بورتريه وحوار | الملك محمد السادس أحسن “رئيس دولة” في العالم
لحلو قطب الإعلاميين المغاربة يحكي عن تجربته ويصرح:
لا توجد صفة واحدة لتقديم القطب الإعلامي كمال لحلو.. فقد تقلد طيلة مساره عدة مسؤوليات توزعت بين اشتغاله في المجال الإعلامي، والرياضة، والإعلانات.. فضلا عن مسؤولياته في التسيير الرياضي، كما أنه يوجد اليوم على رأس الفيدرالية المغربية للإعلام، بعد تأسيسه لعدة مشاريع إعلامية، بداية من “المتحدي” الناطقة بالفرنسية، ومجلة “الرجل المهم” و”لالة فاطمة”، ثم الإذاعة النشيطة mfm، بل إن حكاية الرجل تمتد إلى سنة 1967، عندما حل محل “جورج سيلترز” كمراسل للإذاعة الوطنية في الدار البيضاء، كما حل محل الصحفي المعروف وقتها “أندري بنيزرا”، وربما لا يعرف كثيرون أن الحكاية تصل أيضا إلى سنة 1963، عندما التحق بالمدرسة العليا للأساتذة/ قسم التربية البدنية، ليصبح المفتش الجهوي بالدار البيضاء كلها.
إعداد: سعيد الريحاني
رفض كمال لحلو باعتباره ضيف “الأسبوع” في هذا العدد، الصادر بمناسبة عيد العرش، الدخول في لعبة التصريحات السياسية، ما جعله محاورا صعبا، فما الذي يبقى للصحفي إذا لم يكن هناك حوار في السياسة وشخصيات المسؤولين ومشاريع الحكومة ومناورات المعارضة.. ومع ذلك فمسيرة الرجل الغنية، تجعله مؤهلا فوق العادة للتعليق على بعض الأحداث الكبيرة..
فبمناسبة الاحتفال بمرور 25 سنة من حكم الملك محمد السادس، يقول لحلو في تصريح لـ”الأسبوع”: ((ما أنجزه الملك محمد السادس في 25 سنة من حكم البلاد، عمل كبير لم يسبق أن كان موجودا.. وقد سبق لي أن زرت جل دول العالم، لذلك يمكنني أن أؤكد ذلك، رغم أني لا أريد أن أعطي أمثلة.. أن المغرب “هرب عليهم” بشكل كبير.. هنا أحسن بلد في العالم، وعندنا أحسن رئيس دولة في العالم..)).
يملك لحلو قدرات توصف من طرف منافسيه بـ”الخارقة” في مجال رعاية الأنشطة الرياضية، وقد سمحت له الفرصة ليثبت ذلك عمليا – حسب قوله – من خلال ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 1983، وبعدها دورة الألعاب العربية عام 1985، والبطولة الإفريقية لألعاب القوى، وهو نفسه يؤكد اليوم أن فكرة تنظيم مونديال 2030 كانت فكرة الملك محمد السادس شخصيا، ويلخص هذا الموضوع في حكاية: ((كان هناك تنظيم لـ”السوبر كوب” الإسباني بطنجة، يوم 12 غشت 2018، وكانت المواجهة بين نادي برشلونة وإشبيلية.. وقتها أعطى جلالة الملك الأوامر من أجل استضافة رئيس الاتحاد الإسباني ورئيس الاتحاد البرتغالي لكرة القدم، وفتح النقاش حول استضافة المغرب لمونديال 2030، ولهذا أقول إن فكرة مونديال 2030 كانت فكرة الملك محمد السادس، وقد كنت حاضرا رفقة مسؤولين آخرين في مأدبة العشاء.. وقتها كان النقاش محصورا في ترشيح المغرب لمونديال 2026 بالنسبة للبعض))، يقول كمال لحلو.
طيلة مدة إجراء هذا الحوار، المنشور بتصرف، كان كمال الحلو يقوم بعدة أمور في آن واحد.. يرد على الهاتف، يصحح مقاله الذي سينشر ضمن مجموعته الإعلامية، يراجع التواريخ، ويضبط الأحداث، ويبحث عن الصور، ويسلم على ضيوفه “المقربين”، وينصت بتركيز كبير للأسئلة المطروحة.. ضيف “الأسبوع” كان شخصا واحدا مفردا بصيغة الجمع.. ويحيل في كل مرة على الأوراق التي أعدها بمناسبة عيد العرش..
يرجع الفضل لضيف “الأسبوع” في إطلاق تسمية “أسود الأطلس” على المنتخب الوطني لكرة القدم، بل يعود له الفضل في إدخال الإعلانات إلى هذا النوع الرياضي.. ((كان الجنرال إدريس باموس رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم صديقي، وكان كلما كان هناك نشاط حول الإشهار الرياضي بفرنسا، كنت أحضر، وأتذكر وقتها أنه عرض علي عن طريق سفارة أمريكا، أن أمتهن التسيير الرياضي في الولايات المتحدة الأمريكية قبيل تنظيم الألعاب الأولمبية بلوس أنجلوس، التي نظمت سنة 1984، أي قبيل الشروع في التحضيرات الخاصة بالتنظيم، وفي ذلك الوقت، اقترحت على الجنرال باموس إدخال الإشهار لمجال كرة القدم))، ثم يضيف: ((وقتها رافقت الجنرال باموس في مواجهة المنتخب المغربي لمنتخب الكوت ديفوار، في بلاده، وكان من المرجح أن يفوزوا علينا، لكن خلال تعليقي على المقابلة، قلتها بالفرنسية: Lions de l’Atlas les، “أسود الأطلس”، وقد وصفتهم كذلك لأنهم لم ينهزموا سنة 1973 في المقابلة وكانوا فعلا بمثابة أسود))..
يفضل الحلو الاشتغال في المجال الإعلامي والرياضي، بينما يفضل الابتعاد عن السياسة، لكن ذلك لا يعني عدم وجود عروض في هذا المجال.. فـ((منذ انتخابات 1976، عندما كنت مفتشا للتعليم، وبحكم اشتغالي في أنشطة المجتمع المدني وقربي من عائلات الحي ومشاكلهم، وبحكم معرفتهم لي من خلال التلفزيون، فقد طلبوا مني الترشح للانتخابات، فكنت أقول لهم “إن جميع الأحزاب أصحابي”، وكنت أصر على التأكيد على نشاطي في المجال الرياضي.. وحينما احتضنت الدار البيضاء ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وكان ينبغي نقل المباراة النهائية للملاكمة، التي شارك فيها الملاكم المغربي عبد الحق عشيق، وقد تعذر على الزملاء سعيد زدوق ومحمد ذو الرشاد ومحمد لحمر، القيام بذلك، وبحكم أني أفهم في عدة رياضات (أستاذ للتربية البدنية)، طلب مني مدير الإذاعة والتلفزة المغربية الإدريسي القيطوني، القيام بذلك.. وقد كللت المهمة بالنجاح، بعد أن أدخلت عدة عبارات حماسية بالدارجة خلال التعليق، وكنت أقول: “خويا عشيق.. صلوا على دين النبي.. ديروا الفاتحة..”، وفعلا فاز عشيق بالمقابلة، فاتصل الملك الراحل الحسن الثاني بالبطل الفائز، كما اتصل بي هاتفيا.. وقتها قال لي الملك الحسن الثاني: “هذا هو الربورتاج المغربي”، وفيما بعد تم توشيحي بوسام ملكي)).
من عالم الطرائف، يحكي لحلو: ((في أجواء المحاولة الانقلابية لسنة 1972، كان وزير الشباب والرياضة هو أرسلان الجديدي، وقتها بدأت أقدم برامج تعريفية بقواعد بعض الرياضات، مثل التنس والغولف والريكبي، ومجموعة من الرياضات الأخرى.. فتمت إضافتي إلى لائحة الوفد الذي سيذهب للألعاب الأولمبية سنة 1972 في ميونيخ، وعندما احتجوا عليه، دافع عن اختياره، وقال لهم: “أنا أضفت كمال لحلو للائحة لأنه علمني الرياضة”.. قال ذلك وهو يبتسم.
غير أن أكبر الطرائف، التي تردد صداها بين الكبار، حصلت سنة 1976، وقد كانت هناك مشاركة مغربية في الألعاب الأولمبية بمونريال، وبعد الافتتاح تم الشروع في إجراء مباريات الملاكمة، فكان هناك ملاكم مغربي مشارك هو محمد فاتحي، عن الجيش الملكي، وقتها كنت عضوا في المكتب التنفيذي للجمعية الدولية للصحافة، وكنا نجلس مباشرة وراء لجنة التحكيم، وما إن تمت المناداة على المشارك المغربي حتى بدأت التصفيقات، وكان سيواجه الملاكم ليون سبينكس، في الوزن الثقيل، وهو الملاكم الذي هزم بعدها الملاكم محمد علي كلاي، في أوج قوته، وقتها كنت أشاهد المباراة، لكن فاتحي هرب من المواجهة(..)، فقلت إنها المناسبة لأشجع المشارك المغربي أمام هذا الغول، وما هي إلا لحظات حتى سقط فاتحي بالقرب مني، فكنت أقول له مشجعا: “وا فاتحي، وا دين النبي..”، فالتفت إلي فوق الخشبة، والحكم يقوم بالعد، وقال لي: “هذا راه الحديد”، وهو فوق الحلبة، فكانت هزيمته بالضربة القاضية..)).
لم يمر اللقاء دون أن يحكي كمال لحلو عن أول لقاء دولي لألعاب القوى في المغرب احتضنته الدار البيضاء، هذا اللقاء الذي عرف مشاركة البطل العالمي المغربي سعيد عويطة، ورغم أنه يفضل عدم التحدث عن الحروب السرية لبعض اللوبيات.. فقد حكى لـ”الأسبوع” ما وقع مع مدير التلفزيون “إيساري”، الذي ((كان معينا من طرف الوزير البصري، لكنه طلب مبلغ 10 ملايين سنتيم مقابل بث هذه التظاهرة للعموم، والحال أننا أمام أربع ساعات من النقل المباشر، والتي ستمنح للتلفزيون مجانا بدل أن يقوموا بشرائها بمقابل مادي، أتذكر شخصين ساهما ماليا في إنجاح هذه التظاهرة، ويتعلق الأمر بالسي “داجيسي” المدير التجاري لـ”براسري المغرب” والسي عبد اللطيف الجواهري بصفته مدير بنك))..
بعض الأشخاص لهم مكانة خاصة عند كمال لحلو، حيث يقول: ((خدمت 10 سنوات كنائب لرئيس اللجنة الوطنية الأولمبية، مع الجنرال حسني بنسليمان، وهو أحسن إنسان من حيث المعاملات)).. ولم يفته أن يحكي قصة اعتماد الأمم المتحدة ليوم عالمي للرياضة، وهو اقتراح مغربي تقدم به لحلو في العهد الذهبي للجنرال حسني بنسليمان، وهو واحد من كبار رجال الدولة، حيث يقول: ((الأمم المتحدة كانت تريد استعمال الرياضة في خدمة السلام بين الشعوب، وكنت قد عرفت قبلها أن هذه المنظمة احتفلت بسنة 2005 كسنة للرياضة، وأتذكر أنني أخذت الكلمة في اجتماع ترأسه الأمين العام للأمم المتحدة، بان كيمون، في جنيف، وذكرت بهذا الاحتفال الذي حدث سنة 2005، فاقترحت باسم المغرب تخصيص يوم عالمي للرياضة، فصفق بان كيمون شخصيا للمبادرة، وتم أخذ الفكرة ضمن التوصيات، لكنها لم تجد طريقها للتنفيذ، ما استدعى تحركات جديدة على مستوى الجمعية التي تجمع اللجان الأولمبية، وقد عرفت وقتها أن هناك مستشارا في الرياضة يعمل إلى جانب الأمين العام، وقلت في اجتماع كبير حضره هذا المستشار، أن الأمم المتحدة صادقت على اليوم العالمي للمراحيض فكيف لا تصادق على توصية تخصيص يوم عالمي للرياضة، وقد تلقيت رسالة تفيد باعتماد هذه التوصية)).
وكانت بعض الجهات قد حاولت إخفاء هذا النجاح المغربي عن السلطات العليا في المغرب، لكن كمال الحلو كان قد توصل بالوثائق التي تفيد بذلك، وقدمها لمدير وكالة المغرب العربي للأنباء، الراحل خليل الهاشمي الإدريسي، الذي نشر الخبر.. فبهت الذين كفروا بهذا الإنجاز، ووصلت الرسالة لمن يهمهم الأمر(..).