تحليلات أسبوعية

بين السطور | “طرح الضّامة” غير مفهوم

بقلم: الطيب العلوي

    بعد أن أعلن المغرب، بداية شهر مارس المنصرم، قطع علاقاته مع سفارة جمهورية ألمانيا الاتحادية بالرباط، ومع جميع هيئات التعاون والمؤسسات التابعة لها، عبر مراسلة بوريطة المشيرة فقط إلى “خلافات عميقة تهم قضايا مصيرية”، وبعد “ألف تخميمة وتخميمة”، لم يتوصل أحد إلى فك اللغز(…)، حتى ظن الجميع أنها، وكما يقول الجزائري الأصل المغربي الجنسية(…)، الشاب خالد: “غير زعفة وفايتة”.. إلا أن “ترمضينة” المغرب الأخيرة تُجاه برلين، تبين من خلالها أن الأوضاع ليست كذلك..

لم تمض سوى شهرين على الغضبة(…) الأولى، وبعد أن تلاها توضيح من الخارجية الألمانية، على أنها لا ترى “أي سبب يعرقل العلاقات الطيبة مع المغرب”، جاء رد المغرب في هذا الشهر الكريم(…)، على شكل فعلي أكثر مما هو شفوي(…)، مشيرا إلى مكان “الدَّبْرَة”، في خطوة أكثر تصعيدا، باستدعائه علنا هذه المرة(…) لسفيرته في برلين، وفي إطار أكثر وضوحا، عنوانه الموقف السلبي للألمان بشأن قضية الصحراء المغربية، ذي الطابع العدائي في أعقاب الإعلان الرئاسي الأمريكي الذي اعترف بسيادة المغرب على صحرائه.

واضح ومفهوم.. إلا أن ظروف وتسلسل الأحداث لم يوحّد المغاربة في الرأي، حيث يرى فيه الطرف الأول شكلا من أشكال الحكمة، والثاني ذَكَّرَتْه الأمور بلعبة “الضّامة”، التي ترعرعوا عليها، وتبنّوها بعدما كبروا(…)، أما الثالث، فقد استنتج من كل هذا، نوعا من “الترمضين”.

أصحاب “حسن النية”، يرون في هذه الاستراتيجية الخارجية الجديدة للمغرب، الذي لم يعد يتردد ولو ثانية في إبداء استيائه وعبسته تُجاه أول دولة تخطئ في حقه، كيفما كانت قوتها وعظمتها، نوعا من الاقتداء بسلوك رسول الله تُجاه العُنُد، حيث كان النبي “ص” يحاور كبار الزعماء مبينا لهم حقيقة الإسلام، فجاءه رجل وأراد مقاطعة حديثه، وتكلم بما يتنافى مع الأدب واللباقة ومع ما يقتضيه الحال، وإذا كان النبي “ص” لم يجبه في شيء، فقد أصاب، بنزول قوله تعالى في القرآن: ((عبس وتولى))، ذات الحِكم الغنية، والمعاني اللامحدودة(…).

أما من لم يفقه شيئا، فقد قارن الوضع بـ”طرح من الضّامة”.. تلك اللعبة التي دخلت المغرب وانتشرت في أحيائه وأزقته وبيوته ومقاهيه، إلا أن المقاربة هنا جاءت على شكل صيغة جديدة من اللعبة، حيث أن اللعبة الأصلية لا تتعدى أبدا لاعبين، إلا أنه في حالتنا، بدأنا نعاين مغربا يواجه خصمين في طرح واحد، بين الألمان وبلاهاتهم في رفع الأعلام المفبركة واحتضان كل معارض للنظام(…)، والإسبان وتفاهاتهم في توزيع الأسماء المُستعارة.. ليبقى الله وحده يعلم إن كانت شجاعة المغرب هاته في “اللعب”، قد اكتسبها بمقتضى الظلم الذي يتعرض له، أم أنها جاءت بعدما كسب ثقة ومساندة البطل العالمي في اللعب(…).

أما مناصري فكرة “الترمضين”، ومن باب التوضيح، فلا يرون “الترمضينة” في نوعية القرارات التي يتخذها المغرب مؤخرا، ولا في السياسة الخارجية الجديدة التي ينهجها، وإنما في أوقات خروج القرارات عن وزارة الخارجية، والساعات المتأخرة من الليل لتوقيع البيانات، وكأن محرريها ينتظرون كل مساء أن يؤذن آذان المغرب، وأن يذهب الظمأ، وتبتل العروق بالماء، والقهوة(…)، قبل النشر.. غير أن هذا الطرف الأخير، صار صوتهم منعدما، بعد تبادل التهاني بمناسبة العيد.. فعيدكم مبارك سعيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى