الرباط – الأسبوع
المشاريع الملكية ثارت على البشاعة والفظاعة في تسيير العاصمة، والهيمنة الإشهارية للنضال المخدوم-المخادع والملغوم لاحتكار سلطات الرباطيين والاستحواذ على ثرواتهم المالية والعينية، ونعتقد أنها صفت هذه التركة السيئة وطوت صفحتها بكل هدوء، ودشنت عهدا جديدا تحاكي فيه مبدع هذه الثورة المباركة في الإشراف على تنزيلها، وها هي الرباط اليوم تفتخر بخطوتها الأولى نحو العالمية، وهي كذلك خضعت كباقي مدن وقرى المملكة لعملية الإحصاء العام للسكان، إحصاء ستكون عملياته الإحصائية خارطة طريق لرسم وتحديد التقسيم الانتخابي والإداري الملائم للوضع الجديد للعاصمة ولألقابها العالمية، أولا ستكون حاضرة للاهتداء بها في كثافة السكان دون اعتبار لجنسياتهم، ومنها تخطط حدود المقاطعات وتصاحبها الدوائر الإدارية وملحقاتها القيادية، وهذه العملية التي كانت جد معقدة إبان التقسيم القديم، ستكون مضبوطة وواقعية إذا ما أسندت إلى الذكاء الاصطناعي، وقد يأخذ بعين الاعتبار وضع الرباط كعاصمة عظيمة اعتبارا لكونها عاصمة ثقافية وإدارية وسياسية ودبلوماسية تشق طريقها نحو العالمية، وبالتالي، من الممكن أن تتميز بما منحها الإحصاء السابق من هيكلة انتخابية وإدارية، وهي السائدة اليوم، وقد تستفيد من نمو ديموغرافي غير مسبوق، مما يعكس بالضرورة إحداث مجالس إضافية وملحقات إدارية، خصوصا والنمو الديموغرافي سيرتفع في الشهور المقبلة مع تنزيل التهيئة الحديثة للمدينة، وقد يشرع في تنفيذها السنة المقبلة، ومن أهم محاورها إعادة تأهيل منطقة سكنية مهمة، بين مقاطعتي حسان وأكدال الرياض، بما في ذلك تحويل البناء الأفقي إلى العمودي، قد تصل بعضها إلى علو أبراج متوسطة بهندسة تعتمد لأول مرة في المملكة، ولن تكتفي بإقامات سكنية، ولكن في أغلبها ستكون لمقرات مؤسسات مالية وفندقية وصحية، وغير بعيد عنها بضفة النهر، ستنتصب “قرية” سياحية وثقافية عند مدخل المدينة الشمالي بالقرب من برج محمد السادس، الذي سيكون بمثابة “مدينة” اقتصادية ومركز للأعمال من المستوى العالمي.
فهذه الدينامية الكبيرة في تعمير العاصمة بخريطة مدروسة ومتوازنة، تعتمد بالدرجة الأولى على خلق مناصب متنوعة للشغل وإضفاء ضمانة لتنوع أنشطة المدينة التي كانت محصورة في الإدارة والسياسة.
وهنا نصل إلى صلب الموضوع، أي التقسيم الانتخابي المنتظر والملائم لكل هذه التغيرات التي ذكرنا جزء صغيرا منها، مرشحة لتعزيز مكانة مقاطعة واحدة من خمس مقاطعات، فهل ترشح لها الأحزاب في الانتخابات المقبلة قادة الفكر والاقتصاد والأعمال والسياسة والتعمير والإدارة، لقيادة عاصمة عظيمة وإرساء قواعدها لتنزيل المزيد من المشاريع والمخططات والرقي بالإدارة الجماعية والتوصيات المقاطعاتية ؟
فالرباط اكتسبت عظمتها من المشاريع الملكية التي أضفت عليها هيبة لا تشع إلا من العواصم الملكية ذات الجذور المترسخة في التاريخ، وإذا عاقها عائق في ذلك لندرة المطلوب، فلتلتجئ إلى الذكاء الاصطناعي، وقطعا سينير طريقها للوصول إلى من تتوفر فيهم شروط السياسة والنضال، كما سيزودهم بقوائم الانتهازيين غير المؤهلين لتمثيل العاصمة.. فهل يحتكم الرباطيون إلى الذكاء الاصطناعي في المحطات المقبلة ؟