ملف الأسبوع | عندما رفض الحسن الثاني شروط التسلح التي تفرضها أمريكا
كان موضوع تسليح المغرب من قبل أمريكا ومازال يحظى بأهمية كبيرة، ويسعى هذا الملف استنادا إلى وثائق أمريكية، تنشر لأول مرة، إلى إثارة فترة حساسة من تاريخ العلاقات بين البلدين، وهي عندما حاولت إدارة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر (1976-1980) أن تفرض على المغرب شروطا حول كيفية استعمال السلاح الذي يشتريه المغرب من أمريكا، ومن أهم الشروط عدم استخدامه في الحرب ضد جبهة البوليساريو، وكيف كان جواب المغرب؟ ثم إلى ماذا انتهى الأمر بين البلدين ؟
أعد الملف: سعد الحمري
رئيس أمريكي جديد وسياسة أمريكية جديدة..
إن دوام الحال من المحال في كل شيء، في الحياة الفردية بصفة خاصة، وفي مسارات الدول والأمم بصفة عامة، وهو ما حصل للمغرب.. فما إن نظم المغرب المسيرة الخضراء واسترجع صحراءه حتى بدأت الأوضاع الدولية تتحول بشكل تدريجي.. لعل أبرز ما وقع هو الفوز المفاجئ للرئيس الأمريكي الجديد جيمي كارتر بالانتخابات الرئاسية في نونبر 1976، وظهر أن من بين الدول التي ستجد صعوبة في التعامل مع ساكن البيت الأبيض الجديد، المغرب، فمباشرة بعد إعلان الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أجرت مجلة “باري ماتش” الفرنسية حديثا صحفيا مع الحسن الثاني، يوم 19 نونبر 1976، وخلاله أعلن الملك الراحل موقفه من الرئيس الجديد بطريقة غير مباشرة، حيث صرح بما يلي: ((عندما يتم تغيير رئيس الولايات المتحدة، يلزمه سنة لاستلام مهامه، وهو لا يحكم إلا مدة السنتين اللتين تتلوان ذلك، أما خلال السنة الرابعة، فهو لا يهتم إلا بإعادة انتخابه، ولو كنت عضوا بمجلس الكونغريس الأمريكي، لطلبت تعديل الدستور حتى يتاح وقت أطول لممارسة الرئيس لسلطاته))، ليتضح أن الملك تمنى لو أن الرئيس جيرالد فورد استمر في مهامه على رأس أمريكا أطول فترة ممكنة.
وفعلا، حصل ما كان يقلق الملك الحسن الثاني، فمباشرة بعد تسلم الرئيس جيمي كارتر السلطة، بدأت معالم السياسة الأمريكية الجديدة تتضح.. فقد ضرب هذا الأخير ما كانت قد وصلت إليه العلاقات المغربية الأمريكية بعرض الحائط، إذ ربط علاقات متينة مع الجزائر، وخصوصا على مستوى التعاون الاقتصادي، حيث كانت الجزائر حديثة العهد بتأميم قطاع النفط والاستقلال الاقتصادي عن فرنسا، وكانت قد انطلقت في عملية التصنيع، واختارت الجزائر أمريكا من أجل مساعدتها على عملية التصنيع.. وهكذا بدأت معالم السياسة الأمريكية الجديدة تتضح شيئا فشيئا، وطبعا لمصلحة الجزائر على حساب المغرب، أولها أن العلاقات الاقتصادية والسياسية الأمريكية الجزائرية شهدت تطورا ملموسا.
فرض قيود على الأسلحة المصدرة إلى المغرب وموقف الحسن الثاني من ذلك
إن من تجليات تطور العلاقات بين أمريكا والجزائر مقابل تدهور العلاقات المغربية الأمريكية، وضع الكونغريس الأمريكي شروطا على المغرب من أجل شراء أو إبرام صفقات تسلح مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومن بين الشروط هي ألا يستخدم المغرب الأسلحة الأمريكية، وخصوصا الطائرات، في الحرب مع البوليساريو، وفي ظل هذه التطورات، أعلن عن زيارة ملكية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قام الملك الحسن الثاني يومي 14 و15 نونبر 1978 بزيارة رسمية إلى أمريكا، وخلال الاستقبال، أشاد الرئيس الأمريكي الجديد بالمغرب، وقال بصريح العبارة: ((أريد أن أكشف بكل صراحة أننا نحن الأمريكان استفدنا كثيرا من علاقاتنا مع المغرب أكثر من استفادة المغرب من هذه العلاقات)).
وقد كانت صفقة الأسلحة التي يحتاجها المغرب هي الموضوع الأساس في لقاء الملك الحسن الثاني مع الرئيس الأمريكي، أو بين المسؤولين المغاربة ونظرائهم الأمريكان، وكان الجانب الأهم هو أن يقدم المغرب ضمانات للأمريكان بأن الأسلحة سوف لن تستخدم في الصحراء، وتكشف وثيقة أمريكية عبارة عن رسالة من وزارة الخارجية الأمريكية إلى سفيرها بالمغرب، مؤرخة بـ 3 دجنبر 1978، عن نتائج الزيارة الملكية.. فقد جاء فيها أن مساعد وزير الخارجية الأمريكي التقى بالسفير المغربي بواشنطن على هامش الزيارة الملكية إلى أمريكا، وكان الهدف من الاجتماع هو مناقشة اللغة التي يمكن أن تستخدمها الحكومة المغربية لطمأنة الحكومة الأمريكية بشأن استخدام المعدات العسكرية الأمريكية، كما جاء ضمن الوثيقة، أن السفير المغربي أخبر نظيره الأمريكي بأن حكومة المغرب فهمت أن حكومة الولايات المتحدة لا تريد استخدام المعدات في الصحراء، لكن المغرب لا يستطيع استخدام صياغة تشير ضمنيا إلى أن الصحراء مختلفة بأي شكل من الأشكال عن بقية المغرب، كما أنها لا تريد الحد من خيارات الدفاع عن النفس المتاحة لها، وعقب الاجتماع، سلمت وزارة الخارجية الأمريكية رسالة حول الموضوع إلى السفير المغربي لينقلها إلى الرباط في وقت لاحق من الأسبوع، للحصول على موافقة الحكومة المغربية.
سلمت السفارة الأمريكية الرسالة إلى الحكومة المغربية، وتم تدارس الموضوع مع الملك الحسن الثاني، وجرى تسليم الجواب إلى السفارة الأمريكية بالرباط، التي سلمته بدورها إلى وزارة خارجية بلدها يوم 29 يناير 1979، وتكشف وثيقة سرية رفع عنها طابع السرية، رد الحسن الثاني عن طلب أمريكا عدم استخدام أسلحتها في الصحراء.. فقد جاء في الرسالة أن الملك طلب من السفير الأمريكي أن ينقل قلقه العميق إلى وزير الخارجية الأمريكي بخصوص موقف أمريكا من توريد الأسلحة للمغرب وخصوصا مروحيات “شينوك”، وأكد الحسن الثاني للسفير الأمريكي رفض بلاده قطعا تقديم ضمانات بأن الأسلحة الأمريكية سوف لن تستخدم في الصحراء، وقال الملك الراحل: “إن مثل هذه الضمانات ستكون غير صادقة”، وأضاف السفير الأمريكي أن المسؤولين المغاربة وعلى رأسهم الحسن الثاني، أخبروه أنه في حال قدموا ضمانات من هذا النوع وحل أسلحة يقومون بشرائها من الميزانية العمومية، فإنهم سيعتبرون أن أمريكا تستعمر بلادهم أو تفرض على المغرب حمايتها كما فعلت فرنسا سابقا، وعلى السفير الأمريكي أن يتحول إلى مفوض سامي أو مقيم عام، وسيصبح يعطي أوامره للمغرب أين يمكنه استخدام الأسلحة التي مولها من ميزانيته، وجاء في الرسالة أيضا، أن الملك الحسن الثاني أخبر السفير بأن أمريكا في حاجة إلى حلفاء، وأن الملك تساءل ما الفائدة أن تكون حليفا للأمريكيين، وأضاف السفير أن الملك سئم من سماع عبارة “لدينا مشاكل في الكونغريس”.
تحركات داخل البيت الأبيض لإنهاء الأزمة
لم تبق الأزمة بين المغرب وأمريكا صامتة، بل أخرجها الملك الحسن الثاني إلى العلن.. فقد صرح للصحافة الأمريكية يوم 22 فبراير 1979، بأن أمريكا يجب أن تختار أصدقاءها، وخصوصا عندما طلب المغرب شراء أربع طائرات من أمريكا ودفع ثمنها، غير أنها لم تسلمها له بدعوى أن المغرب في حالة حرب مع الجزائر بينما سلمت طائرات لليبيا تحت قيادة معمر القذافي، الذي كان منحازا للاتحاد السوفياتي.. وهكذا، فقد أوضح الملك الحسن الثاني، وبكل صراحة، أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق جيرالد فورد أفضل من إدارة الرئيس جيمي كارتر، لأنها تختار أصدقاءها منذ البداية.
ويبدو أن تصريح الحسن الثاني للصحافة الأمريكية كان له وقع على الكونغريس الأمريكي.. فقد تحرك أعضاء مجلس الأمن القومي الأمريكي من أجل تأييد طلب المغرب في الحصول على الأسلحة، ومنهم ويليام كواندت، وهو من مسؤولي مجلس الأمن القومي، الذي وجه رسالة إلى مستشار الأمن القومي يوم فاتح ماي 1979، وأخبره أن المخابرات الأمريكية هي من تفسد العلاقات بين البلدين، حيث أنها ترسم بالفعل صورة قاتمة إلى حد ما عن المغرب، كما أن تقاريرها ليست مقنعة تماما، وأكد له ضمن رسالته بأن هناك خلافات بين وكالات الاستخبارات الأمريكية حول المغرب، وأوضح له أنه عندما تكون هناك خلافات بين الوكالات، فإنه لا يتم توضيح الأسباب التي تؤدي إلى تقييمات مختلفة، كما أكد له أن أمريكا تشهد ميلا في وكالة المخابرات المركزية في مرحلة ما بعد إيران إلى الاستمرار في تقديم تقييمات متشائمة من أجل تخفيف حدة الانتقادات المستقبلية للرضى عن النفس، وضمن مجلس الأمن القومي الأمريكي ضمن رسالته الموجهة إلى مستشار الأمن القومي، توصية جاء فيها ما يلي: ((على أساس كل حالة على حدة، يجب أن نستمر في الموافقة على بعض طلبات الأسلحة المغربية، وينبغي لنا أن نشجع جهود مجلس الشيوخ لإعادة نظام المساعدات المالية الخارجية للمغرب إلى المبلغ الكامل الذي طلبناه، وهو 40 مليون دولار، لكن لا ينبغي لنا أن نتوهم أن هذه الخطوات ستؤدي إلى تحسين موقف المغرب في الصحراء بشكل كبير)).
وفي ظل هذه التحولات، اجتمعت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في 20 شتنبر 1979، للنظر في سياسة نقل الأسلحة الأمريكية إلى المغرب والوضع العام في شمال غرب إفريقيا، بطلب من الرئيس الأمريكي، ورفعت تقريرها للرئيس في اليوم التالي، ومما جاء في التقرير، أنه ((بعد مناقشة مستفيضة للقضايا، توصلت اللجنة إلى النتائج التالية:
– أولا، ينبغي على الولايات المتحدة أن تؤكد من جديد موقفها القوي لصالح التوصل إلى تسوية تفاوضية لنزاع الصحراء، وينبغي أن تبدأ مبادرة دبلوماسية منسقة لإيجاد تسوية تفاوضية؛
– ثانيا، يجب على الولايات المتحدة تعيين سفير أمريكي متمرس في المغرب من النوع الأنسب، لفتح الاتصالات مرة أخرى بين الولايات المتحدة والملك الحسن الثاني؛
– ثالثا، ينبغي على الولايات المتحدة أن تزود المغرب بأسلحة مناسبة للدفاع عن ذلك البلد، وكتعبير عن الدعم للحكومة المغربية، يجب توفير هذه الأسلحة للدفاع عن المغرب، لكننا ندرك أن مثل هذه الأسلحة قد تستخدم في نزاع الصحراء؛
– رابعا، يجب على الولايات المتحدة أن توضح أن أحكام هذه الأسلحة لا تمثل تأييدا أمريكيا لسياسة المغرب في الصحراء، لذلك لا ينبغي على الولايات المتحدة أن توفر الأسلحة التي قد تكون مناسبة فقط لعمليات مكافحة التمرد في الصحراء؛
وفي ختام التقرير، جاء أن اللجنة أيدت بالإجماع الاستنتاجين الأولين أعلاه، ووافقت على الاستنتاج الثالث بأغلبية 6 أصوات مقابل 3 وامتناع عضو واحد عن التصويت)).
حل الأزمة وموافقة أمريكا على تسليم السلاح للمغرب دون قيود
لم يمر الكثير من الوقت على رفع تقرير هذه اللجنة.. حتى أرسل الرئيس الأمريكي جيمي كارتر رسالة إلى الملك الحسن الثاني بتاريخ 28 أكتوبر 1979، جاء فيها ما يلي: ((لقد شعرت بقلق بالغ إزاء الضغوط العسكرية المكثفة التي واجهتموها أنتم وبلدكم في الأشهر الأخيرة، ويشكل هذا الوضع تهديدا متزايدا للمغرب واستقرار المنطقة، وكما تعلمون، فقد قررت إجراء بعض التغييرات في سياساتنا التي تحكم مبيعات المعدات العسكرية لقواتكم المسلحة والتي تم تصميمها لمساعدتكم على مواجهة الوضع العسكري المباشر))، وأضاف الرئيس الأمريكي ضمن رسالته أنه ((من المهم أن نكون على اتصال وثيق في هذه المرحلة، وعلى وجه الخصوص، أنا حريص على النظر معكم في نطاق قراري، والأغراض التي تم تصميمه لخدمتها، وكيف يمكننا المضي قدما في تنفيذه على أفضل وجه. ولتحقيق هذه الغاية، طلبت من وارن كريستوفر، نائب وزير الخارجية، زيارة الرباط في أقرب وقت ممكن للقاء بكم، وآمل أن تستقبلوه وتتحدثوا معه بحرية وصراحة كما تتحدثون معي بشأن هذه القضية وبشأن أمور خطيرة أخرى تهمنا في هذه الفترة الحرجة)).
وفي ظل هذه التحولات، بدأت العلاقات المغربية الأمريكية تعرف بعض الانفراج، وفي هذا السياق خص الملك الصحافة العربية بحديث صحفي يوم 28 أبريل 1980، طرح عليه خلال اللقاء سؤال حول ما إذا كانت العلاقات المغربية الأمريكية قد عرفت تغيرا في الثلاثة أشهر الأخيرة؟ فكان جواب الملك كالتالي: ((أصلا لم يتغير موقف أمريكا من المغرب، حيث أن العلاقات بين البلدين كانت على الدوام طيبة، فالعلاقات بين المغرب وأمريكا استمرت على الدوام في حالة جيدة))، وفسر ما حصل بين المغرب وأمريكا طيلة الثلاث سنوات، بأنه ليس خصاما بينهما، بل إن ذلك حصل لأمريكا مع جميع أصدقائها، واعتبر الحسن الثاني أن أمريكا لم تكن في حالة خصام مع أصدقائها أبدا، ولكنها عاشت ثلاث سنوات في خصام مع نفسها بعد حرب الفيتنام، وفضيحة “ووترغيت”، غير أنه بعد خروجها من هذه الصدمة، أصبحت قادرة على تحليل أسلم وتقييم أمنع لما يدور حولها من أحداث.
وتابع الحسن الثاني تفسيره للموضوع، بأنه وقع للولايات المتحدة الأمريكية طيلة تلك السنوات الثلاث، ما وقع لكل نظام أو دولة أغفلت مدة ما بعض المواضيع الشائكة، وأكد أنها تريد أن تعوض ما فاتها من الزمن لحل أكثر ما يمكن من المشاكل ولو كانت متباينة حتى في كنهها أو حجمها، ووجه نصيحة لأصدقاء أمريكا، بأنه من الواجب عليهم أن يعرفوا ما وقع لأمريكا، وطلب منهم التماس الأعذار، وأن يسهلوا عليها المشقة حتى يمكنها أن تجد في الطمأنينة اللازمة الحل اللائق لكل مشكل.
مجرد تساؤل.
متى رُفعت القيود الأمريكية !!!؟؟؟
الحضر على استعمال الأسلحة الأمريكية في الصحراء الغربية مازال قائما.
في مقال نشره موقع “defense-arabi” يوم: ، تحت عنوان:”مجلة أمريكية: الطائرات الأمريكية المقاتلة المباعة للعرب خردة”، جاء فيه ما نصه:
” أن الحكومات العربية تتهافت لشراء طائرات مقاتلة أمريكية من طراز “إف-16” أو “إف-15” باعتبارها الأحدث والأقوى في العالم، لكن غالبا ما تكون هذه الطائرات منقوصة من الأجهزة الإلكترونية و الصواريخ الحديثة، و مرفوقة بشُوط تقيّد استخدامها” انتهى الاقتباس
في تصريح لجريدة “هسبريس” يوم:21/02/2021 ، قال الوزير السابق مصطفى الخلفي ما نصه:
“أن الاعتراف الأمريكي يتيح للمغرب استعمال السلاح الأمريكي في الصحراء المغربية” انتهى الاقتباس
غير أن بايدن أنقلب على تغريدة ترامب وأصبحت من التاريخ كما عبرت عليها سفيرة أمريكا في الجزائر، ولا تعتبر الصحراء” مغربية”.
مجرد تساؤل.
هل تخلص المغرب من الحماية !!!؟؟؟
قبل الحماية الفرنسية كان المغرب حماية يهودية منذ السلطان المريني (سلطان فاس عبد الحق الثاني) الذي عين في عام 1465 اليهودي هارون بن ستون الملقب بهارون بن بطاش وزيرا أولا، الذي عين اليهود في دواليب الإدارة والقضاء.
وبعد 1956، واصلت فرنسا حمايتها على المملكة بموجب اتفاقية “إيكس ليبان”، وشاركتها أمريكا والكيان.
بدليل فرض التطبيع على الشعب المغربي العجيز، وشرط استثمار عائدات تصدير ثروات الصحراء في الصحراء الغربية لصالح الشعب الصحراوي، بجليل التنمية التي يشهده الإقليم دون سائر الأقاليم المغربية.