الرباط – الأسبوع
منذ حولي 30 سنة، برزت ظاهرة تكوين الجمعيات بكثافة غير مسبوقة، ومعها بزغ دعم المجالس الجماعية للجمعيات وكانت جلها من تأسيس بعض المنتخبين، إما صريحة بأسمائهم، أو مختبئين وراء مكلفين بمهام التغطية على المؤسسين الحقيقيين، وكان الدافع والوازع هو الدعم المالي المخصص للعمل الجمعوي في وقت كانت كل المرافق الحيوية والبنيات التحتية للعاصمة جد متدهورة.
وقد دبت حركة غير مسبوقة في تفريخ جمعيات الأحياء والجمعيات الرياضية، وحتى لبعض المهن والحرف، والدور المهتمة، أو هكذا تدعي، بالشؤون الاجتماعية… إلخ، وكانت الملايير ترصد سنويا في ميزانيات التسيير لتقديم الدعم المالي لهذه الجمعيات وبسخاء على حساب تجهيز المدينة، وكنا نندد بهذا الهدر المالي ونفضح المستفيدين، مما أرغم بعضها على الاختفاء وأخرى غيرت أطقمها المسيرة أو تم حلها، وللتذكير بمنح بعضها، فقد كانت على درجات منها: المستفيدة من 200 مليون سنتيم، والمرصود لها 100 مليون سنتيم، والمكتفية بـ 70 مليون سنتيم، و20 و10 ملايين سنتيم.. ناهيكم عن أصحاب الشراكات والدراسات والاستشارات والخدمات وغير ذلك، فكم من الملايير كانت المجالس المتعاقبة في ذلك التاريخ تخصصها لهذا الدعم؟ وقد كانت تسلك مساطر إدارية تتداولها في اجتماعات دوراتها وتقررها في قرارات تصوت عليها تقريبا بإجماع الحاضرين، وكنا ولسنوات نحتج على هذا الهدر المالي في كماليات ترفيهية لبعض المحظوظين والعاصمة آنذاك تعاني من مشاكل لا حصر لها، كما كنا نحذر من مغبة التمادي في التوظيفات العشوائية وكانت نفقاتها تلتهم من ميزانية التسيير في ذلك التاريخ حوالي 40 مليارا لمجلس واحد، بينها الإعانة المقدمة للجمعيات والمؤسسات المحلية، والتعويضات عن الضرر لصالح الخواص، والدفعات الأخرى، هذا الكم الهائل من الملايير المستخلصة من ضرائب الرباطيين والممنوحة لجمعيات أو ما شابهها، تفرض اليوم في وقت صححت فيه عدة اختلالات، فتح تحقيق عن هذه الجمعيات التي التهمت الملايير من ضرائب المواطنين، وعن أصحابها وأنشطتها، وفي أهداف هذا الدعم الممنوح لها.
وبالتالي، يجب فرملة هذا النزيف المالي في السنة المالية الجديدة 2025، ومحاسبة – إن ظهرت تجاوزات واستغلال للنفوذ – كل من كان مسؤولا عن هذا الاستغلال غير المقبول حتى تعود الثقة في مجالسنا كمؤسسات دستورية لخدمة السكان وليس لاستنزاف الأموال في غير محلها.