المنبر الحر

المنبر الحر | أين المسؤولية في التعليقات الحرة على الأنترنيت ؟

بقلم: عثمان محمود

    لم يوفر العالم الرقمي للأخبار المكتوبة والمصورة على حد سواء، سرعة الانتشار فحسب، بل ها هو قد أتاح للمتلقين في موازاة مع ذلك، إمكانية التعليق بحرية على ما يتلقونه ويتابعونه، في اللحظة والحين، الشيء الذي تفتقر إليه صفحات الجرائد الورقية، وأثير الإذاعات، ومعها القنوات التلفزية، لذا يلاحظ المتابع للمواقع الإلكترونية، التي تعنى بنقل الأخبار ورصد الأحداث والوقائع، كثرة التعليقات، كما تحددها الأرقام التي تعدها أولا بأول، وهو ما يؤشر على نسبة التجاوب الذي يبديه المتلقي مع ما ينشر على مدار اليوم، ويؤكد في الآن نفسه على أهمية هامش الحرية المتوفر في هذا الصدد كمعطى صحي في جسم الصحافة ذات الارتباط المباشر بالفضاء الرقمي الواسع، ومع ذلك، فإن الناظر المتفحص للكم الهائل من هاتيك التعليقات المتفاوتة طولا وقصرا، والتي تأتي في ذيل ما ينشر مكتوبا أو مصورا، يقف على أن العديد منها لا يعدو أن يكون سوادا على بياض، أي مجرد خطوط تحمل بعضها عبارات الرضى، والبعض الآخر عبارات السخط بأساليب ضعيفة لغة وصياغة، فالأخطاء الإملائية والنحوية والصرفية بالجملة، وعلامات التسرع أثناء تدوينها ظاهر للعيان، وغياب المراجعة والتنقيح قبل إرسالها ناطق بألف لسان، فضلا عن هذا، فإن نسبة منها تعمد إلى اللغة العامية أثناء ذلك الرد السريع، مما يفسح المجال أمام تسرب الكلمات المبتذلة التي تجعل منه تعليقا يعبر عن رد فعل بعيد كل البعد عن أدب الحوار والمجادلة بلغة راقية، وسلوك متمدن، وهكذا فإن هذا النوع من التعليقات المستعجلة، وغير المسؤولة، لا يسمح مطلقا للكثير منها أن يكون ذا مضمون جيد يستحق أن يضيف الجديد إلى ما تناوله مقال كتب بعناية فائقة، أو حدث صور بمهنية وحرفية.

بالله عليكم أي فائدة ترجى من تعليق يتكون مثلا من أربع كلمات وما تبقى سطر كامل متراص يتشكل من حرف الهاء، في تعبير ساخر فج عن قهقهة طويلة النفس؟! وأي جدوى تذكر من تعليقات تأخذ شكل جدالات عقيمة بين تعليق سابق، وآخر لاحق؟!

إن الحرية المكفولة في هذا الباب، لا ينبغي أن يجرفها تيار الفوضى والغوغائية التي تغيب وراء ستارتها القاتمة، الجدية عن الذي يتم الإدلاء به في هذا الشأن. فلا قيمة إذن، لحرية تفتقر إلى المسؤولية، فأنا حر يعني أنا مسؤول، وفي ظل هذا المبدأ الأساسي، وجب على كل من يدلي برأيه فيما يقرأ أو يشاهد، أن يتروى مليا قبل طرح ما يرغب في طرحه، وأن يسعى جاهدا إلى إضافة الجديد من زاوية أخرى، كل ذلك بلغة سليمة، وصياغة محكمة، وأسلوب منسق، بدل التسرع في الكتابة وإطلاق الكلمات على عواهنها بلا رقيب ولا حسيب.

إن التعليق على ما ينشر على صفحات مواقعنا الإلكترونية مكسب هام، لا ينبغي الإساءة إليه بمساهمات لا تحمل من التعليق إلا الاسم، ولتكن الآراء ووجهات النظر المخالفة أو المؤيدة في المستوى المرجو مضمونا وشكلا، وليعمل المشرفون على تلك الصفحات (بدون أدنى شعور بالذنب) على إقصاء ما لا يستحق أن يكون تعليقا بمعنى الكلمة، فأهمية المشاركات في جودة مضامينها وحسن طريقة تناولها لا في كثرة أعدادها، “أما الزبد فيذهب جفاء”.

تعليق واحد

  1. 1ـ شأن التعليقات (كما ورد في المقال):
    … بأساليب ضعيفة لغة وصياغة، فالأخطاء الإملائية والنحوية والصرفية بالجملة، وعلامات التسرع أثناء تدوينها ظاهر للعيان، وغياب المراجعة والتنقيح قبل إرسالها ناطق بألف لسان،
    الانترنيت مفتوح لكل المستويات التعليمية .. من التحضيري حتى الجامعة .. وهناك من يترفع عن إبداء رأي، أو تعليق .. لأنه يضن بوقته، ولا يرجو فائدة من مزاحمة الذين “طبع الله على قلوبهم” ومن زادُهم الشتائم والتعصب وغياب المنطق والتعقل ..
    وقد يحجم أيضا، لأن عددا من التعاليق يدرج في خانة “مخالف لقواعد النشر” فيضيع جهد صاحب التعليق حتى وإن كان ملتزما.
    2 ـ بالنسبة للمقال:
    بعض محرري المقالات (ولا أسميهم كتابا) يبدعون في النحو والصرف والتراكيب ما لم تجْر به قواعد ولا أعراف.
    بعض محرري المقالات مستلبون مشرقيا، ويقلدون طرقا شائعة عندهم، وأبرزها للعيان التمطيط والتكرار (أو ما أسميه: تجباد لاستيك)
    بعض محرري المقالات يلجؤون لأساليب “صبيانية” في محاولة لتصيد القاريء: (عاجل .. حصري .. وها علاش .. اقرأ قبل الحذف .. سكوب ..) وكلها ستتقادم/ ستنكشف في مواقع أخرى بدون هذه “الإغراءات” المرذولة ..
    شخصيا، أرغب في “رؤية” متن الخبر مبنيا على الإيجاز، ثم يعقبه التحليل والتفريع .. ليكون لي الاختيار بقراءة الكل، أو الاكتفاء بقراءة الخبر مجردا من توابعه. (وللوقت دور حاسم في زمن القراءة، وفيما أريد الاطلاع عليه).

    أختم بالعبارة الشهيرة ” الشخصيات المومأ إليها كلها خيالية، وكل تشابه مع شخصية حقيقية ـ في الواقع ـ هو مجرد صدفة،”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى