تحليلات أسبوعية

بين السطور | ملامح مغرب ما بعد 8 شتنبر

بقلم: الطيب العلوي

    انتهت العطلة في وقت تتجه فيه كل الأنظار صوب الوجوه المعتادة(…)، قصد تخمين ما إذا كانت الاستراتيجية المربحة هي تلك التي اعتمدها زعماء الأحزاب، الذين راهنوا قبيل استحقاقات “انت وزهرك” لهذا العام، على التشبه بحال وصورة عامية المغاربة(…)، بوضع السيارات الفخمة و”الكوستيمات” الأنيقة جانبا، لصالح الزي الانتخابي الأصيل(…)، من “فوقيات” رثة، و”صندالات” وقبعات، أو ما إذا كان الحظ سيكون من نصيب أولئك الذين انحازوا إلى موضة التغيير الوشيك(…) لانتمائهم الحزبي، أحيانا في إطار البحث عن التزكيات، وأحيانا أخرى لتفادي تغيير البذلة(…).

هذا رغم أن الفوز، كما لم يعد يخفى على أحد، وكما بدأ يتأكد يوما بعد يوم، وللأسف، لن يكون عظيما(…) ولا مدهشا(…)، ما دام أن طابعه لن يكتسيه لا التشويق ولا التردد، ولا العفّة، ولا التساوي في الحظوظ(…)، وما دام أن النجاح صارت تخطه وجوه كل من “عندو الزين عندو الحمام” في هذا البلد السعيد، أحزاب فهمت أخيرا أن الجهاد الطويل الذي ناضلت من أجله أجيال.. لفصل الخلط المخيف بين المال والسياسة، لم ولن ينفع في شيء، قيادات ستنتصر إذن، بعد أن وضعت الملايير على الطاولات، على غرار استراتيجية فريق باريس سان جيرمان في مجال الرياضة(…)، وغذّت كل ذي حق حقه، وحركت الطائرات الخاصة الملوثة لتسهيل الجولات الانتخابية، طالت أو قصرت المسافات بين المدن(…) – على غرار ما نراه في الجولات الانتخابية الأمريكية المعروفة بالتباعد الكبير بين المدن والولايات – وغطت المواقع وشبكات التواصل الاجتماعي بالإعلانات، المكلفة لمئات الملايين يوميا، رغم أن قانون القطاع يمنع استخدام الإعلانات الرقمية لإشهار الحملات السياسية، ما يدل على أن “الفايسبوك” و”غوغل”، شربا وأكلا أيضا من زردة موسم الحمام: معلومة أغفل عبد اللطيف وهبي سردها، يوم الثلاثاء الماضي، خلال اللقاء التواصلي الذي عقده في بركان، لما حذر من أن “المال السياسي” صار ظاهرة تغرق الصحافة، في إشارة إلى نفس الإمبراطوريات المالية(…)، كما تناسى التذكير بأنه حتى عالم المسرح والإخراج السينمائي يشتغل مع كل من يوزع الأموال.. والعرض المسرحي المفبرك والمتقن الذي استمتعنا به في المسرح الملكي بمراكش مؤخرا(…)، من إنتاج فريق “الأحرار”، خير دليل على ذلك.

بعد كل هذا، لا بد أن ينتصر المال إذن على السياسة، لتشكيل قوة تنفيذية في بلد ملك الفقراء، ولم لا، ربما قد تشكل تجربة جديدة قد تصدق، وحتى لو فشلت، قد يضيف المغرب لخبراته مقولة “سال المجرّب لا تسال الطبيب”.

كيفما كان المآل، سواء تراجعت فعلا الأحزاب السياسية التي أمسكت بزمام أمور الولايتين الأخيرتين حسب قاعدة التراجع التلقائي، أو قاعدة الخروج العقباني(…)، فعاقبة الانتخابات ليست، لحسن الحظ، الوحيدة لتحديد مصير مغرب الغد.

الملامح المتبقية لمغرب الغد، تكفي مجرد جولة قصيرة بالعاصمة لتصوّرها، بين الخطط الجديدة في البناء والتي بعضها كلفت أزيد من تسعة ملايين سنتيم للمتر المربع، لكي تباع بـ 15 مليونا للمتر إبان الحكومة المقبلة(…)، ليبقى أيضا، والحمد لله، تصور المغرب الجديد قائما لمّا نرى أن البناء على قدم وساق للمقر الجديد للمديرية العامة للأمن الوطني بالرباط، المكلف لأزيد من ملياري درهم، والجامع لمختلف المصالح المركزية للأمن الوطني في بناية واحدة(…)، تمتد مساحتها على عشرات الهكتارات، وذكرت العديد بمقر البنتاغون الأمريكي.. في حالة ما إذا طغت السياسة أو المال..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى