حديث العاصمة | سلطات أعضاء الجماعة أقوى نفوذا من أعضاء الحكومة
السلطات المخولة لأعضاء مجلس الجماعة متعددة الاختصاصات منها ما هو تشريعي وتنفيذي، وما هو تشاوري واقتراحي، وبذلك فهم في حكم مقررين منفذين في حكومة محلية تدير وتسير وتقرر وتتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي، والتداول بكيفية حرة وديمقراطية وتنفذ مقرراتها ومداولاتها دون الرجوع إلى أي كان.
هؤلاء الأعضاء “الحكوميين” المحليين أقوى نفوذا وصلاحيات من أعضاء الحكومة المركزية، المراقبين من قبل البرلمان، في حين أن المنتخبين ليس عليهم رقيب ولا عليهم حدود في مناقشاتهم وامتيازاتهم ونفقات ميزانيات مجالسهم، بينما عضو الحكومة المركزية: معالي الوزير، بل رئيس الحكومة بكل سلطاته الدستورية، مجبر على الالتجاء إلى عضو مجلس الجماعة أو المقاطعة للحصول على عقد ازدياده أو شهادة تثبت أنه حي يرزق، فبهما ينجز وثائق التعريف والسفر، وبدونهما لا يمكن أبدا الحصول على أي سند يثبت وجوده كإنسان.. هذه القوة السلطوية استثناء عند عضو الجماعة أو المقاطعة، وعضو الحكومة المركزية يطلب ويلتمس من عضو الجماعة والمقاطعة رخصة لتشييد سكن أو لإصلاحه أو لهدمه، أو حتى للاشتراك في التزود بالماء والكهرباء، ونفس الوزير عليه التلطف والتواضع إن هو في حاجة إلى إصلاح عمود الإنارة العمومية في طريق بيته أو وزارته، ويطلب من العضو الجماعي خدمة هذا الإصلاح أو التخلص من مخلفات تشذيب حديقة هذا البيت أو الوزارة.
وأعضاء الحكومة المركزية يقتاتون في كل وجباتهم من أطعمة تركيبتها من خضر وفواكه ولحوم وأسماك ودواجن وتوابل وحبوب.. هي كلها من مسؤولية الجماعة توفيرها في الأسواق ومراقبة جودة المنتوج وتحديد الأسعار.
وكما أن أعضاء الجماعة المنتخبون يؤشرون على أول وثيقة ازدياد لأي كان، فهم من يكونوا خاتمي التأشير على عقد وفاته ودفن جثمانه في مقبرة تشرف عليها “الحكومة المحلية”.. وهكذا، فالإنسان منذ ولادته إلى مماته وما بينهما مكلفة به وبشؤونه جماعته المحلية وليس حكومته المركزية.
هذه هي الصلاحيات الجسيمة المنوطة بالمنتخبين وهم عنها غافلون تائهون، ربما لأنهم غير قادرين أو غير مؤهلين لتنزيلها على أرض الواقع، فالرباطيون لهم علاقة متينة أطلق عليها المشرع: “علاقة خدمات القرب” وكلف بها منتخبيهم ومتعهم بسلطات جعلت الحكومة المركزية في منأى عنها، لكن مع الأسف، “وقع ما وقع” ولا يمكن إلا إنقاذ الوضع بقانون خاص للعاصمة إنصافا لتاريخها وإكراما لأناسها المثقفين.