تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | كيف أصبح الرميد “مستشارا” للدولة العميقة.. ولماذا يبحث أعضاء “البيجيدي” عن اسم جديد ؟

"لك الله يا وطن"

الدولة هي نفسها(..)، لكن بعض الاجتهادات تفضل أن تتحدث عن الدولة بمعناها الظاهر، و”الدولة العميقة” بمعنى ذلك التحالف الخفي بين لوبيات معينة في مواجهة المؤسسات(..)، في هذا الصدد، كان أنصار الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بن كيران، وهم نفسهم يتحدثون عن وجود دولة عميقة تقوم بعرقلة حزبهم، تارة باسم التحكم، وتارة يتحدثون عن وجود هذه البنية بالاسم، وعلى نفس النهج سار باحثون آخرون، ولكن الحكاية طويت مع طي صفحة بن كيران في رئاسة الحكومة(..)، قبل أن يتم بعث المصطلح من جديد على لسان أحد أشهر قياديي العدالة والتنمية الذين فضلوا الابتعاد عن دائرة الأضواء والحزب، وهو المحامي مصطفى الرميد، وبغض النظر عن السياق الذي أثار فيه وزير الدولة السابق هذه التصريحات، فإنها أكدت وجود “قوة خفية” غير ظاهرة في الواجهة، تسمى الدولة العميقة، بل إن الرميد قال: “الدولة العميقة نعمة من الله”..

إعداد: سعيد الريحاني

    مهما تكن التفسيرات التي يمكن أن تعطى لهذا التصريح.. فإنها تصطدم عمليا مع “دولة المؤسسات”، والغريب في الأمر أنها صدرت على لسان مدافع سابق عن الوضوح المؤسساتي، فمصطفى الرميد هو الذي كان يطالب بـ”الملكية البرلمانية” في عز الاحتجاجات سنة 2011، والذي أكد فيما بعد سنة 2019، في لقاء حزبي كبير، أن  “الملكية البرلمانية لا مفر منها”، هو نفسه الذي أصبح يثني على “الدولة العميقة”، ويؤكد وجودها(..)، بل إن الرميد كان من خصوم “الأسلوب المخابراتي”، وكان من أشهر معارضي منح الصفة الضبطية لعناصر المخابرات(..)، معتبرا ((إنها نقطة سوداء في مشروع القانون الذي يغير ويتمم قانون المسطرة الجنائية، ويتعلق الأمر بإسناد صفة الضبطية القضائية إلى المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني)).. هكذا كان يتحدث الرميد في شهر أكتوبر من سنة 2011 عندما كان رئيسا لفريق العدالة والتنمية بمجلس النواب.. وقال أيضا: ((نحن نعتقد أن الحكامة الأمنية الديمقراطية تقتضي أولا طرح مؤسسات ذات اختصاص، ومنحها إمكانية الرقابة ووسائلها على الأجهزة الأمنية عموما..)) (المصدر: “هسبريس”، 13 أكتوبر 2011).

تتمة المقال تحت الإعلان

ماذا حصل بين الأمس واليوم، عدا كون الرميد لم يعد يمارس السياسة من داخل حزب العدالة والتنمية، حيث لم يتسع سقف الحزب ليجمعه مع الأمين العام بن كيران(..)، فبغض النظر عن كون الرميد تحول إلى رجل ثقة القصر في السنوات الأخيرة، بدليل حضوره التكليف الثاني لبن كيران بتشكيل حكومته الثانية التي لم تتشكل سنة 2016، ووقفت عند عتبة “البلوكاج”(..)، فإنه بات رجل الملفات.. والفاهم يفهم، فوزير الدولة السابق هو الذي ظهر اسمه بالتزامن مع العفو عن عدة معتقلين مؤخرا، من بينهم صحافيين ونشطاء..

إن أكبر دليل على اطلاع مصطفى الرميد على الخبايا، وإلمامه بالتفاصيل التي سبقت هذا العفو الملكي، الذي اختلفت حوله التقارير(..)، هو طريقة تفاعله مع المرحلة التي تلته، حيث قال على حسابه الشخصي بموقع “الفايسبوك”: ((“إن الأحكام القضائية حينما تصبح نهائية فإنها تعتبر عنوان الحقيقة الدنيوية.. وتبقى الحقيقة المطلقة عند الله تعالى.. لذلك لا فائدة في المجادلة في ما نطقت به الأحكام حسب ظاهر الأمر، ولا خير في اجترار أحداث صدر في شأنها العفو”، وتابع قائلا: “إن جلالة الملك حينما يقرر العفو لأحد، فإنما يقرره رأفة ورحمة، وتكرما وإحسانا، وبهذا المعنى تنطق عادة البلاغات التي تصدر بالمناسبة، ولذلك لا يعقل، كما لا يقبل، أن يفسر العفو الملكي في أي مناسبة إلا بما تم الإعلان عنه، دون تأويل فج، أو تفسير سيء”.. ودعا الوزير السابق إلى مقابلة العفو بالشكر قائلا: إن الله تعالى أمرنا بقوله: “وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها”، ولذلك فالخيّرون يقابلون الخير بالخير، ولربما بما هو أكثر، وليس لهم إلا ذلك، وقد صدق الشاعر إذ قال: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته *** وإذا أنت أكرمت اللئيم تمردا..)) (المصدر: موقع “صوت المغرب”).

صورة لن تتكرر لحزب العدالة والتنمية خلال الأمس القريب قبل أن يتفرق «الإخوان»

نفس المصدر قال: ((إن الواجب على كل من حظي بالعفو الكريم، أن يقابله بالشكر والامتنان، لأن من لا يشكر الناس لا يشكر الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.. وأضاف المتحدث أنه “لا يستقيم في هذا السياق التبجح بعدم طلب العفو أو ما شابه وكأن العفو عمن طلبه رذيلة، بل هو عكس ذلك فضيلة، والثابت أن هناك من لم يطلبه شخصيا، ولكن قريبا أو لربما أكثر، قد طلبوه رأفة به وعطفا عليه، وحتى إذا لم يكن شيء من ذلك، فإن من لم يطلب العفو وناله، أولى به أن يكون أكثر شكرا وعرفانا ممن طلبه، فهذا من صميم سمو الأخلاق وحسن التصرف)).. واعتبر الرميد أن ((العفو الملكي حينما يشمل بعض الأشخاص الذين لهم حيثيات سياسية أو إعلامية وغيرها، فيقابلون هذه الالتفاتة الملكية الكريمة بالقول الحسن والثناء الواجب، فإنهم يشجعون الدولة على مزيد من الالتفات إلى غيرهم ممن تكون لهم حيثيات مشابهة أو قريبة، أما حينما يكون رد الفعل على خلاف ذلك، فإنهم يؤخرون ذلك وربما يعرقلونه، وتكون أنانيتهم سببا في تأجيل نيل غيرهم ما نالوه ونعموا به من عفو، فيكونون كمن تفتح له أبواب السجون فيغلقها وراءه على من سواه)) (نفس المصدر: موقع “صوت المغرب”).

تتمة المقال تحت الإعلان

هكذا تضمنت تصريحات الرميد تحذيرا للحاصلين على العفو، والأرجح أنه لعب دورا كبيرا في التمهيدات الأولية لإعداد “طلب العفو”، رغم أن التفاصيل لم تخرج(..)، بل إنه نبه الحاصلين على العفو من أصحاب “الحيثيات السياسية” و”الحيثيات الإعلامية”، إلى أنهم ربما يغلقون أبواب العفو على مجموعات أخرى مرشحة للعفو من عقوبة السجن(..).

الرميد يمارس اليوم السياسة من منظور آخر، وقد أهله الوضع للعب دور المستشار بعد تجربة “وزير الدولة” و”الشاهد”، والأكيد أن خرجاته الأخيرة ليست سوى عنوانا لدوره الجديد، الذي بدأت معالمه تتضح مع توليه شؤون وزارة حقوق الإنسان، لتتغير القناعات الحزبية إلى قناعات أخرى، جعلت الرميد اليوم يجاهر بلعبه دور “المستشار” في ملفات معينة، في انتظار “الترسيم” الذي قد يأتي وقد لا يأتي(..).

ليس الرميد وحده من تغير بعد تجربة الوزارة، بل إن حزب العدالة والتنمية قد تغير بشكل جذري عن ذلك الحزب الذي اكتسح الانتخابات سابقا، قبل أن يكتسح ذيل الترتيب بنتائج مدوية، حتى أن ((اللجنة التحضيرية التي انعقدت يوم السبت ناقشت فكرة تغيير اسم الحزب، الذي سبق أن غيّر اسمه عام 1998 من حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية إلى حزب العدالة والتنمية.. وقالت المصادر إن مقترح التغيير الذي طالب به عدد من الأعضاء، اقترح أسماء مثل العدالة والديمقراطية، أو التنمية والعدالة الاجتماعية، أو النضال الديمقراطي، وهي المقترحات التي لم تقنع أعضاء اللجنة التحضيرية، ليتم تأجيل الفكرة.. وفي الوقت الذي يتجه فيه الحزب إلى التشبث باسمه الحالي، فإن مصادر الجريدة أكدت أن الأغلبية الساحقة رفضت الفكرة، وفي مقدمتهم أعضاء الأمانة العامة، الذين رفضوا تغيير الاسم الحالي، معلنين تشبثهم بالاسم الذي حقق مع الحزب الريادة على المستوى السياسي لمدة عشر سنوات..

تتمة المقال تحت الإعلان
الرباح

هذا، وناقشت اللجنة التحضيرية برامج المؤتمر، والضيوف واللوجستيك، بالإضافة إلى الندوة الرئيسية للمؤتمر والمعنونة بشعار: “العدالة والتنمية بعيون خارجية”..)) (المصدر: موقع “مدار 21”).

بين الأمس واليوم.. تغير حزب العدالة والتنمية، وتغير أعضاؤه، وفقد “المصباح” توهجه، وما محاولة تغيير اسم الحزب إلا نهاية أخرى من نهايات الحزب الذي انطلق بشعارات كبرى وانتهى بمجموعة صغيرة.. ماذا لو أن الحزب احتضن جميع الأفكار(..) ؟

“لك الله يا وطني”

تتمة المقال تحت الإعلان

متى يتوقف نزيف انحراف النخبة ؟؟

لا تخلو دولة ولا مجتمع من المنحرفين والمفسدين والمرتشين وخائني الأمانة.. تلك سنة الله في خلقه.. وجود الحق والباطل، الخير والشر، الصلاح والفساد، العدل والظلم، الأمانة والخيانة… إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لكن الله أوجب التدافع حتى لا تفسد البشرية والأوطان والمجتمعات، ((ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين))،

لكن عندما يعم الفساد في ميادين عدة ويشيع في أوساط النخب التي تستأمن على مصالح الدولة والمجتمع والمواطن، فإنهم يتحولون إلى قدوة سيئة للجميع، فتشرع كل أبواب الفساد ويتنامى التنافس على إبداع أخبث الوسائل وأيسر السبل لنهجه ونشرها والإفلات من عواقبها.

تتمة المقال تحت الإعلان

ويزداد الأمر سوء عندما تعجز أو تضعف مؤسسات التوعية والتدبير والتشريع والرقابة والزجر أمام تيار الفساد الجارف، ولا سيما عندما يتسلل إلى هذه المؤسسات نفسها.. حينها وجب أن ينهض خدام الدولة المخلصون الحقيقيون، ورواد المجتمع الصالحون، ونخب الوطن الصادقون المؤثرون، للقيام بواجبهم الديني والوطني قبل فوات الأوان وإضعاف مناعة الدولة والمجتمع والمواطن أمام الفساد.

ما دام الإيمان راسخا بأن للبيت ربا يحميه، فلن يضيع صلاح وراءه طالب، ولن تعلو راية لنخب الفساد، ((ولكن الله ذو فضل على العالمين)).

قائل هذا الكلام الذي لا يختلف حوله اثنان في الفقرات السابقة بداية من: “لك الله يا وطني”، هو الوزير السابق والقيادي النشيط سابقا في حزب العدالة والتنمية عبد العزيز الرباح.. فما الذي يمنعه اليوم من نشر رسالته من داخل حزب العدالة والتنمية، أليس الانحراف، “انحرافا جماعيا”(..).

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى