الرباط | الدائرة الانتخابية المثيرة للجدل.. أسقطت رئيس الحكومة وزعماء أحزاب ورقّت المعارضة
الرباط – الأسبوع
في الانتخابات الأخيرة لسنة 2021، ترشح رئيس الحكومة لعضوية مجلس النواب في الدائرة الانتخابية المحيط، وهي دائرة ممتدة على طول ساحل المحيط الأطلسي بمساحة تضم تقريبا 3 مقاطعات تختلف في نوعية ديموغرافيتها وثقافة سكانها وميولاتهم السياسية، التي صارت أكثر موضوعية وبراغماتية بعد تطهيرها من آفة “البراريك”.. ففي تلك الانتخابات اشتهرت وطنيا ودوليا بغضبتها على الحزب الحاكم آنذاك في شخص أمينه العام ورئيس الحكومة باحتلال لائحته رتبة متدنية شأنه في ذلك شأن بعض أمناء الأحزاب المرشحين بنفس الدائرة، وفاز عليهم مرشح حزب معارض في ذلك الوقت، ستدخل هيأته إلى الحكومة وسيعين وزيرا على 3 قطاعات أجبرته على تقديم استقالته من المنصب النيابي، الذي عاد إلى مرشح حزب آخر، وبعد أزيد من سنتين ألغته المحكمة الدستورية، وهذا المنصب اليوم وللمرة الثانية يعرض على الناخبين لانتخاب نائب جديد، وبعد أيام، ستحسم الدائرة المعنية في اختيار نائبها من بين مرشحين لن نكون طرفا في هذا الاختيار، لكن من واجبنا طرح التساؤل: من سيستفيد من صعود نائب جديد مكان المحكوم عليه بإفراغ مقعده البرلماني؟ بل من أصلا ينعم بالصفة الممنوحة من الناخبين وامتيازاتها؟
على كل حال، ليسوا هم الذين صوتوا وتنقلوا إلى مكاتب التصويت ووقفوا في طوابير منتظرين دورهم للإدلاء بقرار اختيارهم وقد “يلدغون” بسم هذا الاختيار عندما يتنكر لهم “الصاعدون” إلى “فردوس المنتخبين”.
وقبل الخوض في سير المرشحين الحاليين، وقد يختلفون في حملاتهم الانتخابية وفي أهداف أحزابهم طيلة هذه الحملات، لكنهم بعدها – كما كان قبلها – يعودون من حيث أتوا متساوين في “القطع” مع هذه الدائرة.. دائرة ذكية ثائرة متجددة التطلعات، واعية بالمستقبل، حاضنة للجامعة وكلياتها ومدارسها العليا، تابعة لترابها أكبر مقاطعة من حيث تعداد السكان، وهذه المقاطعة بالضبط هي المتحكمة في جواز المرور إلى مجلس النواب، وهذا الجواز لن يكون كسابقه والذي تمرد على أعلى سلطة تنفيذية في المملكة بعدما حرم منه رئيس الحكومة ربما عقابا له على “احتقار” الدائرة، ولم تكن له أي صلة بها قبل الانتخابات، ولم يسبق أن ترشح في المدينة لأي استحقاق.. هذا الدرس العقابي كان من نصيب حتى من كانوا يوظفون صفاتهم الحكومية أو الحزبية وما شابهها كرصيد أو طعم بشكل أو بآخر للإيقاع بالناخبين، وقد تجاوز ناخبو ومواطنو العاصمة السياسية هذا الأسلوب البالي في مدينة عالمية بثقافتها ومشاريعها وثورة مجتمعها المدني الذي سما بها إلى مراتب عليا.
وهذا يفرض علينا الاستفسار عن خدمات البرلمانيين السابقين والحاليين واللاحقين التي قدموها أو سيقدمونها لساكنة الرباط، خدمات في عالم الغيب لكن تعويضاتها وامتيازاتها ثابتة ينعم بها المنتخبون كل شهر، سيقول المرشحون الحاليون ما سبق أن أقسم عليه زملائهم في الحرفة، بأنهم لن يكونوا كسابقيهم، فإذا بهم يتفوقون عليهم في قطع التواصل مع دائرتهم، دائرة المحيط سرها ليس في بئر ولكن في مياه محيطها العميق، وقد فاجأتنا في الانتخابات الأخيرة بضحايا كبار في المراتب العليا ورفعت من قامات غير مشهورة سرعان ما بهت بريق وعودها، وهذا كله ستقوّمه دائرة المحيط في الاستحقاق الجزئي المقبل بتاريخ 12 شتنبر الحالي.