المنبر الحر | الحارس المناسب في المكان المناسب
بقلم: عثمان محمود
لم تكن مهمة الحراسة في يوم من الأيام غائبة عن الإدارات والمؤسسات.. فقد مضى زمان كان فيه منزل الحارس يشيد ضمن ما يشيد من مرافق داخل هاتيك الإدارات والمؤسسات، لكن الجديد هذه الأيام، هو إسناد تلك المهمة إلى شركات خاصة تكلف حراسا للقيام بها خلال ساعات محددة في النهار أو الليل مع الالتزام بارتداء زي موحد، وقد تعددت هذه الشركات، وصار لها حضور في المستشفيات والمؤسسات التعليمية والوكالات البنكية والأسواق الممتازة، وما إليها.. غير أن الملاحظ على هؤلاء الحراس، هو هذا التباين الواضح أثناء أداء المهمة المكلفين بها عند بوابة هذه المؤسسة أو تلك. فعلى سبيل المثال، أداء الحارس ضمن وكالة بنكية ليس هو أداء الحارس عند بوابة مستشفى عمومي مثلا، فالأول يرى هادئ الحركات، قليل الكلام، في حين لا تخطئ العين تشنج الثاني، وتعامله الفظ مع الزوار والمرضى، بل قد لا يكترث لما يتطلبه منه السهر على تنظيم الدخول إلى المستشفى والخروج منه.. فقد سبق لي أن رأيت أحدهم يدخن بنهم، والزمن زمان انتشار الجائحة العالمية “كوفيد 19” ولا وجود للكمامة على الأقل في يده أو على ذقنه! ولا تسل عن درجة إهماله لهندامه، كما لو أن المقام الذي هو فيه لا يتطلب منه شيئا من هذا القبيل، فالمطلوب إذن من الشركات المعنية، حسن اختيار الحراس، وإعدادهم بشكل جيد من أجل أداء مهامهم في أليق الأحوال، وهذا يتحقق فعليا إذا عرف الحارس المعني القانون التنظيمي للمرفق العام أو الخاص الذي يتكفل بحراسته، سواء تعلق الأمر بمواعيد الدخول أو شروطه ومتطلباته، وهي أمور ينبغي أن تكون مكتوبة بخط واضح بارز، ومعلقة عند مدخل المؤسسة أو الإدارة، حتى يكون المواطن الراغب في الولوج، بغية تحقيق غرض ما، على علم تام بما يلزم أخذه في الاعتبار، وتبقى مهمة الحارس حينها هي الإرشاد والتنظيم، وهو ما يسهل عمله، ويجعل في الآن نفسه المواطن يحقق في يسر الغرض الذي من أجله قدم إلى هذا المرفق أو ذاك، أضف إلى ما سبق، أنه من اللازم وضع الحارس المناسب في المكان المناسب.. فذاك الذي يقف على سبيل المثال عند باب مدرسة، ينبغي أن يكون في قمة النضج الذي يخوله التعامل التربوي الجاد مع الصغار، حتى يكون ضمن المساهمين في التربية الحسنة ولو بالقدوة والكلام الطيب، والتطبيق الفعلي للقانون الداخلي الذي سطرته تلك المدرسة، وقس على هذا باقي المرافق، فلا يكفي أن يكون الحارس في لياقة بدنية تجعله وهو يرتدي بدلة الحراسة، مهاب الجانب، وأوامره لا تقبل النقاش، وهنا يطرح سؤال ملح: لماذا تترك المجالس المحلية حراسة السيارات في الشوارع والساحات داخل المدن، أو عند مداخل الشواطئ، لحراس لا يمتون بصلة لمهمة الحراسة، اللهم إلا إذا استثنينا السترة الصفراء أو البرتقالية التي تميزهم عن غيرهم!؟ أليس من الأولى أن تتكفل شركات خاصة بهذا الواجب حتى يكون هناك قانون منظم يضع حدا لهذه الفوضى والخروقات التي سارت بها الركبان هذه الأيام!؟
فمن واجب المجالس المحلية إذن، إعداد أماكن محددة يركن فيها المواطنون سياراتهم ودراجاتهم، ومن تم تكليف من يحرسها وفق أسعار محددة تستفيد منها خزينة تلك المجالس المحلية.
إن الحراسة مهمة نبيلة، يلزم إسنادها إلى القادر على أدائها على أحسن الوجوه، بعد إعداده لا بدنيا فحسب، وإنما نفسيا وتربويا، مع وضع قوانين عامة مهيكلة للعمل الذي يقوم به عند بوابة إدارة، أو مؤسسة ما، خلال ساعات بعينها، سواء بالنهار أو الليل.. فقد آن الأوان لوضع حد للارتجال المقيت أثناء إسناد مهمة الحراسة لمن يترشح لها، ووقف العشوائية البغيضة أثناء القيام بها.