تحليلات أسبوعية

بين السطور | التراشق بالبيانات، لن يزيد الطين إلا بلة

بقلم: الطيب العلوي

    لطالما عج تاريخنا بأحداث نقف عندها باستمرار، للاطلاع على مكامن الأمور(…)، وهذه المرة، تعود بنا الذاكرة إلى عهد السعديين، وبحذافيره إلى معركة “وادي المخازن” أو “الملوك الثلاثة”، أو “القصر الكبير”.. أسماء لمعركة واحدة، وكل يسميها حسب معتقداته(…)، لتبقى ألقابًا ليوم واحد، من أيام إله واحد(…)، حين انتصر فيها أهل الإسلام باسم ما كان يسمى بالمغرب الأقصى، بعد أن تطور الأمر من نزاع على السلطة، بين كل من محمد المتوكل وعمه عبد الملك، إلى حرب مع البرتغال، بقيادة الملك سيباستيان، لما قاده طموحه إلى القيام بحملة صليبية قصد السيطرة على المغرب انطلاقا من شواطئه(…)، لكن سرعان ما راحت مملكة سيباستيان أدراج الرياح، وسقط في المعركة مقتولا، هو وجنوده.

هكذا بينت معركة القصر الكبير، لمن قبلنا، وستذكر لمن بعدنا، كيف أدت إلى القضاء على الأطماع أينما كان تموقعها(…)، وكيف جاءت كرد فعل ومنطقي(…) من المغرب على النوايا الإيبيرية(…)، مما مكّن المغرب آنذاك من استرجاع مكانته الدولية، كما أصبحت له شهرة عالمية، وهيبة وسط الدول الأوروبية.

“دارت لِيّام”.. فمنذ معركة “الملوك الثلاثة” إلى الآن، كل شيء تغير، حيث عوَّض “ذباب الفايسبوك” جنود المعارك(…)، وقايضت الرماح والسيوف لوحات التحكم و”فئران” الكمبيوتر، وفي الشرق، استُبدلت الدولة العثمانية بالجزائر.. وكأن كل شيء “مسخو ربّي”، إلا الدروس، نفسها التي ألهمت بعد قرون، عبد الكريم الخطابي ومعركته في “أنوال”، التي هزم فيها المغاربة الإسبان، كما أوحت للحسن الثاني، بمختلف الخطط والحيل السياسية لمواجهة “التعنت” الإسباني، الذي بدأ يستفحل مباشرة بعد استقلال المغرب، لما امتنعت المملكة الإيبيرية عن الخروج من عدة مدن، كطرفاية وسيدي إفني وباقي المناطق الصحراوية، مما دفع بالحسن الثاني (ولي العهد آنذاك)، إلى ترأسه شخصيا، فوجا للقوات المسلحة، من كلميم، متوجها إلى طرفاية، حتى محاصرته للإسبان في عين المكان، مطيحاً بالعلم الإسباني، رافعا للراية المغربية، مما دفع الإسبان إلى “الإفراغ”، والأحداث من تاريخ المغرب، والمستلهمة من سياق معركة “الملوك الثلاثة”، كثيرة ومتعددة..

وبما أن انتصارات الماضي قد تفيدنا من باب الخبرة(…)، في تحقيق نجاحات اليوم، فقد كان لا بد من النبش في العوامل التي ساعدت المغاربة إذن، على تحقيق نصر “وادي المخازن” الباهر، خاصة وأن المغرب كان قبيل المعركة، منهارا اقتصاديا وأمنيا وعسكريا، بسبب الحروب الأهلية الطاحنة، وسرعان ما يتبين تاريخيا، أن المغاربة إن انتصروا، فقد يرجع الأمر إلى دور السلطان عبد الملك السعدي وأخيه، في حسم المعركة لصالح المغاربة، من خلال توظيف خبراتهما العسكرية التي اكتسباها في الحروب العديدة التي شاركا فيها، سواء ضد الجيش العثماني أو ضد ابن أخيهما، محمد المتوكل، بينما مصادر تاريخية أخرى تسلط الضوء على السلطان أحمد المنصور، كقائد فعلي لهذه المعركة.. كان هذا في الرابع من غشت 1578.

ومن تم.. فدروس وحِكم المغرب في النصر، لم يتدخل فيها أبدا، لا رؤساء حكومات، ولا وُزراء الخارجية، وإنما يكون هناك – في كل مرة – تدخل مباشر لسلاطينهم وزعمائهم وملوكهم.. وما نعيشه اليوم من أزمات مع الجارة الشمالية، لن ينفع معه الاستمرار في “التراشق” بالبيانات، ولا البكاء على الأطلال(…)، الذي لن يزيد الطين إلا بلّة، ولن يؤدي إلا لعلاج “العدْيان” بأسماء مستعارة، واستشفائهم بأسمائهم الحقيقية..

تدخل مغربي وشيك، وعلى أعلى مستوى.. “لا بدّ منّو”.

‫3 تعليقات

  1. الوزير ناصر بوريطة هو الرجل المناسب في المكان

    المناسب،كما يعتبر احسن وزير خارجية عرفه المغرب منذ استرجاع الصحراء الحبيبة،لذا نحن معه قلبا وقالبا ونريد المزيد من الضغوطات على الصبليون بورقعة والوقوف لهم ندا للند ورد الاعتبار لجميع المغاربة وشعارنا دائما الله الوطن الملك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى