الرباط | نهاية حقبة “ريضال” في العاصمة
الرباط – الأسبوع
للمرة الثالثة يعتزم مجلس جماعة الرباط إبرام اتفاق أو معاهدة مع متعهد جديد بعد شركة “ريضال” لتوزيع الماء والكهرباء وتدبير مرفق الصرف الصحي، وهذا التوزيع أسنده المشرع في القانون الجماعي للمنتخبين ولأهميته وضعه على رأس قائمة اختصاصاتهم.
وتتحمل الجماعة مسؤولية كبيرة في تدهور هذا التوزيع وكانت نتائجه كارثية أدت إلى فرض زيادات مهولة على الاشتراكات والاستهلاك، مقابل تراجع في الخدمات، ولم تتحرك المسؤولة قانونيا على هذا التوزيع لضبط وتنظيم القطاع الأهم والأخطر في حياة الرباطيين، وكانت الزيادات “تهطل” على رؤوسهم حتى بدون مبرر، بينما جل الشبكة الكهربائية في الأحياء الشعبية والقديمة ظلت على حالها بدون تطعيمها بالتقنيات الجديدة التي تعهدت بإنجازها الجهة المتعهدة.
فلا يمكن أن يبقى مجلس الجماعة يتفرج على قطاع يندرج ضمن اختصاصاته ومرتب في خدمات القرب بموجب المادة 83 من القانون الجماعي 14-113 ولا يتدخل، وهذا من واجباته لحماية المشتركين في هذه الخدمات من أي شطط تلجأ إليه الشركة المفوضة في التوزيع لمراكمة الأرباح.
فهذا المجلس قبل وبعد كل شيء، هو مسؤول قانونيا عن تسيير حياة الناس وتمتيعهم بحق تقديم ما نص عليه المشرع: بخدمات وليس بتجارة، ومن مسؤولياته السياسية والاجتماعية والقانونية الالتزام بمبدأ هذه الخدمات ومنها توفير الكهرباء والماء الشروب وتنظيمهما وتأطيرهما بترسانة من “الواقيات” لأي طارئ تقني أو مادي من شأنه أن يزعزع الاستقرار المالي للعائلات في زمن استأسد فيه الغلاء على كل المواد الضرورية.
ففي وقت الوكالة الجماعية المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء خلال الثمانينات من القرن الماضي، كانت تستثمر في مشاريع تجارية لتجني من أرباحها ما تعوض به أي خلل مالي في شؤون تسيير وتطبيق “خدماتها”، وهكذا أنشأت – إن كنتم تتذكرون – مصنعا بطريق الولجة بجارتنا مدينة سلا، لإنتاج “الكومبوسط”، وهي مادة ضرورية للفلاحة، ونحن نسوق هذا المثل الذي لم يبق له أثر مع الشركة الجديدة، يمكن للجماعة تفاديا لمفاجآت اقتصادية تعترض سبيل المؤسسة الجديدة القادمة محل “ريضال”، أن تقترح عليها الاستثمار في مشاريع مدرة للدخل كما كانت تفعل الوكالة السابقة، وتقيدها بالالتزام الصارم بدفتر تحملات يقنن شروط العمل منها الاحتفاظ على “غاية الخدمات” بتعرفة مدروسة لا تتحمل الكماليات ولا الامتيازات، ولا فخامة السيارات والمكاتب ومتطلبات باذخة لأمور التدبير على حساب جيوب الكادحين.
فالرباطيون يتأسفون ويستنكرون “استعمالهم” لتطبيق تجارب فاشلة في الائتمان على حسن قيادة مرفق خدماتي بامتياز، ونأمل أن تكون التجربة الثالثة صائبة.