الرباط – الأسبوع
للعاصمة 5 مقاطعات تحكمها وتسيرها 3 أحزاب، هي نفسها تقود وتدبر 3 مجالس كبيرة، وهذا التنوع في القيادات المحلية من هيئات حزبية له أهداف وسياسات مختلفة، لم يحدث تنافسية لا في التسيير ولا في التدبير والتجهيز، كما لم يبرز هوية كل حزب في تعامله مع أوضاع الساكنة حسب مبادئه التي تقدم بها للناخبين خلال الحملة الانتخابية ويؤمن بنهجها عند فوزه، وهذا جار به العمل في العواصم السياسية العالمية، حيث يلتزم الحزب الفائز بتطبيق نظريته وبرنامجه وممارسته من صلب المبادئ التي يؤمن بها: يسارية، يمينية أو محافظة، ويترجم ذلك بالخصوص في سن قرارات ينتزعها من الجماعة أو من خلالها يفرضها على الحكومة ما دام عضوا في التحالف الحكومي.
بالأمس، كانت الأحزاب المعارضة هي اليوم الحاكمة والمسيطرة على نفس المرافق الجماعية والإدارية والدواليب الحكومية، وأزاحتها الانتخابات الأخيرة وجعلتها لا نقول معارضة ولكن مراقبة وموجهة ومصححة ومدافعة عن سمعتها أولا وعلى ما حققته في انتدابها ثانيا، وتثبت قدرتها على إحداث توازن بهيكلة حقيقية تغذي هذا التوازن بالأفعال وليس بالأقوال، والانسحاب والغياب والصمت، ومن المتداول في الأوساط السياسية، أنه “إذا فشلت أي أغلبية حاكمة بضعفها في الحكم فلأن معارضيها أضعف منها”، وهذا ما ينطبق على مجالس مقاطعات العاصمة التي صارت موحدة متضامنة منفذة لبرامج متشابهة في الاستفادة من “الريع”، وأحصوا سياراتها وهواتفها ونفقات تسيير مكاتبها وما خفي أعظم.. ضاربة بعرض الحائط مبادئها المكتوبة في قوانين أحزابها..
كنا نطمح أن توظف المعارضة، وكانت لها تجارب في حكم العاصمة من جماعتها ومقاطعاتها ومجلسيها الإقليمي والجهوي، خبرتها وسابق معرفتها بخبايا أمور الساكنة، لتنتصب معارضة قوية باعتراضها على كل ما هو مركب من أجل الريع والكماليات والبذخ والتبذير وسوء الاستهلاك في الموارد المالية، ما دام أنها مارست بالأمس هذا العمل بكل أريحية وخبرت الميدان الذي رماها إلى شط المعارضة، وإذا اكتشفت أن الأغلبية الحالية الحاكمة ضعيفة وهي كذلك، فلأن معارضتها أضعف ومتهمة بالتستر والمشاركة في تضليل الرباطيين.
ونعود إلى المقاطعات، فما يميزها عن بعضها؟ بين المدعية بأنها يمينية والمصرحة بيساريتها والمنتصبة على أساس أنها يسارية، وكلها بدون استثناء على “قلب” واحد يعشق الأبهة والفخامة والامتيازات وما صار في ركبها مع تمتيع أدمغة أعضائها بالراحة الدائمة حتى يهنأ حاملوها بتعزيز كراسيهم في المقرات الفخمة المكيفة على حساب الرباطيين.. فهل فعلا للجماعة مقاطعات تحكمها أحزاب، أم هي مجرد “حوانيت” للوثائق الإدارية ؟