جهات

حديث العاصمة | تراجع الدبلوماسية الشعبية بين الرباط والعواصم الإفريقية

بقلم: بوشعيب الإدريسي

    نستغرب ونتساءل عن سر “خفوت” علاقات مجالس عاصمة الدبلوماسية والسياسة والثقافة، مع نظرائها في عواصم دول الساحل الإفريقي، بالرغم من الاتصالات الآنية، والصداقات المتبادلة بين حكوماتها وحكوماتنا.. فمنذ سنين نادينا وطالبنا مجلس جماعة الرباط بتصويب اهتمامه لإنعاش دبلوماسية الشعوب في هذا الساحل الإفريقي اعتبارا لارتباطنا به جغرافيا وتاريخيا واقتصاديا وحتى أمنيا، لكن مع الأسف استمرت جل المجالس في تنظيم الأسفار لحضور اللقاءات الإقليمية والاجتماعات الدورية لمختلف المنظمات والتي هي روتينية تخدم فقط شرعية تلك المنظمات ويغيب عنها جل الأعضاء الوازنين لتكلفتها المالية على ميزانيات مدنها، ويحضرها البعض فقط للامتيازات المتاحة.. حتى أن القيام بمهمة صارت بالتناوب بين بعض المنتخبين وبكل شفافية، بدلا من انتداب الكفاءات المحنكة للعودة بملفات “تصنعها” لتأكيد دبلوماسية العاصمة.

وإذا عدنا إلى الأرشيف، فسنجد بأن هذه الدبلوماسية الشعبية انبثقت مع مجالس 1983 إلى 1992 بحصيلة موفقة لحوالي 17 اتفاقية تآخ وتوأمه لأكبر العواصم العالمية والإفريقية، ولأول مرة نكشف عن منح منصب الأمين العام لمنظمة بلديات المدن الإفريقية للرباط في شخص المرحوم بدر الدين السنوسي، وكان رئيسا لجماعة اليوسفية، ومنذ ذلك التاريخ الحافل والمثمر والمتميز، ارتأى المنتخبون اللاحقون – وهذا حقهم – الابتعاد عن هذه الدبلوماسية بالمفهوم العملي الجاد بالنتائج الملموسة، وأزاحوها لإفساح المجال للجولات السياحية تحت غطاء: “المهمات”، ولم يضيفوا منذ 32 سنة أي قيمة مضافة لرصيد الماضي بالرغم من محدودية الإمكانيات وشح الامتيازات وصعوبة المواصلات والتواصل مع الخارج في ذلك الوقت.

فمجالسنا لم تستفد من التطور الحاصل على جميع الأصعدة لتوظيفه واستغلاله من أجل تعزيز مكانة العاصمة ومنتخبيها في القارة الإفريقية كما نادينا بذلك مرارا، وهي – دون شك – تعلم أن القارة الإفريقية مقبلة على نهضة في كل المجالات، نهضة انطلقت بالفعل من قمة رأس هذه القارة المطل على الساحلين الأطلسي والمتوسط، عاصمة الثقافة ومركز إمارة المؤمنين المحافظة على القيم الإنسانية والتقاليد السامية الكونية لاستقرار إنسانها وضمان أمنه وحريته في العيش الكريم وممارسة شعائره الدينية بكل حرية.

تتمة المقال تحت الإعلان

وبكل صراحة، نعيب على بعض منتخبينا، وهم “يا حسرة” ينتمون للجسم السياسي، أنهم ارتكبوا أخطاء في حق العلاقات الإفريقية مع عاصمة ثقافتها، فلعلهم يستفيقون من غيبوبتهم ويشمرون على سواعدهم ويستحضرون كل طاقاتهم للتصالح مع قارتهم، وهذا التصالح لن يحققه إلا المتضلعون في الدبلوماسية الشعبية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى