تحت الأضواء | أيها الشعب الإفريقي.. الرئيس الصيني يخاطبكم
10 مبادئ لتنمية إفريقيا كما يراها شي جين بينغ
بقلم: سعيد الريحاني
استيقظت “بيجينغ” (بكين) في الصباح الباكر يوم الخميس المنصرم، على وقع تحركات هائلة لحشود بشرية كلها حجت إلى محيط قاعة الشعب الكبرى، وإلى ساحة “تيان آن من”، الساحة التاريخية الأكبر في العالم، ورغم آلاف الحاضرين والإجراءات الأمنية المكثفة، فقد كانت الأمور تسير بسلاسة، سواء على شبكة “الميترو”، حيث تم اشتراط تقديم البطاقة الوطنية أو جواز السفر بالنسبة للأجانب، أو على الطرقات المؤدية لهذا الاتجاه(..)، وتعكس سرعة المرور وإجراء كافة العمليات في وقت وجيز تمكن “المنظمين الصينيين” من خبرة كبيرة في إدارة الجماهير، كما تعكس وعي المواطنين بالإجراءات المعمول بها في هذه الأماكن الإمبراطورية.
المناسبة شرط، والمناسبة هي تنظيم أكبر حدث دبلوماسي على المستوى العالمي، وهو قمة منتدى التعاون الصيني الإفريقي (2024)، حيث كان الرئيس شي جين بينغ يشرف بشكل شخصي على استقبال عشرات القادة والرؤساء والوفود الإفريقية التي حجت إلى الصين للمشاركة في هذا الحدث العالمي، الذي حضره أيضا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي أخذ كرسيه إلى جانب باقي الرؤساء ليستمع لخطاب الرئيس شي، هذا اليوم في قاعة الشعب الكبرى.
((يقول مثل إفريقي: “إن الأصدقاء الحقيقيين هم الذين يسيرون على نفس الطريق”.. ولا يجوز أن يغيب أحد أو نترك بلدا خلف الركب في طريق التحديث، لنحشد القوة الضخمة لأبناء الشعب الصيني والشعوب الإفريقية البالغ عددهم أكثر من 2.8 مليار نسمة، ونسير يدا في يد على مسيرة التحديث، ونقدم مساهمة في تحديث الجنوب العالمي من خلال تحقيق التحديث في الصين وإفريقيا، ونرسم صورة جديدة في تاريخ تطور البشرية، ونعمل سويا على دفع العالم نحو أفق مشرق من السلام والأمن والازدهار والتقدم)).. هكذا تحدث الرئيس الصيني داخل قاعة الشعب أمام مجموع القادة والرؤساء الأفارقة الحاضرين، وكان قد بدأ كلمته بالمثل الصيني القائل: “إن الزهور في الربيع تتحول إلى ثمار في الخريف”، موضحا أن موسم الحصاد قد بدأ(..).
ودون الخوض في تفاصيل كثيرة تميزت بها القمة ومنها الاجتماع الوزاري المشترك على مستوى وزراء الخارجية الأفارقة، وبغض النظر عن التقنيات الحديثة التي واكبت الأشغال والتي تميزت باستعمال كبير لتقنيات الذكاء الاصطناعي، دون إهمال التراث الوطني الصيني الذي كان حاضرا أيضا.. فقد قال شي جين بينغ: ((لا تحديث للعالم بدون تحديث للصين وإفريقيا، اللتان تضمان ثلث السكان في العالم)).
وبخلاف قمم سابقة للتعاون الصيني الإفريقي، فقد حدد الرئيس شي خطة العمل المشتركة والعملية من خلال 10 أهداف:
1) فيما يخص الاستفادة المتبادلة بين الحضارات: يحرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب الإفريقي على بناء منصة صينية-إفريقية لتبادل الخبرات حول الحوكمة، وإنشاء شبكة معارف التنمية للصين وإفريقيا، و25 مركزا صينيا إفريقيا للدراسات، وتأهيل الأكفاء في مجال الحوكمة استنادا إلى أكاديمية القيادة الإفريقية، ودعوة 1000 شخصية حزبية في إفريقيا لزيارة الصين من أجل تعميق تبادل الخبرات حول حوكمة الحزب والدولة بين الجانبين.
2) الشراكة للازدهار التجاري: إن الصين مستعدة لأن تبادر إلى توسيع انفتاح السوق بشكل أحادي الجانب، من خلال قرارها بمنح جميع الدول الأقل نموا التي لها علاقات دبلوماسية مع الصين، بما فيها 33 دولة إفريقية، معاملة صفر تعريفة جمركية على 100 % من المنتجات الخاضعة للضريبة المستوردة منها، وذلك يجعل الصين أول بلد نام كبير واقتصاد رئيسي في العالم يطبق هذا الإجراء، ويجعل السوق الصينية الضخمة فرصة واعدة لإفريقيا. هذا بالإضافة إلى توسيع نفاذ المنتجات الزراعية الإفريقية، وتعميق التعاون في مجال التجارة الإلكترونية، وتنفيذ “البرنامج الصيني الإفريقي لترقية الجودة”.
إن الجانب الصيني على استعداد للتشاور مع الجانب الإفريقي للتوقيع على الاتفاقية الإطارية للشراكة الاقتصادية من أجل التنمية المشتركة، بما يقدم ضمانا مؤسسيا طويل المدى ومستقرا وقابلا للتنبؤ للتجارة والاستثمار بين الصين وإفريقيا.
3) الشراكة للتعاون في سلاسل الصناعة: يحرص الجانب الصيني على تكوين دائرة النمو للتعاون الصناعي مع الجانب الإفريقي، والعمل على بناء المنطقة الرائدة للتعاون الاقتصادي والتجاري المعمق بين الصين والدول الإفريقية، وإطلاق “برنامج تمكين الشركات المتوسطة والصغيرة الإفريقية”، وسيعمل الجانب الصيني مع الجانب الإفريقي على إنشاء المركز الصيني-الإفريقي للتعاون في التكنولوجيا الرقمية، وبناء 20 مشروعا رقميا نموذجيا، من أجل مواكبة جولة جديدة من الثورة التكنولوجية والتحول الصناعي بشكل مشترك.
4) الشراكة للترابط والتواصل: يحرص الجانب الصيني على تنفيذ 30 مشروعا لترابط البنية التحتية في إفريقيا، والعمل مع الجانب الإفريقي سويا على تعزيز التعاون في بناء “الحزام والطريق” بجودة عالية، وبناء شبكة الترابط والتواصل الصينية-الإفريقية التي تتميز بالتفاعل برا وبحرا والتنمية المتناسقة، كما إن الجانب الصيني على استعداد لتقديم المساعدة لبناء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، وتعميق التعاون اللوجستي والمالي، بما يساعد إفريقيا على التنمية العابرة للأقاليم.
5) الشراكة للتعاون الإنمائي: يحرص الجانب الصيني على إصدار بيان مشترك مع الجانب الإفريقي حول تعميق التعاون في إطار مبادرة التنمية العالمية، وتنفيذ 100 مشروع “صغير وجميل” في مجال معيشة الشعب، وضخ رأس المال في صندوق الشراكة بين الصين والبنك الدولي، بغية المساهمة في التنمية الإفريقية، ويدعم الجانب الصيني إقامة الألعاب الأولمبية للشباب عام 2026 وكأس الأمم الإفريقية عام 2027، بما يجعل الشعب الصيني والشعوب الإفريقية تستفيد من ثمار التنمية بصورة أفضل.
6) الشراكة في مجال الصحة: يحرص الجانب الصيني على إنشاء رابطة المستشفيات الصينية الإفريقية، وإنشاء مراكز طبية مشتركة بالتعاون مع الجانب الإفريقي، وسيرسل الجانب الصيني فرقا طبية إلى إفريقيا وعدد أعضائها 2000 فرد، وينفذ 20 مشروعا تتعلق بالطب والصحة ومكافحة الملاريا، ويدفع الشركات الصينية للاستثمار في إنتاج الأدوية، ويواصل تقديم المساعدة بقدر المستطاع لإفريقيا على مواجهة الأوبئة القائمة، ويدعم بناء المركز الإفريقي للوقاية والسيطرة على الأمراض، بما يرفع قدرة الدول الإفريقية في مجال الصحة العامة.
7) الشراكة للنهوض بالزراعة وخدمة الشعب: سيقدم الجانب الصيني مساعدات غذائية عاجلة لإفريقيا بقيمة مليار يوان صيني، ويبني منطقة نموذجية معيارية للزراعة بمساحة 100 ألف مو، ويرسل 500 خبير زراعي، وينشئ الرابطة الصينية-الإفريقية للابتكار التكنولوجي في مجال الزراعة، وينفذ 500 مشروع للأغراض غير الربحية، ويشجع الشركات الصينية والإفريقية على تبادل الاستثمار وريادة الأعمال لدى الجانب الآخر، من أجل إبقاء القيمة المضافة للصناعات في إفريقيا، وخلق ما لا يقل عن مليون فرصة عمل لإفريقيا.
8) الشراكة للتواصل الشعبي والثقافي: يحرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب الإفريقي على دفع برنامج “التعليم المهني – مستقبل إفريقيا” على نحو معمق، والتعاون في بناء معهد الهندسة والتكنولوجيا، وإنشاء 10 “ورشات لوبان”، وتقديم 60 ألف فرصة دراسية متاحة للنساء والشباب الأفارقة بشكل رئيسي، إضافة إلى التعاون في تنفيذ برنامج “طريق الحرير الثقافي” و”برنامج التعاون الابتكاري في الإذاعة والتلفزيون والإعلام المرئي والمسموع”، كما قرر الجانبان أن يكون عام 2026 “عام التواصل الشعبي والثقافي بين الصين وإفريقيا”.
9) الشراكة للتنمية الخضراء: يحرص الجانب الصيني على تنفيذ 30 مشروعا للطاقة النظيفة في إفريقيا، وإنشاء منصات للإنذار المبكر عن الحالة الجوية، وإجراء التعاون في الوقاية من الكوارث والحد منها والإغاثة منها وحماية التنوع البيولوجي، وإنشاء المنتدى الصيني الإفريقي للاستخدامات السلمية للتكنولوجيا النووية، والتعاون في إنشاء 30 مختبرا مشتركا، وإجراء التعاون في مجالات الاستشعار عن بعد عبر الأقمار الصناعية واستكشاف القمر والفضاء العميق، بما يساعد إفريقيا على تحقيق التنمية الخضراء.
10) الشراكة لتحقيق الأمن: يحرص الجانب الصيني على إقامة علاقات الشراكة مع الجانب الإفريقي بشأن تنفيذ مبادرة الأمن العالمي، وبناء مناطق التعاون النموذجية للمبادرة، وتقديم مساعدات عسكرية بدون مقابل إلى الجانب الإفريقي بقيمة مليار يوان صيني، وتأهيل 6000 كفء من صفوف الجيش و1000 فرد إنفاذ قانون من صفوف الشرطة لصالح الجانب الإفريقي، ودعوة 500 ضابط عسكري شاب لزيارة الصين، وتنظيم مناورات وتدريبات مشتركة ورحلات بحرية مشتركة بين الجيش الصيني والجيوش الإفريقية، وتنفيذ “برنامج مساعدة إفريقيا على التخلص من مخاطر الألغام”، والعمل سويا على حماية سلامة المشاريع وأفرادها.