تحليلات أسبوعية

بين السطور | الشوط النهائي للاتحاد الاشتراكي

بقلم: الطيب العلوي

    سبق للراحل الحسن الثاني أن “لمح” للاشتراكيين، في خطابه يوم 20 غشت 1971، بالقول: “كنا دائما نقول أن اشتراكيتنا(…) ترمي إلى إغناء الفقير لا إفقار الغني.. ولكن مع الأسف الشديد، رأينا أن الفقير لم يغتن.. ولكن الغني زاد غنى.. فكبرت الهوة والشقة بين الفقير والغني”، تلميح يغني عن كل تعليق، خصوصا في وقت تتابعت فيه الأحداث، أعطى فيه من البيانات ما يكفي من المبررات..

نحن هنا اليوم للحديث عن مصير الاتحاد الاشتراكي دون الحاجة إلى الطعن في كل من تحدث عن الاشتراكية وهو غارق في كشوفات حساباته البنكية(…)، بقدر ما أن الاشتراكية الحقيقية هي إقناع الدولة بأن تنظر إلى الشعب نظرة عائلة واحدة، يأكل أولادها على التساوي، ويلبسون على التساوي، ويتمتعون على التساوي، ويتقشفون على التساوي.. يبقى كل وزير اشتراكي حقيقي عرفه المغرب(…) يعرف بدوره حق المعرفة، أنه لو لم تكن في المغرب ديمقراطية، لما كان هو وزيرا يوما في حكومته.. كما يعرف أن بلده سبق أن عرف فترة من تاريخه(…) لو سارت فيها الأمور القضائية مسارها الطبيعي، لكانت في إدانة المسؤولين إدانة لحزب الاتحاد الاشتراكي برمته..

بعيد عنا اليوم الزمن الذي لم يكن في المغرب حزب أقوى من حزب الاشتراكي للقوات الشعبية، والذي كان ذات يوم يشكل خطرا حتى على الملكية، كان له زعيم من الوزن الثقيل اسمه عبد الرحيم بوعبيد، إلى درجة أن نصحه الملك الحسن الثاني بالترشح في القنيطرة، لكن بوعبيد لم يلتزم بإرشادات ملكه، واختار الترشح في أكبر مدينة اتحادية آنذاك اسمها أكادير.. مرت الأيام على المغرب، وعلى الاتحاد الاشتراكي، إلى أن نصب الحسن الثاني زعيم الاتحاد الاشتراكي، عبد الرحمان اليوسفي، رئيسا لأول حكومة تناوب في تاريخ الدولة العلوية، وهو فرح، كان بقدر فرحه حريصا على تلك الحكومة حرص الأب على ولده الرضيع.

تتمة المقال تحت الإعلان

“مشات أيام وجات أيام”.. وها هو الاتحاد الاشتراكي يتحول إلى حزب للزعيم الخالد(..)، حيث يلبس إدريس لشكر معطف الولاية الثالثة في زمن الاندحار الاتحادي على جميع المستويات، وتشهد السنوات الأخيرة على تحولات متناقضة داخل الاتحاد من حزب تابع لحزب عزيز أخنوش في الولاء، منذ زمن “البلوكاج” الحكومي.. وصولا إلى زمن المزايدات، حيث يرفع الاتحاد الاشتراكي اليوم “فزاعة ملتمس الرقابة” ضد الحكومة، وهي فزاعة محروقة لا قيمة لها على أرض الواقع في ظل عدم الاتفاق بين مكونات أحزاب المعارضة التي خرجت لتكذب بيان الاتحاد الاشتراكي بهذا الخصوص..

أين نحن من ذلك الزمن الذي كان فيه تنظيم الاتحاد الاشتراكي غارقا في الأطر الثقافية والسياسية والمناضلين المؤمنين بالرسالة، والذين يجوبون المغرب طولا وعرضا لشرح الأفكار واستقطاب الشباب؟ من يعرف اليوم أعضاء المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي؟ من يعرف أعضاء التنظيمات الموازية.. اللهم تلك المجموعة المعروفة التي تدور في فلك إدريس لشكر، من المستفيدين الذين لا يمكنهم أن يستفيدوا في غياب الزعيم، والوصوليين الذين لا يمكنهم أن يصلوا إلا ضمن نفس المجموعة؟ وما كل شيء يقال، ولكن “الوردة” باتت محروقة ومكشوفة وقد لا تقوم لها قائمة(…).

ففي حزب المزايدات التي لا أثر لها على أرض الواقع، ينقسم الاتحاديون إلى ثلاثة أنواع: نوع لا يؤمن بالتنظيم ويكتفي بالكلام من بعيد، والنوع المنظم يحتكر المغانم السياسية ويحاول التظاهر بقيادة فارغة، ونوع ثالث لا فرق عنده بين الانتماء للاتحاد الاشتراكي أو الحركة الشعبية أو الأحرار أو “البام”.. في السياسة لا توجد صداقات دائمة، ولكن المواقف التاريخية هي التي تخلق الفرق، والتناقضات هي التي تصنع العزوف(…).

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى