حديث العاصمة | “الدبلوماسية الضائعة” في مجالس الرباط


بينما الأوراش الملكية تغمر كل أرجاء العاصمة والمشاريع تسابق الزمن لتدشينها وتقديم خدماتها، تتمتع مجالس الرباط وقد أناط بها الدستور – كما تعلمون – مهمة إسعاد وقضاء حاجيات الساكنة بالامتيازات والراحة مقابلها، بحيث لا تجتمع إلا مرة واحدة في كل أربعة أشهر ولساعات معدودة ثم ترفع جلساتها، وكان عليها وهي ممثلة لساكنة عاصمة سياسية ودبلوماسية، خلق المثير للاهتمام في كل دورة من دوراتها التي لا تتعدى 3 في السنة بمعدل دورة واحدة في كل 4 أشهر، تنزل كالصاعقة ببرقها وخفوت أنوارها، وتنتهي بأمطار من الكلام المصنف بالثرثرة، وما بين البرق والأمطار ضاعت “فطنة” المدورين المدوَّخين بالدوران.
فلم تلتقط بعض المجالس بعد مغزى استضافة المغرب في آخر هذه السنة 2025 لتظاهرة “الكان”، والعاصمة مجندة ليل نهار لجعل هذا العرس الكروي الأحسن والأهم من سابقيه، ومخطئ من يعتبر هذه التظاهرات مجرد مباريات في كرة القدم، بل إنها رياضة وسياسة واقتصاد ودبلوماسية وثقافة.
وإن كانت الرياضة محظوظة بإشعاع المنتخب الوطني لكرة القدم، فإن الباقي مسنود إلى السياسيين في المجالس الجماعية ومنها الدبلوماسية الضائعة بين نظيراتها الإفريقية، وسبق أن نادينا وطالبنا والتمسنا فتح قنوات للتواصل معها، لربط علاقات جديدة تبتدئ بإبراز اهتمام عاصمة الثقافة الإفريقية بمحيطها القاري، وقد خصصت جل شوارع مقاطعة بأسماء دول وعواصم هذا المحيط، مقاطعة تاريخية بامتياز ومقر للبرلمان والحكومة، لكن مع الأسف، لا مجلس المقاطعة ولا مجلس الجماعة، وقد وجدا أمامهما هذه “الجغرافية الإفريقية”، حاولا توظيفها للتقرب إلى إخواننا الأفارقة ونبهنا مجالسنا بإضافة نعت “الإفريقي” على حي المحيط وهو جامع لكل الشوارع المسماة على عواصم ودول إفريقية، بل اقترحنا عليها أن تشمل هذه التسمية حتى ساحلها ولم لا شاطئها.
واليوم، ها هي فرصة ثانية تتاح لها لتوطيد تواصلها وإن كانت لا تواصل يربطها بها، لتهافتها على القطب الشمالي بدلا من القطب الجنوبي ونحن منه وركائزه، فنلح عليها لدعوة عُمد ورؤساء بلديات العواصم الإفريقية من أجل حضور افتتاح مراسيم “الكان”، وتوجه ملتمسها إلى من يعنيه الأمر، لبرمجة هذا الافتتاح في العاصمة السياسية وتبرر هذا الملتمس بمكانة الرباط الروحية كمقر لإمارة المؤمنين، وأيضا لكل شروط نجاح العرس الإفريقي، ونتمنى أن تقرأ مجالسنا رسائل تنظيم “الكان” السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، وإجراء قرعة كأس إفريقيا في الرباط عاصمة الثقافة الإفريقية، بينما ظل قسم العلاقات الدولية في المجلس الكبير، مجرد قائم مقام وكالة أسفار لترتيب أسفار المنتخبين إلى ما وراء البحار.