لدى الجيران(…)، بعد أن قررت الجزائر (على ما يبدو من سلوكها الحديث) التوقف عن الاستمرار في المواجهة المباشرة للمغرب، واستمالة مصر في أمل إحياء التحالف القديم المعادي للمغرب، بمحاولة تبون إقناع السيسي باصطفاف مصر ضد المغرب في قراراته الدبلوماسية، إلا أنه تبيّن أن مصر هي الأخرى تخشى تهيّج وتخشن الجِمال(…).

فلنترك إذن، كل جمل راقداً، حفاظا على ماء الوجه(…)، لأنه إذا ما استيقظ لن يبقى أي وجه(…)، وسيضطر كل وجه لكِراء “حنْك”، وإذا ما خطا الجَمل خطوة واحدة، لن يتوقف عن الجري(…)، أمور كلها أصبحت مفهومة كل الفهم والحمد لله، من لدن كل مسؤول ومثقف وحقوقي ومتفقه بهذا البلد السعيد وخارجه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى