الرباط – الأسبوع
انطلق في مختلف ربوع المملكة الإحصاء العام للسكان، وهو مناسبة لا تعوض للمتقاعدين عند الإدلاء بتصريحاتهم للمكلفين بعملية تدوين المعلومات في محاضر معدة لذلك، بأن يطلبوا تسجيل ما يرغبون في البوح به من “عقوق التقاعد” في حق المنتسبين إليه.
فهم بدون تأطير ولا تنظيم وكان الأولى تغيير “نظام التقاعد” بـ”نظام التشرد” ما دام المشمولون بهذا النظام في حكم “المشردين” غير التابعين لأي جهاز رسمي يحميهم ويتابع أحوالهم ويرتب أمورهم، ثم يسهل ويتكلف بقضاياهم ويقضي حاجاتهم، وتصوروا مليونين من هؤلاء فيهم التاجر والصانع والعامل والإطار الإداري والطبيب والمهندس، وغيرهم كثير في القطاعات الحكومية والمؤسسات الخصوصية والمهن الحرة والمقننة.. كلهم أحيلوا على التقاعد دون “حقوق” باستثناء معاش ادخروه من أجورهم الشهرية السابقة، وحتى هذا المعاش غير مضمون، ولا تخجل الحكومة عند التلويح بين الفترة والأخرى بضبابية مصيره.
ففي شهر غشت الماضي، وهو فترة العطلة السنوية عند معظم العاملين يختارونه للراحة والاستجمام والأسفار، لاحظنا تعبئة تلقائية لأبرز الفيدراليات والاتحادات والجمعيات المهتمة بالمتقاعدين لمراجعة الأوضاع المزرية لمنخرطيها خلال هذا الشهر، وقد أصدرت بيانات وملتمسات في الموضوع رفعتها إلى رئيس الحكومة، وكان لهذا التحرك صداه لدى كل المتقاعدين، ولكنه في نظرنا غير ذي جدوى في غياب قرار سياسي وتدخل برلماني وتأثير حزبي، وهذا ربما ما انتبه إليه بعض المتقاعدين بالتشاور لإنشاء حزب سياسي يكون بدون منازع الأكبر في المملكة، وكل أهدافه حسب مسودة مشروع قانونه التأسيسي: “إحقاق حقوق المتقاعدين” وإخراجهم من “سلة المهملات” وقد فاضت بملتمساتهم وشكاياتهم وتظلماتهم، ثم حوار مسؤول مع من يهمه الأمر يتجاوز الجانب المادي إلى المعنوي، بالاعتراف للمتقاعد بإنسانيته وتضحياته وأحقيته في أولوية كل خدمات الرعاية الصحية من مساعدين اجتماعيين يكونون على اتصال دائم به، وفي تمتيعهم ببطاقة إلكترونية تمنحهم تسهيلات وامتيازات وتخفيضات كنظرائهم الأوروبيين، أما في شأن زيادات المعاشات، ففي الشهر الماضي سبقتنا 3 دول إفريقية إلى تمتيع متقاعديها بهذه الزيادة، ويبقى المهم هو الخروج من الصمت على حقوق شيوخنا وقد توج بأحسنها وأفضلها مثلهم فيما وراء البحار، واهتدت بلدان من القارة الإفريقية إلى تكريم شيوخها، وعندنا يتجرعون الإهمال حتى من جمعيات التعاضد وهم ممولوها، بالتعامل غير المقبول في إحالة ملفاتهم المرضية إلى “الصندوق”، حيث كثيرا ما ترفض وتعاد إلى أصحابها المرضى طريحي الفراش بسبب نسيان مجرد رقم كان من الممكن إضافته من الجمعية التعاضدية، لأنها لا تراقب ولكن مهمتها هي التعاضد والدفاع عن منخرطيها وتسيير الحصول على تعويضاتهم في أحسن الظروف، فهذا هو حال شيوخنا بناة الوطن.. فهل يبلغونه في الإحصاء ؟