بين السطور | هكذا انتهى الربيع العربي..
عبر سلسلة مقالاته “الحقيقة الضائعة”، التي سيصدر كتابها هذا الشهر، كتب مؤسس جريدتنا مصطفى العلوي رحمه الله، يوم 28 أبريل 2011، أي قبل 13 سنة، مقالا يقول فيه: ((مجموعة الأوباش الهمج المجرمين السفاكين، من بوليس الرئيس السوري، وهم يرقصون بأسلحتهم فوق جثث الضحايا الذين سقطوا برصاص الجيش في شوارع دمشق، كأبشع صورة في عصرنا الحاضر، ستكون بالتأكيد يوما سبب سقوط نظام بشار الأسد)).
فبعد أن تمت مقارنته في بلاده بالنمرود، جد الفراعنة، الذي تمرد على الله جل وعلا، لما سلم بشار الأسد من عاصفة الربيع العربي صباح 2 غشت 2011، ولم يستسلم كما استسلم حسني مبارك، فهيهات لو كان قد تذكر مصير النمرود، وها نحن اليوم عشنا لحظة سقوط “الأسد”، وشاهدنا حكام سوريا الجدد يضرمون النار في ضريح الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، في مسقط رأسه بمدينة القرداحة التابعة لمحافظة اللاذقية، ضريح يضم أيضا قبر نجله الأكبر، باسل الأسد، الذي كان يعد خليفته لولا أنه توفي في حادثة سير عام 1994.. سلوك للثوار للتأكيد على أن السلالة قد قُطعت من جذورها، ولحظات سنتذكرها كما يتذكر أسلافنا اليوم مسار بلاد سوريا تحت حكم اليسار منذ الخمسينات والستينات، وما كانت تضمره للملكية في المغرب من عداء والسعي الدائم إلى الإطاحة بها، إلا أن الأمور تسلسلت تماما كما سبق أن تنبأ بها أحد المحللين حول سقوط الأنظمة عند ظهور أولى ملامح الربيع العربي، قائلا: “الأول زين العابدين بن علي، والثاني حسني مبارك، والثالث علي عبد الله صالح، والرابع معمر القذافي، والخامس بشار الأسد”.. أكيد أن الترتيب جاء في محله، وكل مغربي يخاف على ملكه وعلى بلاده، سيتساءل بلا شك ولو مع نفسه(…)، كيف للمغرب حظا من هذه الضخامة ليُستثنى بهذا الشكل من ربيع لا يرحم حتى الماء والخضرة(…)؟ والجواب قد يكمن في أن جلالة الملك تنطبق عليه مقولة الفرنسي فيليب أردان، الذي سبق أن كتب: “كل ملك عظيم هو عبارة عن صدفة سعيدة”.
الواقع كذلك، أن معظم العرب قد فهموا اليوم، بعد أن هرب الأسد كالفأر نحو الطائرة التي نقلته، سالكا فجرا إحدى السراديب التي كانت مخصصة في الأصل للاحتماء من الغارات الجوية الإسرائيلية بقصر شقيقه ماهر، (فهم العرب) أن تجربة الربيع العربي المريرة ما هي إلا عملية تحويل إلى صراع دموي في البلدان التي طبقت فيها، حيث يتم تقديم القرابين في سبيل الديمقراطية المزعومة، وعندما سقطت الأنظمة المستهدفة، عادت كل مرة حليمة إلى عادتها القديمة، وتدخلت الأيادي الأجنبية للعبث بمصالح الشعوب في حالات أخرى، هذا بعد أن كانت إسرائيل ودول غربية قد تمتعت يوميا بتحطيم التراث الإسلامي والمساجد والمآذن، بالموازاة مع مسرحية الامتناع عن دعم الثوار لأنهم “إسلاميين”، حتى ينهي كل سفاك مهمته(…)، وهو نموذج الحالة السورية(…)، حتى تبقى إسرائيل هي الدولة القوية في العالم العربي.