شخصيات

حوار الأسبوع | شباط يتحدى الفاسي الفهري: التاريخ لن يمسحه لا إلياس العماري ولا أخنوش

“الحدود المغربية الحقة درس للتاريخ والأحزاب الإدارية تخشى انخراط حزب الاستقلال في المشروع الملكي”  

حاوره: سعيد الريحاني

   قديما، كان المناضلون في حزب الاستقلال يحيّون بعضهم بـ”التحية النضالية” كل على طريقته، لكن الاستقلاليين اليوم، يحيون بعضهم البعض عن طريق القول “مبروك العيد”، وكأن كل أيامهم أعياد، وقد كانت هذه العبارة مقتصرة في البداية على صاحبها حميد شباط قبل أن تعمم بشكل تلقائي، بعد وصوله للأمانة العامة.

   يوجد حميد شباط اليوم في قلب عاصفة الخصوم(..)، لكنه لم يستسلم وصار هو أيضا رمزا من رموز مقاومة التحكم(..)، وربما اختاره التاريخ ليلعب دور المعارض الأول في المملكة(..)، نظرا لتصريحاته الثورية في الفترة الأخيرة، فهو الوحيد حتى الآن، الذي يواجه رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار بوجه مكشوف، بل إنه يقول إن ثروة رئيس حزب الأحرار تعادل ثروة كل المغاربة، ويضيف أنه يستفيذ من 13 مليار درهم المخصصة لدعم قنينات الغاز، بل ويتهمه مباشرة بالوقوف أمام مخطط منع تقديم الدعم المباشر للفقراء، و”مخصوش يكون فالحكومة” هكذا يتحدث شباط، الذي صدر في حقه بلاغ من طرف وزارة الداخلية، يدعو وزارة العدل إلى فتح تحقيق في مقال نشره موقع حزب الاستقلال، حول “موت الزايدي وباها في واد الشراط”، وقالت الداخلية: “إنه لا يمكن القبول أن يتم اختلاق وقائع وفبركة ادعاءات وإثارة مزاعم مغلوطة تحركها دوافع سياسية غامضة، لتوجيه اتهامات مهزوزة دون تقديم البراهين المعززة بالحجج”.

   “الأسبوع” حاورت شباط وطرحت عليه السؤال التالي: “ما هو تعليقك على بلاغ وزارة الداخلية؟”، فقال بلغة هادئة: “نعتبر أن موقف حزب الاستقلال القاضي بالمشاركة في الحكومة، هو الذي خلق لنا بعض المشاكل، ونحن كقيادة ملزمون باحترام قرارات المجلس الوطني للحزب، أما بالنسبة لوزارة الداخلية، فإني أعتقد أن من حقها أن تفتح تحقيقا حول أي موضوع، ولكن كان عليها أن تستدعي الأمين العام للحزب، وتستفسره، لأن العلاقة ما بين وزارة الداخلية والأحزاب هي علاقة رجال دولة، تحكمها المصلحة العليا للوطن، وهذا ما لم يحصل، حيث لم يكن هناك حوار، وموقف وزارة العدل، فيه نوع من الضغط على الحزب وهذا الأمر ليس وقته الآن، لأننا بصدد التهييء للمؤتمر في هذه الظروف..”.

   هكذا ربط شباط بين بلاغ وزارة الداخلية، وهو البلاغ الثاني من نوعه بعد البلاغ الشهير الذي اتهمه فيه حصاد، بـ”محاولة ابتزاز وزارة الداخلية للحصول على رئاسة جهة”، ليطرح السؤال، هل للأمر علاقة باصطفاف شباط إلى جانب بن كيران الحاصل على المرتبة الأولى في الانتخابات؟ يجيب شباط ذي الميولات النقابية، التي لا تحترم في الغالب أصحاب رأس المال: “لما قرر المجلس الوطني المشاركة في الحكومة أو مساندتها برلمانيا، فذلك لم يكن من أجل بن كيران، بل من أجل احترام إرادة الشعب المغربي المعبر عنها في صناديق الاقتراع ودفاعا عن الديمقراطية في بلادنا خلال العهد الجديد، خصوصا من 1999 إلى اليوم، حيث اختار الملك محمد السادس نصره الله، أن يكون حاميا للديمقراطية، وأول مشروع جاء به هو المفهوم الجديد للسلطة”.

   يعتبر الأمين العام لحزب الاستقلال، أن حزبه منخرط انخراطا تاما في برنامج الملك، “لكن بعض الأطراف والتي اعتدنا على تسميتها الأحزاب الإدارية، لا تريد أن يكون حزب الاستقلال في الحكومة، لأنها تريد أن توفر لنفسها حقائب وزارية، وأصحاب هذا الحساب مخطؤون، فحزب الاستقلال لا يبحث عن الحقائب، وقد لاحظتم في أول لقاء بين رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ورئيس الحكومة، أن طلب منه عدم مشاركة حزب الاستقلال، وهذا أمر غريب لا وجود له في أدبيات السياسيين بمختلف أنحاء العالم ..” يقول شباط.

   يؤمن شباط، الذي يرجح ترأسه للأمانة العامة، لاسيما بعد التصالح بينه وبين تيار عبد الواحد الفاسي، الذي شوهد في اللقاءات التي عقدها الحزب مؤخرا، أن حزبه يتعرض للعقاب ويفسر ذلك بقوله: “نحن نعاقب بطبيعة الحال، فرئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقول بأنه يتوفر على الأغلبية من خلال جمعه أربعة أحزاب، يؤكد عدم احترام أصوات الشعب المعبر عنها في الصناديق، وهذا يعني أننا مطالبون بالدفاع عن الديمقراطية مهما كان الثمن..”، نفس المصدر يقلل من قيمة التحقيق الذي ستفتحه وزارة العدل بناء على توجيهات الداخلية، بقوله: “إن فتح تحقيق معنا مسألة بسيطة جدا ولم تكن تتطلب تدخل وزارة الداخلية، لأن الموقع الذي نشر المقال موضوع التحقيق، يوجد على رأسه، رئيس تحرير ومسؤول تقني وضع المقال، أما الحزب، فلا علاقة له نهائيا بهذا الموضوع، ويعبر عن مواقفه انطلاقا من قنواته الرسمية ومؤسساته، وقد تم فتح تحقيق في ما إذا كان الأمر يتعلق باختراق، وقد فتحنا تحقيقا داخليا في الموضوع، مباشرة بعد توصلنا بالخبر، حيث تم اتخاذ قرار لإلغاء المقال.. وأصدرنا بلاغا في الموضوع، أكدنا فيه احترامنا لكل من عبد الله باها وأحمد الزايدي رحمهما الله..” يقول شباط، الذي تنفرد “الأسبوع” بمحاورته.

   وكان حميد شباط قد “عوقب” إعلاميا، بالنظر إلى تصريحه القائل بأن “موريتانيا مغربية”، بل إن الأمر تحول إلى عنوان لأزمة دبلوماسية، وهنا نسأل شباط، “من بين التصريحات التي أثارت الضجة حولك، هو قولك بأن “موريتانيا مغربية”، هل تراجعت عن موقفك علما أن هذا الأمر، من الناحية التاريخية يعد صحيحا؟

   يقول نفس المصدر: “هذا التصريح، مرتبط بما قلته في يوم دراسي، كان موضوعه، تاريخ الحركة الوطنية، وعندما نتحدث عن الحركة الوطنية، وعن بداياتها وعن مطالبها وعن زعمائها، وعلى رأسهم زعيم التحرير علال الفاسي الذي كانت له أدبياته معروفة، وهي نفسها مبادئ الحزب، وفق حدود معروفة(..)، ولكنني عندما قلت هذا الكلام، قلت إن موريتانيا أصبحت الآن دولة.. باختصار هذا درس في التاريخ تم استغلاله سياسيا، وأعطى أكله..”.

   يذكر أن حزب الاستقلال، ومن يتعاطفون معه، يوجد اليوم في قلب معركة يسميها “الحاجة لاحترام ذكاء المغاربة” حسب تعبير الناطق الرسمي لحزب الاستقلال الذي يقول بالتزامن مع الاستعداد للمؤتمر: “يبدو أننا ندخل مرحلة جديدة من تمييع السياسة والعمل الحزبي، ويبدو أننا نخوض فصلا جديدا من فصول العبث الذي ستكون له بلا أدنى شك، كلفة بالغة، علما أن ما يجري يناقض بشكل كامل، ما حرص الملك في خطاب دكار على التنبيه إليه من التعامل مع الحكومة بمنطق الغنيمة، كما أنه يتناقض مع الرسالة التي أبلغها الملك عبر مستشاريه للسيد رئيس الحكومة المكلف، والقاضية بضرورة تسريع مشاورات تشكيل الحكومة بالنظر إلى الانتظارات الكبيرة التي لدى الشعب المغربي، قبل أشهر كانوا يريدون عرقلة تشكيل الحكومة ويعترضون على وجود حزب الاستقلال في الحكومة المقبلة، وبغض النظر عن سرليالية هذا المطلب، فإن صاحبه لم يقدم أي مبرر لذلك، وفجأة تم عزل جملة عابرة عن سياقها والنفخ فيها بشكل مثير، لكي تتحول بشكل مفاجئ إلى مبرر وحجة في يد من أعوزتهم الحجة لمدة ثلاثة أشهر، فأضحى الأمين العام لحزب الاستقلال، موضوع الاعتراض، ولأن بعض الطارئين على السياسة لا يعلمون أن السياسة جولات(..)، فإنهم لم يتوقعوا أن يقول الأمين العام لحزب الاستقلال: “أعلن اليوم بصفة رسمية أنني كشخص، لن أدخل الحكومة، وأن من يتحججون بشخصي وباسمي، عليهم أن يسارعوا اليوم إلى تيسير مهمة تشكيل الحكومة، فالشعب المغربي لن يرحم أحدا اليوم وغدا” وذلك يوم 31 دجنبر 2016.

نحن “مشاركون” في الحكومة وأملنا كبير في الملك والرأي الشخصي للمستشار الفهري لا يهمنا

  • قررتم المشاركة في الحكومة، هل مازلتم على موقفكم؟

  • مرة أخرى أؤكد أننا قررنا المشاركة، وقلنا إذا تعذر الأمر على بن كيران فسنساند الحكومة من خلال البرلمان، وعندما ستتشكل، سندعمها.

  • صدرت في الفترة الأخيرة تصريحات للمستشار الملكي، الفاسي الفهري في القنوات العمومية، اتهمكم فيها بخلق مشاكل للدبلوماسية المغربية، كيف تلقيتم ذلك؟

  • هذا تصريح عادي يتحمل فيه الفاسي الفهري مسؤوليته، وهو أمر يهمه شخصيا، ولا علاقة له بالمؤسسة الملكية، وقد قلت ذلك عبر قنوات أجنبية، وهو أن الملك لا يتدخل في الأحزاب السياسية، وهو حكم بين المؤسسات، ويحترم الديمقراطية لأنه حاميها، وضامن الوحدة الترابية، ونحن أملنا كبير وثقتنا كبيرة في جلالة الملك محمد السادس لإيقاف كل ما يمس الديمقراطية في هذه البلاد، وهو الوحيد الذي نؤمن به في حزب الاستقلال منذ عهد محمد الخامس إلى اليوم.

  • هل يمكن أن نفهم أن اصطفافكم إلى جانب الملك هو الذي خلق لكم المشاكل؟

  • هناك من يقول بأن الشرعية التاريخية انتهت واليوم هناك شرعية انتخابية حسب ما ورد في رسالتين للأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، لكن التاريخ يبقى هو التاريخ، ولا يمكن أن يغيره لا إلياس ولا أخنوش(..).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى