تحت الأضواء | توجيهات ملكية صارمة للعناية بمكانة الجالية في العمل الحكومي
حكومة أخنوش مطالبة بتوفير الحلول التنفيذية
الرباط. الأسبوع
خصص الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء، لموضوع الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وأولى له أهمية كبيرة من خلال دعوته الحكومة إلى العمل على هيكلة الإطار القانوني الخاص بالمؤسسات المعنية بمغاربة العالم، وذلك عبر إخراج قانون جديد لمجلس الجالية، وإحداث المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج.
وبهذا الخصوص، يرى عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية، أن خطاب المسيرة لهذه السنة خصص حيزا مهما للإشادة بدور مغاربة العالم في الدفاع عن المقدسات الوطنية والمساهمة في التنمية، وهي إشادة ملكية سامية تعبر عن المكانة الخاصة لتلك الفئة من أبناء الوطن، كما حملت معها تلك الإشادة بشرى تحول جديد في تدبير شؤونها..
واعتبر الدكتور بوصوف، الذي يلبس ثوب المؤرخ والمحلل السياسي في كثير من الأحيان، أن “إعلان خطاب 6 نونبر 2024 عن هيكلة الإطار المؤسساتي لمجلس الجالية، هو إجابة مهمة عن مضمون خطاب ثورة الملك والشعب في 20 غشت 2022 وما حمله من تساؤلات قوية وتشريح واقعي لكل الأسئلة العالقة، والتي تهم تحديث وتأهيل الإطار المؤسساتي وإعادة النظر في نموذج الحكامة الخاص بالمؤسسات الموجودة قصد الرفع من نجاعتها وتكاملها”.
وحسب بوصوف، فإن التحول الجديد والمهم في مقاربة تدبير إشكاليات الجالية، سيتم من خلال مؤسستين: أولهما، مجلس الجالية المغربية المقيمة في الخارج وضرورة الإسراع بإخراج القانون التنظيمي حسب المادة 163 من الدستور، وثانيهما، خلق “المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج” باختصاصات مهمة، إذ ستشكل الذراع التنفيذي للسياسة العمومية في مجال الهجرة وتدبير الآلية الوطنية لتعبئة الكفاءات ومواكبة أصحاب المبادرات والمشاريع من مغاربة العالم.. وستعطي ذات المؤسسة دفعة قوية في مجال التأطير اللغوي والثقافي والديني، وتبسيط ورقمنة المساطر الإدارية والقضائية التي تهم المغاربة المقيمين في الخارج..
وأوضح بوصوف، أن خطاب المسيرة هو خارطة طريق جديدة، أولا في ملف الصحراء المغربية، بين مقاربة واقعية فحواها الحقيقة والشرعية التي يمثلها المغرب في صحرائه وبين عالم متجمد ومنفصل عن تطورات الواقع.. وثانيا، في ملف قضايا مغاربة العالم، بإعلانه عن إجابات واضحة وقوية عن كل تساؤلات خطاب 2022، إذ يعتبر خطاب المسيرة وسام شرف يعلق على صدور مغاربة العالم، وإشادة سامية عنوانها الافتخار والاعتزاز بالانتماء لهذا الوطن.
في نفس الإطار، اعتبر صبري الحو، خبير في القانون الدولي ورئيس أكاديمية التفكير الاستراتيجي درعة تافيلالت، أن العمل الذي يقوم به مجلس الجالية له طبيعة استشارية كمركز ومؤسسة للتفكير، وذلك من خلال الكم الهائل والنوعي من المؤلفات والتقارير والتظاهرات الفكرية التي طالت جميع مجالات وتمظهرات الهجرة المغربية، وتبوأ هذه المرتبة بالحمولة الفكرية والثقافية بإطاره الإداري كمفكر شغوف بالفكر وغزير الإنتاج، مضيفا أن هناك معيقات كانت تعترض عمل المجلس، إضافة إلى طابعة الاستشاري، تتجلى هذه المعيقات في توزيع الاختصاصات في ميدان الهجرة بين عدة قطاعات وزارية وإدارية ومؤسسات دستورية، مما جعل القرار يتيه ويغيب خشية المسؤولية والاعتداء على الاختصاصات، وفي الأخير، يتم إهمال واجب التدخل وتفعيل المسؤولية، وأوضح الحو، أنه في سبيل وضع السياسة العامة والعمومية في ميدان الهجرة تتولى صيانة واحترام حقوق وحريات مغاربة العالم، أصبح ضروريا إعداد قانون يقنن ويركز الاختصاصات ويمنحها لجهة مستقلة عن المجلس الذي احتل بقوة الواقع طبيعة نواة قائمة الذات في التفكير، وتابع أن خلق المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج يكون من مهامها التقرير والتنفيذ في الميدان، يهدف إلى تجاوز الصعوبات وتعبئة كفاءات مغاربة الخارج كطاقات جاهزة للمساهمة في النهضة التنموية، وموارد بشرية مؤهلة كسفراء للدفاع عن قضايا الوطن الكبرى.
من جهته، قال صلاح الدين المانوزي، رئيس جمعية “الوصل بين الضفتين” ومدير مركز للتكوين المهني بفرنسا، أن الخطاب الملكي وضع حدا لنهج الانتظارية في التعاطي مع قضايا وانتظارات مغاربة العالم، إذ سطر خارطة طريق تتوخى عقلنة أدوات التنفيذ بما يخدم الاستراتيجية الوطنية للهجرة وضمان الحضور الفعلي لمغاربة العالم بالرأي والاقتراح ومتابعة التنفيذ.
وبالنسبة لتأسيس المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين في الخارج، قال: “لا يمكن التسرع في إبداء رأي متكامل حولها.. بالفعل حيثيات التأسيس الواردة في الخطاب الملكي تتجاوب مع ما سبق أن أشرنا إليه في عدة مناسبات، خصوصا في الجانب المتعلق بتعدد المؤسسات والمتدخلين في شؤون مغاربة العالم بدون تنسيق وبدون رؤي استراتيجية توحد عمل الجميع”.
وشدد المانوزي على ضرورة معالجة شمولية لقضايا مغاربة العالم، تجيب عن كل الأسئلة وتضمن المشاركة الفعلية لمغاربة العالم في تدبير الشأن العام، معتبرا أنه لا يمكن فصل هيكلة مجلس الجالية وتأسيس المؤسسة المحمدية عن توفير شروط المشاركة السياسية المباشرة لمغاربة العالم، خصوصا ونحن على مسافة سنة ونصف فقط من الانتخابات التشريعية لسنة 2026.