تحليلات أسبوعية

بين السطور | قولوا العام زين

بقلم: الطيب العلوي

    تحدث أخيرا(…) السيد فيصل العرايشي هذا الأسبوع، وقطع الشك باليقين حول مصير استحواذ “هولدينغ” القنوات العمومية على قناتي “دوزيم” و”ميدي 1 تي. في”، في مشروع واحد يسير، على حد قوله، نحو تحقيق أهدافه.

السي العرايشي، الذي أدلى بأن نسب مشاهدة القنوات العمومية المغربية مرتفعة بالمقارنة مع الدول العربية – رغم أن جولة بسيطة على ما تبثه المقاهي المغربية يكفي لإثبات العكس – حتى لو كان الظاهر من كلامه هو أن كل قناة ستحتفظ بخطها التحريري، فلن يفهم المغاربة العارفون بماضي وحاضر بلدهم(…)، شيئا آخر من الأهداف التي ينوي “الهولدينغ” تحقيقها، ولن تذكرهم هذه المبادرة إلا بسياسة التنميق التي كان يخوضها الوزير السابق في الداخلية والإعلام، إدريس البصري، في تقديم تقارير تتحدث عن إجماع المغاربة على أن “العام زين”، وإظهار الناس سعداء مضخمين فرحين مسرورين يرقصون على مسامع شيخات سطات: “قولوا العام زين”، زمن كانت فيه الوقاحة قد وصلت إلى درجة أن خرج وزير سابق في المالية يوما وأخبرنا بأن المغرب لم تبق له أي مشاكل مالية، في وقت كان فيه الشعب في الحقيقة يبكي المصاعب والمتاعب والمظالم والخروقات، الوقت نفسه الذي كانت فيه القناة المغربية الوحيدة آنذاك لا تقصر في توفير أساليب الترفيه(…)، كتصوير الأمطار الشحيحة بالألوان وعرض صورها في التلفزة، مصحوبة بصور السدود الممتلئة عن آخرها، لكن هذه المناظر لم تسرب أبدا الانشراح إلى ملامح المشاهدين، لأنهم سيلمسون صباح الغد بأنفسهم حقيقة الأمر الواقع.. حقيقة لم يكن في ذلك الحين ينفع فيها التنكيت، كما الحزن الذي لا تهزه الكوامن المثقلة بالمشاكل المتراكمة.

ولنعد إلى الحاضر، فإذا كانت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة قد بررت هذه الخطوة بتوحيد الموارد البشرية والمالية والتقنية، فقناة “ميدي 1 تي. في” مثلا، وإلى حد كتابة هذه السطور، فطاقمها من مدراء وموظفين وصحفيين حائرون ويتساءلون، ولا أحد يجيبهم(…) عن كل سؤال في إطار هذه “المعزوفة الرسمية”، ليس لهم علم بما إذا كانوا سيستفيدون من نفس المزايا كباقي موظفي الشركة العمومية، ولم يحسوا بشيء آخر غير أن القناة ستفقد فعلا استقلاليتها، وقد ترحموا فيما بينهم في صمت على فقدان روح نقديتها.. فقدان يمكن القول بأنه سيقضي على تواجد آخر قناة “مختلفة” ممتدة خارج المغرب، هم الفاهمون الذين فهموا أن المدير السابق الذي عُيّن العام الماضي، والذي لم تتعد عهدته الثمانية أشهر، جاء في مهمة(…) سريعة لعملية “ميناج” أدت إلى إطلاق مجموعة من البرامج الترفيهية المشبعة بنغمات “لالا ومالي” على حساب مجموعة من البرامج الثقافية والفكرية التي تم توقيفها، فهل هذه المهمة كانت في المخطط قبل الإعلان الذي عشناه اليوم ؟ 

تتمة المقال تحت الإعلان

إنها – كما قلنا – بوادر عودة سياسة “العام زين”، لكن هل ستسير رياح الأحداث بما تشتهيه سفن النيات الحسنة؟ في انتظار ذلك، نكتفي بجمع البيض الذي قال عنه الشاعر: “إذا أقبلت باض الحمام على الوتد”، ولكننا مع ذلك نخاف السقوط في حالة الشطر الثاني من نفس البيت الشعري: “وإن أدبرت بال الحمار على الأسد”، خصوصا وأن عدد الحمير عندنا كثير..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى