تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | تراكم الأخطاء يهدد مستقبل رئيس الحكومة أخنوش

بداية متعثرة لحكومة "رجال الأعمال" 

لم يتسن بعد معرفة مستوى رئيس الحكومة عزيز أخنوش فيما يتعلق بتدبير الملفات الداخلية، وفيما يتعلق بإدارة “لعبة الأغلبية” في مواجهة المعارضة، كما لم يتسن للمتتبعين تجريبه في المحك الحقيقي، وهو “إقناع الشعب” بقراراته الحكومية(..)، لأن الوقت لازال مبكرا، لكن رئيس الحكومة الذي تكلف حتى الآن بمهمتين خارج المغرب، ظهر متذبذبا وجلب حوله اللغط في كلتا المهمتين اللتين أسندتا له، وأولاهما تمثيل جلالة الملك في مبادرة “الشرق الأوسط الأخضر” التي احتضنتها السعودية قبل أيام، وكذا حضوره في افتتاح فعاليات الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP 26)، والتي تحتضنها مدينة غلاسكو بأسكتلندا، في الفترة الممتدة ما بين 1 و12 نونبر 2021.

 

إعداد: سعيد الريحاني

 

    في أول مهمة له خارج المغرب، أثار رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، قبل أيام، ضجة كبيرة بسبب “الأخطاء البروتوكولية” التي رافقت حضوره في مبادرة “الشرق الأوسط الأخضر” التي تقف وراءها السعودية، والسبب هو شعار الدورة، الذي حمل وضعا “ملتبسا” بالنسبة لخريطة المغرب، حيث يعتقد المتتبعون أن الشعار المعتمد لم يعترف بمغربية الأقاليم الجنوبية.

ورغم أن كثيرا من وسائل الإعلام لم تدرج خبر عدم انتباه (وعدم احتجاج) رئيس الحكومة على بتر الأقاليم الجنوبية للمملكة من الخريطة، بسبب علاقات أخنوش مع الإعلام(..)، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي حفلت بضجة كبرى حول عدم احتجاج رئيس الحكومة المغربية على بتر الأقاليم الجنوبية من الخريطة، إذ قال بعضهم: ((الخريطة التي تم اعتمادها خلال قمة مبادرة “الشرق الأوسط الأخضر”، تبدو المملكة المغربية فيها بدون أقاليمها الصحراوية.. ننتظر توضيحا من منظمي المؤتمر الذي احتضنته عاصمة المملكة العربية السعودية وحضره رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش ممثلا لجلالة الملك))، فيما علق آخرون: ((أكبر إهانة للمغرب ماشي هي انحناء أخنوش أمام بن سلمان، وإنما الإهانة الأكبر هي هاذ المؤتمر اللي مشارك فيه أخنوش.. داير لوغو فيه خريطة المغرب مبتورة من الأقاليم الجنوبية)) (المصدر: موقع هوية بريس/ 26 أكتوبر 2021).

وبعيدا عن التفاعل “الفايسبوكي”، كانت هناك بعض الآراء التي تداولتها الصحافة العربية، تتحدث عن الوضع المحرج لرئيس الحكومة، فـ((ما حدث، شكل صدمة لأغلب المغاربة، ونرجو توضيحا رسميا للموقف المغربي، فمن خلال صور وخلفيات قمة مبادرة “الشرق الأوسط الأخضر” المنعقدة بعاصمة المملكة العربية السعودية الرياض، يوم 25 أكتوبر 2021، والتي كُلِّف رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بتمثيل صاحب الجلالة الملك محمد السادس في هذه القمة، وقد أظهرت الصور وخلفيات القمة خريطة المغرب “مبتورة” ولا تشمل الصحراء المغربية، الشيء الذي أثار استياء غالبية المغاربة.. هذا الانتهاك الصارخ والفاضح والواضح للوحدة الترابية للمملكة المغربية، تم بحضور رسمي من رئيس الحكومة المغربية، وإذا قيل لنا أن هذا مؤتمرا دوليا، والعديد من البلدان لها مواقف لا تساند الموقف المغربي، كان من باب أولى، الضغط باتجاه وضع الخريطة كاملة، وإن اقتضى الحال ترك الكرسي فارغا، احتجاجا على الموقف السلبي وغير المحايد للدولة المضيفة للمؤتمر، أو على الأقل، التوصل لحل وسط يتم اعتماده في القانون الدولي، وهو الحياد ووضع الخريطة المغربية كاملة، وللتمييز وضع خط فاصل يفيد بأن الإقليم متنازع عليه، أو منطقة رمادية لازالت تحت نظر هيئة الأمم المتحدة، أما بتر الصحراء من الخريطة، فيعني بكل وضوح الوقوف ضد الموقف المغربي وتأكيد رواية البوليساريو، وهذا أمر مجانب للصواب ومخالف للحقائق على الأرض، وذلك بشهادة السعودية نفسها…)) (المصدر: مقال رأي. طارق ليساوي/ القدس العربي).

نفس الكاتب أعلاه، قال: ((ما يهم المغاربة، هو كيف أن بتر الخريطة لم ينتبه له الوفد الرسمي للمغرب، فقد خلف عدم انتباه أخنوش للأمر سخطا كبيرا لدى المواطنين المغاربة، معتبرين الأمر فضيحة من العيار الثقيل، خاصة بعد التقاط صورة رفقة العديد من رؤساء دول العالم والمسؤولين الحكوميين أمام “لوغو” (شعار) قمة مبادرة “الشرق الأوسط الأخضر”، الذي يظهر المغرب مبتور الصحراء))، وأضاف وهو يسأل رئيس الحكومة: ((إذا كنت يا سيدي أخنوش وطنيا حقا وتشعر بأن هذا الوطن ليس مجرد ضيعة لتحقيق مكاسب ومغانم، لو كنت وطنيا وابن رجل مقاوم كما تقول، لما قبلت بالمشاركة في قمة معادية لوحدة المملكة، لا سيما وأنك تمثل العاهل المغربي.. فهل كان العاهل المغربي سيقبل بأخذ صورة والمشاركة في قمة انتقصت من جغرافية بلاده ولو شبرا واحدا؟ أعتقد جازما أن العاهل المغربي لن يقبل بذلك مطلقا، وربما حتى لو كان وزير الخارجية المغربي، لما قبل بالأمر، فمهما نختلف مع الرجل في بعض مواقفه، إلا أننا نقر بأنه رجل قانون ورجل دبلوماسية، ويدرك جيدا خطورة ما حدث بقمة الرياض وبحضور وفد رسمي مغربي على أعلى مستوى، قد نختلف على كثير من السياسات العمومية المعتمدة في إدارة الشأن الاقتصادي والاجتماعي والحقوقي، ولكن لا خلاف أن المغرب، من طنجة إلى لكويرة، لا يمكن التفريط في شبر من ترابه، لأن هذا التراب دفع ثمنه المغاربة من دمائهم وأموالهم ومستقبلهم..)).

نموذج للأخطاء البروتوكولية، في “كوب 26″، أخنوش يدير ظهره للأمين العام للأمم المتحدة، وفي السعودية يحمل شعارا لا يعترف بمغربية الأقاليم الجنوبية

وبعيدا عن قمة الرياض، شارك رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، يوم الإثنين المنصرم، في افتتاح فعاليات الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP 26)، والتي تحتضن فعالياتها مدينة غلاسكو الأسكتلندية، وقد احتفت عدة مواقع مغربية بهذه المشاركة، عن طريق القول بأن كلا من رئيس وزراء بريطانيا، بوريس جونسون، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، استقبلا عزيز أخنوش، لكن ما سكتت عنه المواقع، هو “الأخطاء البروتوكولية” لرئيس الحكومة المغربية، الذي ظهر وهو يدير ظهره للأمين العام للأمم المتحدة على المنصة، قبل أن يتدخل هذا الأخير لتنبيهه إلى ضرورة “الوقوف بشكل معتدل لأخذ صورة تذكارية قبل الانصراف”، بينما كان أخنوش قد نسي الأمر، بعد حديث قصير مع جونسون(..).

وإذا كانت الأخطاء البروتوكولية قد طبعت أولى خرجات رئيس الحكومة إلى الخارج، فإن بعض مؤشرات “القلق” قد ظهرت على المستوى الداخلي، رغم أن الحكومة لازالت في بدايتها، ولم يتم بعد تشكيلها بشكل كامل، حيث تسبب قرار رفض إلزامية الإدلاء بجواز التلقيح في الأماكن العامة، في ظهور احتجاجات غير مسبوقة ضد الحكومة، والخطير أن هذه الاحتجاجات كانت عبر الشارع، حيث خرج مئات المواطنين للتظاهر ضد القرار الحكومي، منذ 21 أكتوبر المنصرم، غير أن هذه المظاهرات انتهت بشكل مؤسف في بعض المدن، باعتقال عدد من المتظاهرين، ما شكل فرصة لـ”التنديد الحقوقي” بهذه الحكومة، علما أن الشعارات التي رفعها بعض المتظاهرين، تجاوزت الحديث عن جواز التلقيح، إلى المطالبة برحيل الحكومة.

في هذا الصدد، تناولت الصحافة الوطنية قضية اعتقال المحتجين في عدة مقالات، علما أن أغلب المواقع تجنبت تحميل المسؤولية لرئيس الحكومة مباشرة، فقد ((قامت السلطات العمومية بإيقاف بعض المحتجين بعد رفضهم الانصراف ومواصلة الشكل الاحتجاجي بباب الأحد (الرباط)، قبل أن يتفرق باقي المتظاهرين على الأزقة المحاذية لشارع محمد الخامس.. فعلى امتداد اليومين السابقين، انتشرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي، ترفض إجبارية الإدلاء بجواز التلقيح للتنقل والولوج إلى الفضاءات والمؤسسات العمومية وشبه العمومية والخاصة، وكذلك للدخول إلى المؤسسات الفندقية والسياحية والمطاعم والمقاهي والأماكن المغلقة والمحلات التجارية وقاعات الرياضة والحمامات، وجسدت ذلك بأشكال احتجاجية في كل من الرباط والدار البيضاء)) (المصدر: هسبريس).

ولا تقف المشاكل الداخلية عند التوتر الذي تسبب فيه رفض جواز التلقيح في بعض الحالات، بل إن بداية عمل الحكومة تزامنت مع زيادة صاروخية في أسعار المواد الأساسية، وهي الزيادات التي انطلقت منذ الشروع في تحضير الانتخابات، حيث تفيد المعطيات أن ((عددا مهما من المواد الغذائية التي يستعملها المواطنون في عيشهم اليومي، طالتها زيادات صاروخية تتراوح ما بين 25 و50 في المائة، كما هو الحال بالنسبة لمادة السميدة، التي ارتفع سعرها بثلاثة دراهم ونصف، منتقلا من 7 دراهم إلى 10.5 دراهم للكيلوغرام، وعرفت أسعار المعجنات بدورها زيادة كبيرة تراوحت ما بين 1.70 درهم ودرهمين للكيلوغرام الواحد، بينما ارتفع سعر العدس بدوره بثلاثة دراهم ونصف، منتقلا من 12 درهما إلى 15 درهما ونصف، وارتفع سعر الكيلوغرام من الشاي بنسبة 7 في المائة.. والارتفاعات الصاروخية التي شهدتها عدد من المواد الغذائية طالت أيضا زيت المائدة، التي سبق أن عرفت زيادات مهمة قبل أسابيع فقط، ما أثار موجة غضب في صفوف المواطنين، إذ قفز سعر اللتر بالجملة من 12 درهما إلى 16 درهما)) (المصدر: موقع هسبريس).

أول قرار حكومي لفرض “جواز التلقيح” تسبب في عودة الاحتجاج للشارع

سواء تعلق الأمر بمرحلة الانتخابات أو ببداية عمل الحكومة الحالية، فإن قنبلة الزيادة في الأسعار تهدد مستقبل رئيس الحكومة بشكل مباشر، وهو ما دفع فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، إلى الخروج إعلاميا، عبر الدعوة إلى عدم تحميل حكومة عزيز أخنوش مسؤولية ارتفاع أسعار عدد من المواد الاستهلاكية..

ولا يمكن الحديث عن البداية المثيرة للجدل للحكومة، دون الحديث عما أثارته الصحافة حول إقدام عزيز أخنوش على طرد 50 موظفا من رئاسة الحكومة، فقد ((أصدر عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، قرارات وصفت بالتعسفية، بإعفاء 50 موظفا برئاسة الحكومة، وتجريد الموظفين بالرئاسة من مهامهم، وسحب مجموعة من الملفات المهمة منهم، والسقوط في تعطيل ملفات حساسة كان يشرف عليها الموظفون المعفيون من مهامهم دون سابق إنذار، وأفادت مصادر مطلعة، أن الإعفاءات صدرت في حق الموظفين دون اتباع المساطر القانونية وإعطاء مهلة قانونية للموظفين لتسوية وضعية التحاقهم بالإدارات السابقة التي كانوا يعملون بها، وشددت المصادر، على أن رئيس الحكومة تعامل مع 50 موظفا برئاسة الحكومة، بطريقة المستخدمين بشركة خاصة، ضاربا قانون الوظيفة العمومية بعرض الحائط.. وخلف القرار صدمة وسط الموظفين لما يتحمله الموظفون من مسؤوليات كبيرة، كما أن أحد الموظفين يشرف على ملف الشراكة المغربية الأمريكية وملف الشراكة المغربية البريطانية، قبل أن يربك القرار تلك الشراكة، حيث تعيش الشراكة حالة توقف بسبب قرار أخنوش، وغياب المسؤول عنها والمشرف عليها الخبير بتفاصيلها.. ووصف الموظفون قرار أخنوش بالطرد التعسفي، لحسابات ضيقة وتحكم بعض معاونيه وفريقه القادم من الشركات، في قرارات رئيس الحكومة، بعدما التحق الموظفون على مدى عهدين حكوميين من حكومة المرحوم عبد الرحمان اليوسفي وحكومة بن كيران والعثماني)) (المصدر: موقع أشطاري/ 30 أكتوبر 2021).

سواء تعلق الأمر بالأخطاء البروتوكولية أو بضعف التواصل، أو فتح ملفات حساسة، مثل الضريبة وصندوق المقاصة، فإن الحديث عن أخنوش وهو في بداية مساره على رأس الحكومة، لا يشكل لحد الآن سوى دقا لناقوس الخطر، بفعل الملفات الثقيلة التي تنتظره، وتنتظر فريقه الحكومي، وفريقه غير الحكومي، الذي يعتمد عليه في كل كبيرة وصغيرة(..).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى