المنبر الحر

المنبر الحر | لغة القرآن ومكائد الشيطان

بقلم: بندريس عمراوي الطيب

    لعل لارتباطي وتعلقي وغيرتي على لغة الضاد، دافع لوضع هذا التساؤل: إلى متى سيظل البحث جاريا حول اللغة الأصلح والأنفع للتعليم في بلادنا؟ فأعداء اللغة العربية يشككون في قدرتها على تدريس المواد العلمية والتقنية في مدارسنا انطلاقا من أرضية مخالفة للمبادئ والأعراف، وهكذا سيظل الصراع قائما بين معارض ومؤيد في دوامة من الشك والارتياب..

إن لأعداء الله والوطن والملك والشعب المغربي، دوافعهم ومصالحهم للوقوف في طريق لغة الإعجاز التي نزل بها القرآن الكريم.

تحليل هذا الموضوع، يجب أن يكون نابعا من منبع المصلحة العليا للبلاد، ومصلحة المتعلمين، لأنهم رجال المستقبل وقادة الغد، لذلك، من الواضح أن جميع اللقاءات والندوات السابقة كانت تحلق بالمشاركين في سماء جدل عقيم وبلبلة توحي بكلام لا يجدي، لأننا إذا عدنا بالذاكرة إلى السنة التي حصلنا فيها على الاستقلال، سيتضح للعام والخاص، أننا تخلصنا من المستعمر ولم نتخلص من لغته التي ظلت في ذمة المناصرين، الذين أعلنوا حربا علنية على هويتهم الوطنية، وأصبح مخدر اللغة الفرنسية يجري في دمائهم، فحادوا عن طريق الرشاد وتنكروا للغتهم الوطنية ووصفوها بالعجز وعدم الإنجاب متجاهلين أنها اللغة الرسمية في الدستور المغربي..

الموضوع في حد ذاته، حساس والخوض فيه يتطلب من كل مسؤول على هذا القطاع الحيوي، أن يتحرر من قيود التبعية للغير، وكدليل حي: إخواننا في الشرق العربي، لهم مهندسون وأطباء وتقنيون ومخترعون تم تكوينهم باللغة العربية، فهل لهذه اللغة وجهان متناقضان، نجحت في المشرق ولم تنجح في المغرب؟ الصيني والياباني والألماني والفرنسي وهم من رواد التطور الفني والتكنولوجي في هذا العالم.. فهل حققوا ذلك بعيدا عن لغتهم الأصلية؟ وهل تم تكوينهم بلغات أجنبية؟

إن الذين يتشبثون برأيهم ويتمسكون برفضهم للغة مقدسة، يلعبون بالنار التي تدمر أجيالا لا ذنب لها، فهي تنتمي لهذا الوطن العزيز، وترعى في مراعي مخلفات الاستعمار الفرنسي، قال الله تعالى: ((إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون))، وقال أيضا: ((الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير))، وقال رسول الله (ص): ((أحب العرب لثلاث، لأني عربي والقرآن عربي ولسان أهل الجنة عربي))، وقال أيضا: ((تعلموا العربية وعلموها الناس، فإنها لسان الله يخاطب بها عباده يوم القيامة)) (عن أبي هريرة).

وقال الفارابي في شأن لغتنا العربية: “هذا اللسان كلام أهل الجنة”.

وها هي اللغة العربية تتحدث عن نفسها في أبيات شعرية لشاعر النيل حافظ إبراهيم:

رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي             وناديت قومي فاحتسبت حياتي  

رموني بعقم في الشباب وليتني            عقمت فلم أجزع لقول عداتي  

ولدت ولما لم أجد لعرائسي                   رجالا وأكفاء وأدت بناتي

وسمعت كتاب الله لفظا وغاية                 وما ضقت عن آي به وعظات

فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة               وتنسيق أسماء لمخترعات

أنا البحر في أحشائه الدر كامن               فهل سألوا الغواص عن صدفاتي؟

فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسني             ومنكم وإن عز الدواء أساتي

فلا تكلوني للزمان فإنني                        أخاف عليكم أن تحين وفاتي

وأسمع للكتاب في مصر ضجة                  فأعلم أن الصائحين نعاتي

إلى معشر الكتاب والجمع حافل                بسطت رجائي بعد بسط شكاتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى