تحليلات أسبوعية

بين السطور | ماذا عن الحقن الأخرى.. ؟

بقلم: الطيب العلوي

    في الوقت الذي يضاعف فيه خبراء مجال الصحة أساليبهم التواصلية قصد التشجيع على استعمال اللقاح، تختلف بالموازاة مع ذلك، توجهات الناس حول الحقن، بين مؤيد ومعارض: فهناك من يستند إلى الثقة في العلم والعلماء، من باحثين وأطباء وهيئات تمريضية، وهناك من يتريّث أو اقتنع(…) بعدم أخذ اللقاح، لسبب أو لآخر، وكلهم استمدوا قناعتهم، بلا شك، من مقاطع الفيديو التي توصّلوا بها، والمثيرة للشكوك.. حيث يزداد الشك كلما زاد عدد الحقن(…).

 فإذا جاءتنا السيدة نبيلة منيب اليوم، تسعى بشتى الوسائل، إلى التحوّل لرمز، أو حتى زعامة(…)، فالوقفات الاحتجاجية المتواصلة والرافضة للقرار الحكومي بفرض التطعيم ضد فيروس “كورونا” كشرط للتنقل في البلاد ودخول المؤسسات العامّة وغيرها، لا بد عليها وعلى كل الهاتفين بـ”صامدون صامدون.. للجواز رافضون”، والمردّدين “هذا عيب وعار.. الحقوق في خطر”، والأمهات المحتجات الصائحات “متقيسوش اولادنا”، في إشارة إلى فرض التلقيح على التلاميذ، أن يعلموا أن هذا الاختلاف ليس وليد اليوم ولا الأمس، إلى حد أن التاريخ جعل من نظرية اللقاح واحدة من أكثر الأفكار ثورية لدى الغرب كما العرب.. ففي بحر القرن الثامن عشر مثلا، سبق أن أدلى الفقيه الحنبلي، الشيخ “حمد ابن معمّر النجدي”، بفتوى مكرّهة في نوع من التطعيم التقليدي ضد مرض الجذري، والذي كان يستعمله الناس في منطقة نجد، وسط ما أصبحت تسمى اليوم بالمملكة العربية السعودية، وقد حصل هذا في الوقت الذي تحركت فيه مظاهرات عارمة في شتى شوارع بريطانيا ضد ممارسة نفس التطعيم في شكله الحديث(…) بعد أن قاومه رجال الدين المسيحيون: حدث مشترك، قضية واحدة، وقت واحد، في مكانين مختلفين، يبعد فيهما الواحد عن الآخر بأزيد من 6000 كلومتر، وفي زمان لم يعرف فيه لا المؤيد ولا المعارض(…)، لا الهاتف ولا التلفاز ولا “الواتساب” أو “اليوتيوب”.

فبعد مرور أزيد من 200 عام على لقاح الجذري، وعلى فتوى حمد النجدي، وبالموازاة مع ما وقع بالأمس البعيد والقريب(…)، ومع ما يقع اليوم، وما سببته موجات رفض جواز التلقيح المصحوبة بشعارات قوية ضد حكومة السي عزيز، رغم أنها لا زالت في بدايتها، ولم يتم حتى استكمال تركيبتها(…)، تأرجح فسّره الكثيرون، بخطورة الملفات التي تنتظرها، والتي رغم كل شيء، لم يمنعها من اعتقال المواطنين الرافضين لإجبارية التلقيح، كواحدة من أولى الأعمال والإنجازات(…)، ليبقى سؤالي العالق، في وجه منيب وبنعبد الله وماء العينين، وإلى الثلاثين ألفا من الموقعين على العريضة “الإلكترونية” المطالبة بالتراجع عن فرض الإدلاء بجواز التلقيح أو الجواز الصحي، أو كيفما كان اسمه(…)، وما دام الكثير ممن هم وراء هذه الموجة، لديهم نوايا سياسية أكثر مما هي صحية(…)، أود فقط التقاط آرائهم وما يرونه صائبا حول الحقن المقبلة، ما دامت كل طفرة أو متحور جديد، ستكون له حقنة(…) سيستلزم علينا جميعا تلقيها، وفي وقت واحد، ضد طفرات الفيروس، السياسية، والاقتصادية، والفكرية، وكل مجال ضربته “كورونا” وزادت معاناته من هشاشة ليست هي الأخرى وليدة اليوم، ولا الأمس…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى