المنبر الحر

المنبر الحر | فوائد ما بعد كورونا..

بقلم : رحال هرموزي

    رجة “كورونا” من أخطر الرجات التي تعرضت لها الإنسانية عبر تاريخها الطويل، قد لا تكون الأولى وقد لا تكون الأعنف، ولكنها الأعم بلا شك. فالناس في القرون السابقة عاشوا حروبا وأوبئة وزلازل وفيضانات أودت بحياة الملايين من الأرواح، هذه التجارب المريرة التي مرت منها الإنسانية تعلمت منها الشعوب التي دونت تاريخها بصدق، أن التعايش في صحة وسلام من أهم القيم، فنبذت الحروب فيما بينها واستمر الاقتتال بين الأمم المتخلفة التي لم تسجل ماضيها أو زورته، لذلك لم تستفد منه، تعلمت منها الشعوب المتطورة كيف تطور عيشها، وكيف تقاوم الأمراض والكوارث الطبيعية، فطرقت أبواب المعرفة وطورت البحث العلمي الذي أنتج الغذاء والدواء وطور التكنولوجيا ووسائل الصمود أمام الكوارث، ومن حسن حظ الشعوب المتخلفة، أنها وجدت من يجتهد ويخترع ويصنع نيابة عنها وصارت تبيع مقدراتها وإنتاجاتها البدائية بأثمان بخسة لاقتناء ما صنعه الآخرون بأثمان باهظة، ولولا ذلك، لكانت تعيش الآن عيشة القرون الوسطى، ولاشك أن الشعوب المتطورة ستستوعب الدروس مرة أخرى من وطأة هذا الفيروس أفضل من غيرها، وستنطلق من جديد نحو مستقبل أفضل. هذه الوقفة الاضطرارية التي فرضها وباء “كورونا” على الشعوب، والتي بعثرت أوراق الاقتصاد وزلزلت مراتب الدول، يجب أن تكون محطة لمراجعة الذات وإعادة ترتيب الأولويات والاهتمام بالأهم.

عندما يغلق عليك بيتك (وطنك)، تتلخص حاجاتك في قوت ادخرته وصحة حافظت عليها وأجهزة وأدوات تيسر حياتك ومعرفة تدبر بها أمورك، لذلك، فالمغرب في حاجة لتطوير ميادين الفلاحة والصحة والصناعة، ولن يتأتى ذلك بدون معرفة وعلم، فهذه الميادين الأربعة: الفلاحة والصحة والصناعة والتعليم، يصعب ترتيبها كأولويات، وكيفما رتبتها يبدو الترتيب معقولا، ومن الأفضل أن يتم النهوض بها بشكل متزامن، فعندما أغلقت الأبواب بيننا وبين الشعوب الأخرى، توقفت السياحة والرياضة والملاهي والمقاهي والمساجد، وألغيت المهرجانات والمواسم والأعراس والمآتم التي ابتدعنا فيها أكثر من اللازم، ولم ينفع إلا ما ذكرت أعلاه.

بعد “كورونا”.. لن نكون كما كنا. لن يطربنا إعلامنا المرئي والمسموع بفن مبتذل، ولن تشد انتباهنا برامج التجميل والترفيه التافهة والمسلسلات السخيفة المكلفة، بل سنطرب وسننتبه وسنزداد جمالا ونضارة عندما تقدم لنا وسائل الإعلام فلاحا طور زراعته، وأستاذا رقمن دروسه، وطبيبا وصانعا وموظفا أبدعوا في عملهم. يجب أن نستوعب الدروس، ورب ضارة نافعة.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى