المنبر الحر | السياحة بالمغرب.. أي ثمن لأية زيارة ؟
بقلم: ذ. الحسن العبد
السياحة كما هو متداول عند الجميع ومتعارف عليه لدى الكل، هي “التنقل من بلد إلى آخر قصد الراحة والتنزه وحب الاستطلاعِ”، فالسياحة بذلك هي السفر بهدف الترفيه أو الاكتشاف، وتشمل عادة كافة الأنشطة أو التصرفات التي يطبقها الأشخاص أثناء ذهابهم لرحلات خارج منازلهم ومجتمعاتهم.
ويتميز المغرب في هذا الإطار، حسب بعض المختصين، بمؤهلات سياحية متنوعة، من تراث حضاري عريق يتجلى في مختلف الآثار التاريخية، وألسن البنيان، كما قال الشاعر، وموقع جغرافي استراتيجي، ومناظر طبيعية جذابة وخلابة، إضافة إلى بنية سياحية وفندقية مهمة..
وتؤكد وزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي ببلادنا، على لسان بعض أطرها، أن “السياحة تلعب دورا مهما في اقتصاد البلاد، حيث تشكل أحد أهم مصادر العملة الصعبة، كما تمكن من توفير مناصب الشغل وتطوير قطاع البناء ودعم الصناعة التقليدية وإنعاش المدن الشاطئية”.
إن المملكة المغربية بوابة نحو إفريقيا من أوروبا كما هو معلوم، بحيث تشكل ممرا استراتيجيا إلى غرب القارة السمراء، وشرقها، وجنوبها، وقد شهدت المملكة خلال السنوات القليلة الماضية طفرة سياحية، بحسب الدراسات والإحصائيات المتوفرة، ومن المتوقع أن تتزايد أعداد الزائرين الأجانب إلى مملكة شمال إفريقيا، كما تعتبر الصحاري والشواطئ والجبال والتراث الثقافي المتميز في البلاد، عامل جذب على نحو خاص للسائحين والمغامرين على السواء، جالبين معهم إيرادات مرجوة.
ويرى بعض المختصين، أن السياحة ركيزة اقتصادية أساسية في المغرب، وهي حاسمة لأي استراتيجية مالية، ويذهبون في القول بأن السياحة في المغرب من أروع وأكثر الرحلات السياحية تنوعا وسحرا تذكر بالسحر القادم من الحكايات، فالثقافة المغربية الفريدة لن تجد مثيلا لها في أي مكان في العالم، من جبال الأطلس الساحرة، ومضيق جبل طارق، إلى القرى الأمازيغية الجذابة.
ثم إن كل المدن المغربية، يقول آخرون، لها سحرها وتفردها، من التاريخ العريق لمدينة طنجة إلى جمال مراكش وروعة السياحة في الدار البيضاء، وأسرار أزقة ودروب مدينة فاس العتيقة، تجد أمامك جولات من السياحة لا تنتهي في المغرب…
وإذا كان برنامج “التراث والموروث” يهدف إلى إبراز الهوية الثقافية المغربية، كما تذهب إلى تأكيد ذلك بعض الجهات المختصة ببلادنا في القطاع السياحي الثقافي، من خلال هيكلة وتثمين التراث المادي وغير المادي للمملكة، وإحداث منتوجات سياحية متماسكة وجذابة، وهذا ما لا يخفى على كل متتبع لهذا القطاع الحيوي، فهي تهدف إلى إعادة تأهيل المآثر التاريخية للمغرب كما يقال، بالحفاظ على هويتها المعمارية وخلق مدارات سياحية بالمدن العتيقة للمدن الكبرى للمملكة، ونظرا لتنوع جوانب التراث التاريخي الأكثر تعبيرا، وبفضل هذه المدارات السياحية سيجد السائح متعة في اكتشاف والتعرف على أسس الثقافة المغربية، تؤكد هذه الجهات.
وتؤكد الوزارة المعنية بالحرف: “إن البرنامج يروم أيضا خلق شركة لتثمين التراث بغية استغلال الإرث المعماري للمملكة (قصبات، قصور، رياضات، فنادق، قصور للضيافة… إلخ)، وتحويلها إلى إقامات أصيلة ذات جودة عالية تتميز بطابع ثقافي قوي، سيساهم توزيعها الجغرافي على مجموع التراب الوطني، في خلق شبكة من المؤسسات المصنفة تستجيب للمعايير الدولية، كما سيخلق صدى طيبا يساهم في نجاح المشروع”، مضيفة أنه “سيتم كذلك إنشاء متاحف عالمية كبرى تتيح للسياح فرصة اكتشاف وفهم التراث التاريخي والثقافي للمملكة، وكخطوة أولى، سيتم إنشاء متحفين كبيرين: متحف إفريقيا بطنجة ومتحف تاريخ المغرب بمكناس، واللذان سيشكلان مؤسستين مميزتين بجودة معارضهما كالمتاحف الكبرى بأوروبا، وسيساهمان في الإشعاع الدولي للمغرب”.
وأخيرا، يتضمن البرنامج عرضا للترفيه يرتكز على الفنون والتراث الروحي من خلال تنظيم عدة مهرجانات، وستناط مهمة تسيير المهرجانات التقليدية، التي تكرس تقاليد الأجداد، بمؤسسة خاصة بالمهرجانات التقليدية في مختلف جهات المغرب، كما ستسمح المشاريع كفنادق الفنون أو أسواق الفن الأسبوعية في تكريس تموقع بعض المدن مع الاستفادة من إبداع الفنانين المحليين”.
فعلى وزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، أي الوزارة المهتمة بتهييء الظروف الملائمة للسائحين وحثهم على زيارة البلاد، (عليها) أن تشدد الرقابة على كل القطاعات الخدماتية المرتبطة بالسياحة ببلادنا، فالكثير من السياح المغاربة والأجانب يشتكون من “الجعبة”، بمعنى الأثمنة المبالغ فيها نتيجة الاتفاق السري لذبح الشاري، بين البائع والمرشدين السياحيين، وخاصة في البازارات وبعض المطاعم والأماكن الترفيهية الأخرى.