تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | كيف حول أخنوش جلسات المساءلة الشهرية إلى حلقات لخرق الدستور والكذب على المغاربة

ضعف التواصل السياسي عند رئيس الحكومة يبلغ أوجه

بغض النظر عن النقاش القانوني، فإن التهمة التي ظلت تلاحق رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال ولايته، هي “التهرب” من جلسات الأسئلة الشهرية بالبرلمان(..) حيث تنص المادة 278 من النظام الداخلي لمجلس النواب، على أنه ((طبقا للفصل 100 من الدستور، تخصص جلسة واحدة كل شهر للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة الموجهة إلى رئيس الحكومة، وتقدم أجوبة رئيس الحكومة عليها خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة هذه الأسئلة))، بالإضافة إلى أن الفصل 100 من الدستور يقول أنه ((تُخصص بالأسبقية جلسة في كل أسبوع لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة، وتدلي الحكومة بجوابها خلال العشرين يوما الموالية لإحالة السؤال إليها، وتُقدم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة، وتخصص لهذه الأسئلة جلسة واحدة كل شهر، وتقدم الأجوبة عنها أمام المجلس الذي يعنيه الأمر خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة الأسئلة إلى رئيس الحكومة)).

إعداد: سعيد الريحاني

    بخلاف الأمس القريب، ومع ارتفاع درجة حرارة التحضير للانتخابات.. فإن أخنوش يبدو أكثر التزاما بالحضور للبرلمان، غير أن الجلسات لم تكن لتمر على خير، فبالإضافة إلى الانتقادات التي وجهت إلى رئيس الحكومة، من حيث عدم احترامه للحصانة الممنوحة للبرلمانيين في التعبير عن آرائهم، فإن أخطر التهم هي اتهامه بـ”الكذب” على المغاربة فيما يتعلق بالتشريعات والأرقام المعلن عنها، فضلا عن الخروقات الدستورية.

تتمة المقال تحت الإعلان

تهمة خرق الدستور لا تلاحق رئيس الحكومة من الجانب السياسي فقط، بل من جانب نشاطه التجاري أيضا، بل إن ((صفقة تحلية مياه البحر التي فازت بها شركة محسوبة على رئيس الحكومة، تطرح نقاشا دستوريا وسياسيا وأخلاقيا منطلقه الفصل 36 من الدستور ومقتضيات الفصل 245 من القانون الجنائي، فضلا عن ميثاق الأخلاقيات الذي دعا الملك البرلمان إلى سنه))، وقد أشار رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، إلى أن ((هذه الممارسة لا علاقة لها بالمساواة بين المتنافسين في الولوج إلى الصفقات العمومية، بل هي تجسيد فج لزواج السلطة بالمال، واستغلال واضح لمواقع الامتياز والسلطة)).

قمة التناقض – حسب الغلوسي – هي أن ((القضاء يعزل مستشارين جماعيين ورؤساء جماعات بسبب تضارب المصالح، والحال أن رئيس الإدارة يمارس شكلا فاضحا لتنازع المصالح.. ولو كنا في دولة الحق والقانون لما استطاع رئيس الحكومة أو أي وزير آخر أن يستغل موقعه الوظيفي لخدمة مصالحه بشكل مباشر أو غير مباشر)).

الغلوسي

((رئيس الحكومة خرج، ومن داخل قبة البرلمان، ليدافع عن أحقية شركته في المشاركة ونيل الصفقة المذكورة، لأنه لا شيء يمنعها من ذلك، أكيد أن الجميع سواسية أمام القانون أشخاصا ذاتيين ومعنويين، ولكن تلك المساواة لا يمكن أن تتحقق إذا كان الشخص هو المسؤول عن الإدارة وهو رئيسها وهو نفسه الذي يحتل مواقع الامتياز والسلطة، وهو نفسه الذي يتوفر على إمكانية وسلطة التشريع)) (نفس المصدر).

تتمة المقال تحت الإعلان

لقد تحولت جلسة الأسئلة الشهرية لرئيس الحكومة إلى مطحنة للدستور والقوانين، بسبب كثرة زلات عزيز أخنوش، بل إن آخر جلسة تميزت بوقوعه في أربع ورطات، رصدها النائب البرلماني عن مجموعة العدالة والتنمية، عبد الصمد حيكر، في تقرير مركز كما يلي:

((+ الورطة الأولى: إهانة سيدة نائبة محترمة، واستهدافها بعنف لفظي مباشر، بعدما أوجعته بقوة تعقيبها على جوابه المقروء، على أسئلة أعضاء المجلس المتعلقة بالسياسة العامة، وجدير بالذكر، أن وقوع السيد أخنوش في هذه الورطة ليست الأولى من نوعها.. فهل ينسجم هذا التصرف مع ادعاء رئيس الحكومة وأعضائها المتعلق بالدفاع عن حقوق المرأة والنهوض بأعضائها؟ وهل يملك رئيس الحكومة الجرأة للاعتذار عن هذا التصرف المهين، باعتباره إهانة مُرَكَّبة، حيث إنها – من ناحية أولى – إهانة من عضو في الحكومة في حق عضو من البرلمان، بما يجسد إهانة من السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية، ومن ناحية ثانية، هي إهانة في حق امرأة شريفة، كل ذنبها أنها واجهت رئيس الحكومة بحجج ومواقف واضحة وقوية، تبرز تهافت ما يطرحه رئيس الحكومة، وهي -من ناحية ثالثة – إهانة للتطور الديمقراطي الذي كرسه المغرب عبر مسار طويل، يبدو أنه ليس لرئيس الحزب الأغلبي أي نصيب في تملكه والتشبع به.

+ الورطة الثانية: تصريح السيد أخنوش، الذي نسي صفته كرئيس للحكومة، مثُل أمام أعضاء مجلس النواب يوم الاثنين 16 دجنبر 2024، للإجابة عن الأسئلة الموجهة إليه وتتعلق بالسياسة العامة طبقا للفصل 100 من الدستور، وارتدى قبعة المستفيد الأكبر من صفقة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، حيث حاول أن يقدم للرأي العام، في مقطع مرتجل من مداخلته خارج ما كُتِب له، فأعلن أنه – ضدا على ما وصفه بكذب بعض الناس حول الموضوع – فأعلن أكثر من مرة خلال مداخلته خلال الجلسة المذكورة بشكل صريح ومباشر، أن اللجنة الوطنية للاستثمارات قررت عدم منح أي دعم للتجمع نائل صفقة تحلية المياه المعلومة.

تتمة المقال تحت الإعلان

وحيث إن حزب العدالة والتنمية أوضح خلال ندوته الصحفية بتاريخ 19 دجنبر 2024، أن تصريح رئيس الحكومة المشار إليه آنفا يتعارض مع ما ورد في بلاغ اللجنة الوطنية للاستثمارات، المنعقدة بتاريخ 10 دجنبر 2024، وهو البلاغ الذي أكد أن اللجنة صادقت على 4 مشاريع في إطار نظام الدعم الخاص المطبق على مشاريع الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي، تتعلق بقطاعات التنقل الكهربائي، والصناعة المرتبطة بالطاقات المتجددة، وكذا تحلية مياه البحر بجهات كلميم واد نون، وطنجة-تطوان-الحسيمة، والدار البيضاء-سطات، وستمكن هذه المشاريع، التي تقدر قيمتها الاستثمارية بـ 21 مليار درهم، من إحداث حوالي 10.000 منصب شغل.

وبناء عليه، أصبح واجبا على رئيس الحكومة أن يوضح للرأي العام، الخيط الأبيض من الأسود في الموضوع، لاسيما وأنه يمكن أن يدرج جوابه هذا حين تناوله الشق المتعلق بسياحة المال والأعمال بالمغرب، باعتبارها إحدى واجهات السياحة ببلادنا، وذلك في معرض جوابه خلال جلسة يوم الإثنين 2 يناير 2025، عن سؤال في موضوع “التوجهات الكبرى للسياسة السياحية ببلادنا”، علما أن الأمر – في نظرنا – كان يكفي فيه إصدار بلاغ جديد للجنة الوطنية للاستثمارات، التي يرأسها رئيس الحكومة نفسه، بصفته هذه!!

عبد الصمد حيكر يسلم هدية ملغومة لرئيس الحكومة في البرلمان

+ الورطة الثالثة: تصريح السيد أخنوش بأن حيازته للصفقة المذكورة ليس فيه إخلال بالتنافسية، كما اتسم بكامل الشفافية، وأنه يعبر عن مخاطرة بما يقدر بحوالي 65 مليار درهم… إلخ.

تتمة المقال تحت الإعلان

غير أن حزب العدالة والتنمية وقف كثيرا خلال ندوته الصحفية ليوم 19 دجنبر المشار إليها، عند كناش التحملات المتعلق بالصفقة المذكورة، والذي ينص صراحة على أن تكون للتجمع المرشح للظفر بالصفقة المذكورة، تجربة في الميدان لمدة لا تقل عن 15 سنة، وهو نفس الشرط المطلوب توفره حتى بالنسبة للشركات المكونة للتجمع المعني، وهو ما لا يتوفر تماما في شركة “أكوا”، مما يعني أن تفويت الصفقة تم بطريقة مخالفة لكناش التحملات، مما يجعلها باطلة قانونا، وفضيحة أخلاقية جسيمة.

وهو ما يستدعي – في نظرنا – تكذيبا من جهة رئيس الحكومة مع تمكين الرأي العام من نسخة من كناش التحملات، أو اعتذارا للمغاربة بشكل صريح ومباشر أيضا.

+ الورطة الرابعة: حيث أكد رئيس الحكومة – مرة أخرى – خلال آخر جلسة شهرية له بمجلس النواب (الإثنين 16 دجنبر 2024)، أن حكومته لم تجد ولا مرسوما واحدا (zéro décret) في إطار تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وهو ما حذا بحزب العدالة التنمية (داخل مجلس النواب، ومن خلال الندوة الصحفية) إلى تكذيب ادعاء عزيز أخنوش، وتحديه بتقديم استقالاتهم من البرلمان.

تتمة المقال تحت الإعلان

وهو ما يفرض على رئيس الحكومة أن يَفي بما تعهد به، حينما تعهد بتمكين أعضاء المجلس من قائمة المراسيم التي تم اعتمادها من قبل الحكومة الحالية مع بيان تاريخ إصدارها، بما يؤكد أنها لم تصدر قبل تشكيل حكومته، حسب ما يدعيه أعضاء الحكومة الحالية ورئيسها في مقدمتهم.

وتجدر الإشارة إلى أن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، قامت بتمكين رئيس الحكومة، خلال الجلسة الشهرية ليوم 27 يناير 2025، من رسالة في الموضوع مرفقة بجدول، وعلبة تتضمن نسخا ورقية من كافة النصوص القانونية والتنظيمية التي تم إصدارها، في إطار تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية، قبل تشكيل الحكومة الحالية، بل قبل تعيين رئيسها، وقبل انتخابات الثامن من شتنبر 2021.

تتمة المقال تحت الإعلان

فهل يملك أخنوش ما يكفي من الحجج لكي يشكك في الوثائق التي تسلمها من العدالة والتنمية، أم يتحلى بما يكفي من الجرأة فيعتذر للمغاربة احتراما لهم ؟)).

التقرير سالف الذكر، وورطات رئيس الحكومة، قدمها عبد الصمد حيكر، وربطها بضرورة الاعتذار للمغاربة حيث قال: ((يمكن لرئيس الحكومة أن يكون جاهلا ببعض المعطيات، ويمكن لمن يمده بالأجوبة المكتوبة أن يضلله أو أن يمده بمعطيات خاطئة، أو لأي خطأ لا ينجو منه أي عمل بشري، مما يستوجب – إذا تأكد – تقديم اعتذار لا ينقص من قيمة صاحبه، بل ويعبر عن احترامه للمغاربة، أما الإصرار، و”تخراج العينين” دون تقديم الحجج لمواجهة الحجج التي أدلت بها مجموعة العدالة والتنمية، فهو يعنيه ما يعنيه ديمقراطيا وسياسيا وأخلاقيا)).

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى