حديث العاصمة | حديقة الحسن الثاني وإشعاعها الإفريقي
في مثل هذا الشهر من سنة 2018، دشنت حديقة الحسن الثاني، الأكبر والأجمل في القارة الإفريقية، وتتربع على مساحة 32 هكتارا بين شارعي محمد السادس والإمام مالك، وتحفها جنوبا أبواب زعير، وأطلال شالة التاريخية، وبهذه المساحة الشاسعة وهذا الموقع الممتاز وسط العاصمة، لم تستلهم الجماعة بعد الافتخار بهذا الإنجاز لدى المنظمات الإقليمية، على غرار منظمة المدن الإفريقية، وكان مقرها وأمانتها في التسعينات هنا في الرباط بحي أكدال، ومنظمة العواصم تحتضنها العاصمة الكويت، وباقي المنتديات ذات الطابع الإقليمي ظلت في مواقعها منذ تأسيسها، وبدون شك فهمتم الرسالة.
وما دام الشيء بالشيء يذكر، فقد سبق لمنظمة العواصم والمدن الإسلامية أن وجهت اقتراحا إلى أعضائها، تحيطهم علما وتنقل لهم رغبة وعزم العاصمة القاهرة، وهي عضو مؤسس، تشييد حديقة كبيرة وسط المدينة وتضعها رهن إشارة هؤلاء الأعضاء إذا رغبوا في إنشاء منتزهات بطابعهم التقليدي، من تصميم وتجهيز ومرافق، وكان أول من تجاوب مع هذا الاقتراح، العاصمة الرباط، حيث انتقل إلى هناك المهندس علي بنعباد، والتقني المتخصص في الأغراس المرحوم الناظر، وأشرفا على تنزيل نزهة أندلسية بكل مرافقها، نالت الجائزة الأولى ودشنها آنذاك رئيس الجمهورية..
وقد كان ذلك في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات، عندما كانت الدبلوماسية الشعبية في أوجها، فماذا يمنع اليوم جماعة العاصمة من اتباع هذا النهج، وتقدم مقترحا تحت إشراف منظمة الوحدة الإفريقية، توجهه إلى منخرطيها من العواصم الإفريقية، تهيب فيه وضع بصماتها على حديقة تحمل اسم الرائد الإفريقي والمؤسس لمنظمة الوحدة الإفريقية، والصديق الكبير لرفاق زعماء التحرير في القارة الإفريقية، وإذا عزمت جماعتنا على الأخذ بهذا المقترح، فنقترح عليها أن يصادف انطلاق “كان 2025″، بما أن هذه السنة هي سنة تعزيز الجذور الإفريقية للمملكة الشريفة، الوحيدة في القارة، بأن تساهم كل عاصمة في زرع باقات من أغراسها وأشجارها وزهورها في مساحة تحمل اسمها لتتعانق جذورها تحت الأرض مع إخوتها القادمين من مختلف العواصم وقد تشكل كوكبة من العشرات التواقة إلى تجسيد اتحاد إنسانها على أرض مركز إمارة المؤمنين، وفاء لرغبة مؤسسيها زعماء تحرير بلدانها، لجعل قارتنا أمة إفريقية موحدة يحسب لها ألف حساب من العالم أجمع.
وطبعا ما ذكرناه هو مجرد اقتراح يمكن تفعيله من الجماعة المؤطرة بقسم العلاقات الدولية، ولجنة للشؤون الخارجية، ومجلس يقود عاصمة الدبلوماسية، ونعترف بثقل المهمة، ولكننا نثق في وطنية منتخبينا، وهذه الثقة ستذوب ذلك الثقل.