“لارام”.. الأجنحة المعطوبة
خدمة نقل المسافرين من مكان إلى آخر، سواء كان النقل بالسيارة أو الحافلة أو القطار أو الطائرة، هو عملية تعاقدية تجارية بين طرفين أو أكثر يكون فيها المسافر هو الزبون وهو طالب الخدمة، وبالتالي فهو من يختار الجهة التي سيتعاقد معها حسب ما هو موجود في السوق، وكذلك حسب إمكانياته الذاتية.
وإذا ما حصل أي طارئ يكون معه الناقل مضطرا لتغيير ما اتفق عليه، سواء في نوع الخدمة أو زمنها، فعليه الرجوع إلى الزبون وله أن يقرر إما إتمام العملية التعاقدية أو استرجاع ما دفعه مع التعويض على الضرر الذي لحق به إن كان هناك ضرر، ما عدا ذلك، فالأمر لا يخرج عن كونه إما تدليسا في القانون المدني أو نصبا واحتيالا وعدم تنفيذ عقد في القانون الجنائي إذا كانت نية الناقل سيئة عند التعاقد.
رغم وضوح هذه الصورة، فالمسافرون القاصدون روما يوم الثلاثاء 10 شتنبر الجاري، وجلهم من الجالية المغربية المقيمة بالديار الإيطالية والذين اختاروا شركة بلادهم “أجنحة المغرب” لنقلهم إلى مقرات عملهم بعد نهاية العطلة الصيفية، ودفعوا مقابل ذلك سعرا مرتفعا جدا يتجاوز كل منافسة، شعارهم في ذلك “كل شيء يهون من أجل قضاء العطلة داخل الوطن”، فقد وجدوا أنفسهم في وضعية أقل ما يقال عنها أنها لا تستقيم لا تجاريا ولا أخلاقيا، وجدوا أنفسهم أمام شركة ناقلة أخرى غير الخطوط الملكية المغربية، وعلى متن طائرة لا تبعث على الارتياح حتى وإن كانت “بوينغ 737” وحاصلة على كل مواصفات السلامة الجوية، إلا أن تجهيزاتها الداخلية فيها نظر (الكراسي وغيرها)، وبالتالي أقل مما دفعوا ثمنه.. فهل من حق الخطوط الملكية المغربية أن “تبيع” مسافريها إلى شركة أخرى مع راحة وخدمات أقل مقابل عمولة كسبتها وراء ذلك كما يفعل السمسار؟
لا أعتقد ذلك، مع أن عددا من المسافرين يعلمون أن أسعار هذه الشركة التي حشروا فيها أسعارها جد منخفضة في أوروبا ..وحتى وإن كان من حق “لارام” أن تؤجر ناقلة في نفس المستوى والجودة والتجهيزات والخدمات وليس نوع الطائرة فحسب، فعليها أن تشعر المسافرين قبل الرحلة بأنها لن تنقلهم عبر أسطولها الجوي، وأن ليس طاقمها، من ربان ومساعد ومضيفين ومضيفات، من سيقوم بالرحلة، وإنما ستنجز vol opéré من طرف شركة أخرى.. حينها يبقى الزبون حرا إما أن يسافر مع الخطوط المغربية أو يختار حلا آخر يناسبه، فالأمر في النقل الجوي يتجاوز الأسعار وهو مرتبط بالثقة وبحالة نفسية في غالب الأحيان.
وهكذا، فإن عددا من المسافرين على هذه الرحلة لم يتقبلوا الأمر وقاموا باحتجاج قوي على طاقم الطائرة، الشيء الذي أدى إلى تأخير إقلاعها، وعوض حضور مسؤولي الخطوط المغربية، المسؤولة الوحيدة عن هذه الفضيحة، رجعوا إلى الخلف تاركين ربان الطائرة، الإيطالي اللسان، يفاوض ويشرح بمهنية عالية ويمتص غضب المسافرين، حيث كنت بمقدمة الطائرة وتابعت كفاءة الرجل وحسه المهني العالي أمام موجة من الغضب لا يد له فيها.. حتى إن شابا لم يتجاوز عمره الثلاثين سنة علق ساخرا: هل كانت الخطوط الملكية المغربية أن تفعل ما فعلت مع الرحلات القاصدة باريس، أم “حنا غير مغاربة الطليان؟”.
ما هكذا تتصرف أكبر شركة طيران في إفريقيا من حيث عدد نقل المسافرين !!
يبدو إن إعفاء المديرة العامة للمكتب الوطني للمطارات، والذي كان ضروريا – ما في ذلك شك – إلا أنه ليس كافيا لتجاوز هفوات النقل الجوي والمغرب يعد الأيام لمواعيد حاسمة وفي أمس الحاجة لأجنحة غير معطوبة .
وما علاقة لارام بالمديرة العامة للمكتب الوطني للمطارات