المنبر الحر

المنبر الحر | أين السلام في مؤتمرات التغير المناخي والاحتباس الحراري ؟

بقلم: عثمان محمود

    لم تعد التغيرات المناخية في ظل الاحتباس الحراري، محض تنبؤات يتحدث عنها حماة البيئة، هيئات وجمعيات وأحزابا وعلماء وخبراء، في حرقة وهلع، وها هو واقع الحال يؤكدها بلا شك ولا ريبة، فالعواصف باتت تأخذ شكل أعاصير ماحقة، والأعاصير من جهتها ازداد زحفها على اليابسة، وفي عيونها الدوارة الويل والثبور، أما فصل الصيف، فغدا حارقا مسجلا درجات حرارة قياسية، الأمر الذي خول للحرائق الهائلة أن تندلع وسط الغابات في أوقات متزامنة، وفي مناطق عديدة، فتلتهم الأخضر واليابس، وتزحف على الدور والمنتجعات، ويتطلب إخمادها أياما عديدة وجهودا مضنية، هذا فضلا عن التصحر الزاحف على السهول والتجمعات السكنية، وكذلك الشأن بالنسبة لذوبان الجليد في القطبين، وما لذلك من أثر على ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات.. كل هذا وغيره، والتوصيات الصادرة عن المؤتمرات المنعقدة بخصوص التغير المناخي، محتشمة وتنفيذها تعوزه الصرامة الجادة والعزم الأكيد، لأن القوى الصناعية الكبرى المسؤولة الأولى والمباشرة عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فوق المحاسبة والردع الحازم، ولعل ما يثبت ذلك، إغفال ذكر الحروب عند الحديث عن مسببات الاحتباس الحراري وكأن هذه الطلعات المتتالية للطائرات الحربية سواء خلال الهجمات على الأهداف، أو خلال المناورات الروتينية، أو التداريب اليومية، ليس لها أي تأثير يذكر على الهواء والماء والتربة؟! وكأن هذه البوارج العابرة للبحار، والمعسكرة في عرض المحيطات، بما فيها حاملات الطائرات، ليس لها أدنى تأثير يذكر على الكائنات البحرية، والمياه التي تسبح في أعماقها؟! وكأن هذه الحروب التي تبدأ أهلية، أو بين دولتين، وفي أسرع وقت تدخل معتركها دول إقليمية، ولم لا دولية، فيستعصي أمر إيقافها، وتأتي على البشر والحجر، وتقضي على الزرع والضرع، ويتفنن مشعلوها في استعمال كل ضروب الأسلحة الفتاكة، والقنابل الثقيلة، والعنقودية والانشطارية، والفسفورية.. ليست مسؤولة أبدا عن هاته الإساءة البالغة إلى البيئة والمناخ ككل، وكأن هذه المصانع التي تسابق الزمن لصناعة العتاد الثقيل والمدمر المستعمل في الحروب الطاحنة، ليست وراء تلوث الهواء والماء، واستنزاف المعادن، والمواد الأولية؟! وكأن هذه التجارب النووية التي تحتضنها جزر ومناطق بعينها، فضلا عن اختبارات الصواريخ ذاتية الدفع طويلة المدى، ليس لها أدنى أثر في تلويث مساحات كبيرة من الأراضي والمياه، فضلا عن الأجواء، ولا داعي هنا للحديث عن الألغام المروعة، أرضية كانت أو بحرية، أو عن التسابق المحموم على التسلح الذي وصل أثره إلى الفضاء، حيث أضحت الأقمار الصناعية المعطلة التي تدور حول الأرض، تشكل ما يشبه المقابر المتحركة، ولا ينبغي إغفال أمر القواعد العسكرية الهائلة المنتشرة في جهات الأرض الأربع برا وبحرا، وما يواكب ذلك من تداريب واستعدادا ت تستعمل فيها غالبا الذخيرة الحية، وما ينجم عنها من تأثيرات مباشرة على التربة والماء والهواء.

آن الأوان للبشرية كي تتعظ من ويلات وأخطار الأعاصير والعواصف والحرائق الغابوية، للتفكير مليا في وضع حلول عملية لما أضحى يعرف بالاحتباس الحراري، ولعل في طليعة هاتيك الحلول، يأتي نشر السلام، من خلال وضع حد فعلي لجنون التسابق على التسلح، والتهور الأحمق الذي يكون وراء نشوب حروب تعمر أعواما، وتستعمل فيها مختلف الأسلحة المسيئة للطبيعة وما فيها ومن عليها، ففي كنف هذا السلام المنشود، قد يكون للمؤتمرات المناخية المنعقدة جدواها، وللتوصيات الصادرة عنها فعاليتها.     

تتمة المقال بعد الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى