الرباط – الأسبوع
في قانون الجماعات، أسند المشرع لمجالسها مهام اختصاص تدبير قطاع الماء وحدد ماهيته بأن يكون صالحا للشرب، وهذا يطرح إشكالية تتناقض مع السياسة المائية، التي تدعو إلى الامتناع عن تبذير المياه العذبة، بل وسمحت للشركة المفوضة من مجلس الجماعة القيام بفرض جدولة جد قاسية في أثمنة الاستهلاك المائي على أشطر، في محاولة للتقيد بالمحافظة على الثروة الصحية من المياه العذبة، وهذا التقيد فرض فقط على المستهلك المغلوب على أمره ومن منتخبيه “يا حسرة”، الذين لم يفكروا بعد في أنهم هم المسؤولين عن ضياع حوالي 90 % من الماء في الخدمات المنزلية والصناعية والتجارية، و10 % فقط هي المستعملة في الشرب والطهي، وبالتالي، كان على هؤلاء المنتخبين الاعتراف بأنهم مكلفين بحماية هدر مياه الشرب لأنها من اختصاصاتهم، وذلك باقتراح شق قناة مائية خدماتية يزودها المركب المزمع إنشاؤه بعد أيام بالقرب من الرباط لتحلية مياه البحر، وصدر بلاغ رسمي في هذا الشأن، وكان مجلس الجماعة وقتها منكبا على التداول في دورة أكتوبر، فلم يلتقط الإشارة بما يجب من دراية لهموم الساكنة، فيطلب جلسة استثنائية مع شركة “ريضال”، التي ربما ستستمر في الانتداب المخول لها، للبحث معها عن كيفية الاستفادة من مياه الخدمات لذلك المركب ليوظف مكان تلك 90 % من مياه الشرب، ويكلفها بإنجاز دراسات تتوخى تعميمه على كل المقاطعات وتتيح للراغبين في الانخراط للتزود بقناة ثانية غير صالحة للشرب، أي للاستعمالات الخاصة، تقديم طلباتهم لدراستها وتحضير ملف للحصول على قرض من صندوق التجهيز الجماعي، لتمويل مد القنوات من المركب إلى الأماكن الراغبة في الاشتراك لاستعمال المياه المعالجة.
فلو كان المجلس بادر بهذا الحل.. لسجل أول حسنة تحسب له في هذه السنة التي أشرفت على نهايتها دون ترك أثر لإنجاز واحد في سجلاتها تستفيد منه الساكنة، ولا هيأ دراسة لمشروع اجتماعي كفيل بالنهوض بالأوضاع الاجتماعية للرباطيين وما أكثرها عرضة للضياع بدلا من تحيينها والشروع في تنزيل أدوات لإحياء خدماتها المعنية قسرا على مستحقيها، وقد فرض المشرع لتنظيمها وتأطيرها إحداث لجنة – إجباريا – تتكلف بشؤونها، ووفر لها قسما ومصلحة لتنفيذ الخطة المرسومة من المنتخبين ليطبقها الإداريون، ونعني بذلك اللجنة الاجتماعية، وكان واجبا عليها تدارس الأوضاع المائية في العاصمة وتأثيرها الاقتصادي والاجتماعي على أغلبية الأسر وظلم تعريفتها المادية المبالغ فيها والخاضعة لجدولة أشطر بمثابة حرمان غير معلن من نعمة الماء، خصوصا في الجانب الصحي المتعلق بالنظافة، وسقي الأغراس وهي ليست للزينة، بل لكبح التلوث وأضراره المتسربة مع الهواء والوقاية من انتشار الحشرات والزواحف.
وبدلا من تقديم كل هذه التسهيلات بإنشاء قناة ثانية لهذه الخدمات وبأثمنة رمزية حفاظا على الصحة العامة للرباطيين، فضل بعض منتخبينا وضع شروط تعجيزية ليقفوا في حدود “استهلاك للشرب فقط”، وها هو مركب تحلية مياه البحر في طور الإنجاز، فهل يواكبونه ليستفيد منه الرباطيون ؟