المنبر الحر

المنبر الحر | مبطلات الانتخابات

بقلم: هشام عميري

    شهور قليلة تفصلنا عن حدث سياسي ستعرفه الحياة السياسية لمغرب ما بعد دستور 2011، ويتعلق الأمر بثالث انتخابات تشريعية وثاني انتخابات ترابية، هذه الانتخابات التي من المنتظر أن تفرز لنا أغلبية جديدة ومعارضة جديدة بوجوه قديمة.

وهي انتخابات دعت فيها مجموعة من الأحزاب السياسية إلى إعادة النظر في القوانين المنظمة للعملية الانتخابية المرتقبة وإصلاح ما يمكن إصلاحه، والتي تمت فيها المصادقة على مجموعة من مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بهذه العملية، وهي أربعة مشاريع قوانين تنظيمية، كان من أبرزها مشروع قانون تنظيمي رقم 04.21 المتعلق بمجلس النواب، والذي خلق الجدل فيما يخص المستجد الذي حمله فيما يخص القاسم الانتخابي، والذي اعتبرته المحكمة الدستورية في قرارها الصادر مؤخرا، بأنه ليس فيه ما يخالف مقتضيات دستور 2011.

فإذا كانت الأحزاب السياسية تتصارع حول القاسم الانتخابي وحول أنماط الاقتراع التي تناسب مقاس كل حزب سياسي، فإن هناك من يرى بأن من أكبر الثغرات التي تعرفها القوانين المنظمة للعملية الانتخابية بالمغرب، غياب الشرط العلمي، ولذلك يجب على الأقل فرض شهادة البكالوريا على كل من يرغب في خوض غمار الانتخابات، فالأرقام تشير إلى أنه من أصل 30 ألفا و663 مستشارا يديرون شؤون الجماعات الترابية البالغ عددها 1503 جماعات، هناك 4739 لم يكملوا تعليمهم، وهي أرقام تبقى جد مخجلة وتدعونا إلى إعادة النظر في المستوى العلمي للمترشحين، هذا من جهة، أما من جهة ثانية، فإن الاستحقاقات المرتقبة خلال هذه السنة، تطرح سؤالا آخر حول مشاركة الجالية المغربية المقيمة في الخارج في هذه العملية الانتخابية، وذلك تماشيا مع روح دستور 2011، الذي منح للجالية الحق في الترشح والتصويت، علما أنه تم إقصاؤهم في مجموعة من المحطات الانتخابية التي عرفتها بلادنا، وذلك قد يرجع بالأساس إلى أسباب سياسية وأخرى تقنية.

كما أن الانتخابات القادمة، تدعونا إلى وقف نزيف الترحال السياسي الذي أفقد الأحزاب السياسية مرجعيتها الفكرية، حتى أننا لم نعد نعرف الأحزاب اليسارية من الأحزاب الإسلامية، ولا اليمينية من اليسارية، رغم أن دستور 2011 حاول القطع مع هذه الظاهرة، وذلك من خلال الفصل 61 منه، إلا أن عملية الترحال أصبحت تمارس في آخر الولاية التشريعية، وذلك من أجل محافظة هؤلاء على مناصبهم داخل البرلمان، وهو ما ساهم في تبخيس العمل السياسي بالمغرب، وبالتالي، ارتفاع نسبة المنتمين إلى حزب المقاطعين، إضافة إلى أن حالة التنافي التي جاءت بها القوانين الجديدة، أعطت لبعض الجماعات هذا الحق، في حين تم منع جماعات أخرى منه، وهو ضرب لمبدأ المساواة بين الجهات، كما أنه ضرب للجهوية المتقدمة التي فشلت قبل أن تبدأ.

فهذه تعتبر من النقاط الأساسية التي كان على الحكومة والأحزاب السياسية من جهة، والمجتمع المدني من جهة ثانية، معالجتها، وذلك من أجل إصلاح الترسانة القانونية المنظمة للعملية الانتخابية حتى لا نكون من جديد أمام مبطلات العرس الانتخابي لسنة 2021 بدون شواهد علمية ولا كفاءة دبلوماسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى