المنبر الحر | ضعف البحث العلمي ومواجهة “كورونا” القاتل
11 أبريل، 2020
0 2 دقائق
بقلم : حسوني قدور بن موسى
يعتبر البحث العلمي، البعد الأساسي في التقدم والازدهار في جميع ميادين الحياة، الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والبيئية والصحية… وله الدور الهام في بناء الدولة العصرية، لأنه صيغة التقدم التي بها تبنى الأوطان، وتعود أسباب تأخر الدولة في مجال البحث العلمي إلى عدم توفر المقومات العامة للبحث العلمي التي يمكن تحديدها في ما يلي: أولا: البيئة التمكينية للبحث العلمي والتي تشمل كل ما هو لازم لتنشيط وتطبيق البحث العلمي، ثانيا: العنصر البشري (الباحث)، فالمؤهلات والشهادات لا تكفي لتكوين الباحث، بل يحتاج البحث العلمي إلى بناء قدرات خاصة بالبحث، وإلى نشر ذهنية البحث العلمي بين الطلبة والأساتذة الجامعيين والعاملين في الوسط العلمي بشكل عام، ثالثا: الدعم المالي اللازم، الذي يعتبر الركيزة الأساسية للبحث العلمي إلى جانب توفير الطلب على البحث العلمي، والذي يتطلب توفير النموذج التنموي على مستوى الدولة والذي يضع في خططه الاعتماد على العلم والتكنولوجيا كأداة للتنمية.
يعاني مجال البحث العلمي في المغرب صعوبات كثيرة، مما جعل الفجوة كبيرة إذا ما قورن بالدول الأوروبية، وإذا حاولنا معرفة الجانب المالي الذي يتم صرفه في مجال البحث العلمي، نجده لن يصل إلى ملياري دولار سنويا في أفضل الدول العربية حالا إن لم يكن أقل، وهو مبلغ قد يعادل ما تصرفه جامعة واحدة في أمريكا، وحجم البحوث العلمية العربية شحيحة جدا مقارنة مع النسب العالمية، فالدول التي تسعى إلى التقدم والازدهار دائما ما تضع البحث العلمي على رأس أولويات أجندتها ولا تبخل في تخصيص نسبة كبيرة من مجهوداتها وناتجها القومي لصالح تنمية مجال البحث العلمي في كثير من التخصصات.
ولقد اعترفت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر في المغرب، بأن “الميزانية المرصودة للبحث العلمي لا تزال دون مستوى الطموحات”، إذ أنها لا تتعدى اليوم 0.8 في المائة من الناتج الداخلي الخام، في حين أن المتوسط العالمي يصل إلى 2 في المائة عموما، ويصل 4 في المائة في الدول المتقدمة.
إن مشكلة المغرب في مجال البحث العلمي لا تجد اهتماما كبيرا من قبل المسؤولين، مما انعكس سلبا على تصنيف الجامعات المغربية مقارنة مع غيرها في آخر المراتب، حسب التقرير الصادر في شأن مستويات 500 جامعة على مستوى العالم، لم تكن من بينها سوى جامعة عربية واحدة صنفت وفق المعايير المعتمدة كقاعدة يحتكم إليها وفي مقدمتها مدى الاهتمام بالبحث العلمي كما ونوعا وصرفا ماليا.
ونظام التعليم الذي يخرج الكثير من الأميين بمعدلات مخجلة نتيجة الغش والبيع والشراء في الشهادات الجامعية، حيث يمكن لأي طالب أو موظف لا يعرف الجامعة أن يحصل على شهادة جامعية (ليسانس أو ماجستير أو حتى دكتوراه) في أي تخصص، الأمر الذي يهدد مصداقية مستوى البحث العلمي والحياة التعليمية في بلادنا، وهنا تنعدم القيمة العلمية والتطبيقية التي تمثل إسهاما جديدا في الحضارة البشرية.
إن ملف البحث العلمي في المغرب كقضية مهمة ذات جوانب متعددة، يشمل الجانب المادي وما يواكبه من فساد ونهب وسرقة وتبذير أموال وثروات الشعب في الأمور التافهة وتنظيم الحفلات والمهرجانات الباهظة التكاليف، هذا بالإضافة إلى صرف رواتب خيالية لبعض المسؤولين، فعلى سبيل المثال رواتب المستشارين والموظفين بمجلس المستشارين تكلف المغاربة 20 مليار سنتيم، ويبلغ راتب رئيس الحكومة المغربية 100 مليون سنتيم سنويا، بينما يبلغ حاليا الراتب الشهري للرئيس الفرنسي 19 ألف يورو، هذا فضلا عن سرقة صناديق الدولة وتهريب الأموال إلى الخارج من طرف المفسدين، ومنح الملايير إلى المطربين(..)، فقد كان من الأجدر، صرف هذه الأموال الطائلة وغيرها من المصاريف الهائلة التي تمنح بلا هدف ولا فائدة، في البحث العلمي وتجهيز الجامعات، وبناء المعامل لصنع الأدوية والمستلزمات الطبية والمستشفيات لمواجهة الأزمات الصعبة مثل فيروس “كورونا”، وغيره من الكوارث التي يجب التخطيط لها قبل فوات الأوان.